واعظ بالجامع الأزهر: الشريعة جاءت بكف اللسان عن المحرمات في كل وقت لا سيما في رمضان
سلوي عثمان
عُقِدَ اليوم السبت الثالث من شهر رمضان المبارك ١٤٤٤ هـ، الموافق ٢٥ مارس ٢٠٢٣، الدرس الوعظي "رياض الصائمين"، عقب صلاة الظهر في الظلة العثمانية بالجامع الأزهر الشريف، بعنوان: "آداب الصيام وسننه".
وأكد الشيخ مصطفى خالد الواعظ بالأزهر الشريف، أن العبادات وإن كانت تصح من غير الإتيان بآدابها وسننها إلا أنها تبقى ناقصة الأجر، قليلة الأثر، ولأجل هذا الملحظ شُرعت السنن والآداب لتكميل النقص الذي يطرأ على الفرائض والواجبات.
وأكد واعظ الأزهر، في محاضرته، أن الشريعة جاءت بكف اللسان عن المحرمات من غيبة ونميمة وكذب وسَفَه وعدوان في كل وقت وحين، إلا أن الكف عن هذه الأمور يتأكد في رمضان، لمنافاتها لحقيقة الصوم والغاية منه، وفي الحديث عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: "من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل، فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه" رواه البخاري، وقال ﷺ: "إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث يومئذٍ ولا يجهل، فان سابَّه أحد أو قاتله أحد، فليقل: إني امرؤ صائم" رواه البخاري ومسلم.
وأوضح الشيخ مصطفى خالد ، أن الرفث هو: الكلام الفاحش، قال الإمام أحمد رحمه الله: ينبغي للصائم أن يتعاهد صومه من لسانه، ولا يماري، ويصون صومه، قال: وكانوا إذا صاموا - يقصد السلف الصالح - قعدوا في المساجد، وقالوا: نحفظ صومنا، ولا نغتاب أحداً، وكم من صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش، كما أخبر بذلك الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم، مضيفا: على الصائم أن يحفظ بصره عن النظر إلى المحرمات، ويحفظ أذنه عن الاستماع للغناء وآلات اللهو، ويحفظ بطنه عن كل مكسب خبيث محرم، فليس من العقل والحكمة أن يتقرب العبد إلى ربه بترك المباحات من الطعام والشراب والجماع، وهو لم يتقرب إليه بترك ما حُرِّم عليه في كل حال، من الكذب والظلم والعدوان، وارتكاب المحرمات، ومن فعل ذلك كان كمن يضيِّع الفرائض، ويتقرب بالنوافل.
واسترسل واعظ الأزهر: ويُسْتَحب للصائم بذل الصدقة للمحتاجين من الفقراء والمساكين، وفي الحديث عن عائشة رضي الله عنها أنه ﷺ: كان أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان، فَلَرَسول الله ﷺ أجود بالخير من الريح المرسلة" رواه البخاري ومسلم، مضيفا أنه من السنن المشروعة في الصيام، تناول السحور وتأخيره، لما في ذلك من عون على صيام النهار، قال ﷺ: "تسحروا فإن في السحور بركة" رواه البخاري ومسلم.
وأشار إلى أنه يُستحب أيضا للصائم تعجيل الفطر لقوله ﷺ: "لا يزال الناس بخير ما عجّلوا الفطر" متفق عليه، وأن يفطر على رطبات إن تيسر؛ لحديث أنس رضي الله عنه قال: "كان رسول الله ﷺ يفطر قبل أن يصلي على رطبات، فإن لم تكن رطبات فتمرات، فإن لم تكن تمرات حسا حسوات من ماء" رواه الترمذي.
وأكد أنه من الأمور المسنونة للصائم الدعاء عند فطره، وفي الحديث: "ثلاثة لا ترد دعوتهم - وذكر منهم - والصائم حين يفطر" رواه الترمذي، وثبت عنه عليه الصلاة والسلام عند الإفطار قوله: "ذهب الظمأ، وابتلت العروق، وثبت الأجر إن شاء الله تعالى" رواه أبو داود، مشيرا إلى أن وبهذا يتبين أن حقيقة الصيام ليست مجرد الإمساك عن المفطرات الحِسِّيَة فحسْب، فإن ذلك يقدر عليه كل أحد، كما قال بعضهم: "أهون الصيام ترك الشراب والطعام"، ولكن حقيقة الصيام ما أخبر عنه جابر رضي الله عنه بقوله: "إذا صمتَ، فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمآثم، ودع أذى الجار، وليكن عليك وقار وسكينة يوم صومك، ولا تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء".