عاجل
الثلاثاء 19 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
فلسفة الأخلاق .. طبيعتها وخصائصها (1-10)

سلسلة مكارم الأخلاق..

فلسفة الأخلاق .. طبيعتها وخصائصها (1-10)

حاجتنا ملحة إلى إحياء قيمنا التي انسحقت، أو أوشكت على الانسحاق، في ظل المتغيرات الكثيرة والمتلاحقة التي يعيشها إنسان العصر.



تدنٍّ قيمي، انهيار أخلاقي، عبثية، فوضوية، لامبالاة، عدم احترام الصغير للكبير، عدم عطف الكبير على الصغير ومعاملته كإنسان، أصبحنا نعيش في غابة مستوحشة، القوي ينقض على الضعيف، الغني يحاول بشتى الطرق أن يزداد غنى، لا يهمه الآخر، مصلحتي فقط، أنانية مفرطة على حساب الغير.

 

الرذائل والموبقات المهلكات في كل مكان، تحرش، اغتصاب، قتل وسفك أرواح بغير حق حرم الله قتلها، بلطجة وسباب بأقبح الألفاظ التي يندى لها الجبين.

 

طبعا لكل قاعدة شواذ، لذا أقول إلا ما رحم ربي.

 

حاجتنا باتت ملحة للأخلاق والعود الأحمد إلى أخلاقنا وقيمنا الراسخة، إلى فطرتنا الحقيقية التي فطرنا الله تعالى عليها، فطرتنا الخيرة التي لوثتها محدثات الأمور.

 

لكن لا نعيب زماننا، وإنما نعيب أنفسنا، نحن الذين حدنا عن الجادة وانجرفنا مع التيار دونما وازع داخلي ولا رقيب يقول لك هذا خطأ لا تفعله، هذا صواب فتمسك به وعاينه وسر في ظله الظليل.

 

ألا نجلس مع أنفسنا ولو حتى هنيهة كل يوم لنحاسب أنفسنا، ماذا فعلنا ولماذا؟! ما سبب الانهيار الخلقي الذي تعرضت له القيم، ولا تعيب على متغيرات العصر، أو الظروف الملحة، ظروف الحاجة والفاقة هي التي جعلتنا هكذا.

 

حاجتنا باتت ملحة لإحياء قيم الحق، لأن الحق هو الذي يقودك إلى الفلاح، الخير، غايتنا القصوى، نعرف مفهوم الخير، الذي هو كل فعل يقود صاحبه إلى الفضيلة، نعرف مفهوم الشر، الذي هو كل فعل يقود الإنسان إلى الرذيلة، فإذا ما علمنا هل سنلتزم، عرفت فالزم فعل الجميل.

 

ميّز الله تعالى الإنسان بميزتين مهمتين، ميزة العقل والإرادة، فهو يشارك الحيوان أعزكم الله في مأكله ومشربه ونفسه وتكاثره وكذلك النبات، إلا أنه يتميز عنهما بالعقل ميزان الجسد، والإرادة التي هي تدفع الإنسان، إما أن يسير ناحية الخير، أو يسير ناحية الشر متحملًا تبعة اختياراته، ومن هذا المنطلق جاءت عبارة أرسطو الشهيرة: الإنسان حيوان ناطق عاقل اجتماعي ينفر من حياة العزلة مدني بطبعه، وإذا كان ذلك كذلك فإنه بالضرورة سيكون أخلاقيا أو لاأخلاقيا، أو أفعاله نحكم عليها أنها أكثر أخلاقية، أو أكثر لا أخلاقية.

 

إذا ما أردنا حقًا ترتيب وإعادة بناء منظومة الأخلاق، لا بد أن نرتب البيت من الداخل أولا، بمعنى أن نهتم بالإنسان، نفتش عن أسباب قلقه، أسباب انهياره، ما الذي جعله يفقد هويته وذاتيه، ويصبح عبدا ذليلا لشهواته، لماذا أصبح فريسة للهوى، لماذا غيب عقله وخدره وخادره، ما الذي وصل به إلى حالات اليأس التي نراها ونشاهدها كل يوم.

 

إعادة البناء تحتاج إلى بناء ماهر، فلا يكون هناك بناء أنيق ومهندس بطريقة تنشرح لها الصدور إلا من خلال مهندس ناجح، وهندسة الإنسان وإعادته للجادة تحتاج إلى غواص ماهر يغوص في النفس الإنسانية ويتعمقها متسلحًا بهدفه الذي يسعى إليه، هذا الهدف هو الوصول بالإنسان إلى بر الأمان، بر الطمأنينة والاستقرار والهدوء النفسي، الذي إذا ما تحقق سنعود سيرتنا الأولى، سنعود إلى قيمنا الجميلة وأخلاقنا الحميدة التي هي فطرتنا التي فطرنا خالقنا عليها، فطر الخير لأنه تعالى خير ولا يحب لنا إلا الخير.

وللحديث بقية.

نتابع.....…

 

أستاذ الفلسفة الإسلامية – آداب حلوان  

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز