د. أميرة جميل الطلياوي تكتب : نصائح لكبار السن خلال شهر الصيام
بوابة روزاليوسف
في مثل هذا الوقت من كل عام ومع اقتراب شهر رمضان أعاده الله علينا وعليكم بالخير واليمن والبركات، يتبادر إلى ذهن كل كبير و ذويه سؤال عن الصيام و مدى قدرته أو مدى حكمة صيامه في هذا العام، و الصيام ليس فقط أمر إلهي وشعيرة هامة من شعائر الدين و لكنه أيضاً له بعد عاطفي لدي كبار السن فهو عادة اعتادوها على مدار عقود و تكونت حوله تقاليد أصبح لها مكانة خاصه لديهم، كما أن الصيام شعيرة مرتبطه بالقدرة الجسدية وهنا دافع آخر يدفع الكثيرين من الكبار إلى الحرص علي الصيام؛ لأن في إتمامه إنجاز ربما لا يدركه الناس في شبابهم وكهولتهم، والصيام بذلك معلم من معالم العام والحياة، متى أنجزه الكبير، اطمئن إلى أنه ما زال بخير.
الصيام إذن في الكبر هو أكثر من شعيرة دينيه، ولذلك يأخذ السؤال: أصوم أو لا أصوم حساسية فريدة وثقل خاص لا يعرفه إلا من دأب له التعامل مع الكبار وأدرك تحديات السن وتقدمه، وخطورة السؤال تكمن في احتمال ان تكون الإجابة : لا أصوم.... فهو حكم بانتهاء طقس قد لا يعود إليه أبدا، وحكم اخر بتراجع المقدره، لذلك يجب على ذوي المسن ومحبيه ادراك ذلك الثقل وتلك الحساسيه إذا هموا إلى مشورته
لا شك أن الصيام ذا فوائد كبيره، منها الجسدي ومنها النفسي، فالصيام يقلل من مقاومة الأنسولين ويقلل من الالتهابات العامه المزمنه بالجسد ويحسن من صحة القلب عن طريق التحكم في الدهون وضغط الدم والوزن وهي كلها فوائد عظيمة ولكنها شريطة ان يتم إقرانها بنمط غذاءٍ صحىٍ بعد الإفطار
وللصيام فوائد نفسية، فهو يعزز من قدرة الإنسان على الانضباط والتحكم في النفس في وجه غرائزه الأساسية، ويبدل من طبيعة اليوم الذي تدور عاداته حول الطعام والشراب فننتبه إلى ما اطمئننا له طوال العام ونعيد حساباتنا و نفهم بعمق ما قاله السيد المسيح انه ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان، و اذا ما أضفنا المتعة الروحية للعبادة في الشهر الكريم، أدركنا سبب تلك الفرحة الكبيرة التي تصيب الناس مع اقترابه والحرص على إحيائه
ومع كل الفوائد السابق ذكرها، فللصيام مخاطره علي الفئات الأضعف مثل المرضي والأطفال وكبار السن، وعلى رأس تلك المخاطر التي تحف بكبار السن خاصة: الجفاف، وذلك وان الكثيرين منهم يجد صعوبهً كبيرهً في تعويض ما فقده من السوائل أثناء الليل، الأمر الذي قد يؤدي لعواقب كثيره اخطرها السقوط، والأمر الآخر هو سوء التغذيه الذي قد ينتج عن عدم قدرة المسن على احتمال الوجبات المتوازنة المطلوبة للحفاظ على الكتلة العضلية والصحة العامة بعد صيام طويل أو لا يمكنه السهر فتره كافيه تسمح بتقسيم تلك الوجبات على ساعات متعددة، هنا يكون الكبير خاصة من يعاني منهم من هزال عرضه لأن تسوء حالته
فكيف اذاً نجيب عن هذا السؤال الثقيل : أصوم أو لا أصوم؟.
-الاجابة عن هذا السؤال يحتاج إلى الإجابة عن أربع أسئله آخرين؟ وهم :
-هل أستطيع انا كمسن إمداد جسدي بما لا يقل عن لترين من الماء أو السوائل غير المنبهه في فترة الليل؟
- هل أستطيع إمداده بما يحتاج من بروتين ونشويات ودهون وفيتامينات خلال ساعات الإفطار؟
-هل أستطيع تناول أدويتي الضرورية دون اضطراري لأن أفوّت جرعة؟
- وأخيراً هل أستطيع أن أنعم بقسطاً كافياً من النوم يجعلني قادراً على مباشرة احتياجاتي الأساسية بالنهار دون مساعدة؟
إذا كانت الإجابة عن الأربع أسئلة السالف ذكرهم بنعم، فيمكن للمسن الصيام مع متابعة حالته أثناء الصيام والانتباه لأي أعراض قد تطرأ مثل الدوار أو اختلال التوازن أو عدم التركيز
وهنا أريد أن أطرح حلا وسطا بين الصيام وعدم الصيام، قد يكون فيه نفعٌ للكثيرين ممن لديهم القدرة على الصيام ولكن ببعض المشقة في تناول كافة احتياجاتهم من ماء وغذاء ودواء ونوم وهو؛ صيام بضعة أيام على حسب قدرتنا ثم التوقف لبضعة أيام نعوض ما نقص في أيام الصيام ثم العودة إلى الصيام مرة أخرى
أما من يصعب عليه الصيام تماماً فهو بحاجة إلى التذكير بأن الله قد تجاوز عن الذين يطيقونه وأن٠ في رمضان متسع للعبادة والذكر وقراءة القرآن
وكل عام وأنتم بخير وصحة وسلامة هانئين بالشهر الكريم مقتطفين من بساتينه المتنوعة.
د. أميرة جميل الطلياوي - استشاري طب المسنين و علوم الأعمار