الجامع الأزهر: ما أحوجنا لأن يكون القرآن الكريم أسلوب حياة يحيا فينا ونحيا به
سلوي عثمان
عقد الجامع الأزهر، ملتقى "شبهات وردود" الذي يعقد كل ثلاثاء لمناقشة القضايا التي تهم الأمة الإسلامية، والذي جاء هذا الأسبوع تحت عنوان "آداب التعامل مع القرآن الكريم"، وذلك برعاية كريمة من فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، وبمتابعة الدكتور محمد الضويني وكيل الأزهر، وبإشراف الدكتور عبد المنعم فؤاد المشرف العام على الرواق الأزهري، والدكتور هاني عودة مدير عام الجامع الأزهر.
وأكد الدكتور مجدي عبد الغفار رئيس قسم الدعوة والثقافة الإسلامية السابق بكلية أصول الدين بالقاهرة، أن الجامع الأزهر بقيادة فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، منذ تأسيسه وهو يولي القرآن الكريم اهتماما خاصا، ويؤصل في حث المسلمين على الاعتناء به والتأدب معه، مضيفًا أن هناك عدة محاور يجب الحديث عنها في رحاب الجامع الأزهر، أولا: قدرك في القرآن ومكانتك فيه، فبقدر مكانته فينا تكون مكانتنا فيه"، فمكانة القرآن في نفوسنا وقلوبنا لا تتمثل في التلاوة فقط ولا تلاوة الأوراد فقط، بل جاء القرآن لنحيا به ، فلا حياة لنا إلا بكتاب ربنا، لذلك الله تعالى اخبرنا في كتابه فيقول: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ".
وأضاف د.مجدي عبد الغفار ، خلال كلمته بملتقى "شبهات وردود"، بالجامع الأزهر الذي يعقد تحت عنوان "آداب التعامل مع القرىن الكريم"، أن قضيتنا مع كتاب ربنا تتمثل بداية كيف تكون عند التلاوة، فكم من قارئ يتلو بلسانه وبحضور بدنه وبغياب روحه، فهو يتلو الآيات لكن ما غاب عنه من مفاهيم الآيات هو الملف الحقيقي للحسنات، فأسمعها لغيره وحجبها عن نفسه، قال تعالى: إنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتابَ اللَّهِ وأقامُوا الصَّلاةَ وأنْفَقُوا مِمّا رَزَقْناهم سِرًّا وعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجارَةً لَنْ تَبُورَ"، موضحا : لذلك في قول الله تعالى: يتلونه حق تلاوته"، فالتلاوة هنا مع الدقة في الآداء ومع الدقة في العطاء في الحفظ والحافظين، لكننا في حاجة خاصة إلى تلاوة إعمال لا تلاوة إهمال، نحن في حاجة إلى ان نعمل بهذه الأيات وأن يكون لك من وردك اليومي محاسبة مع الورد.
وحث رئيس قسم الدعوة والثقافة ، المسلمين على ان يستعينوا على طول المسافات في المواصلات بورد من الآيات القرآنية، وأن يستعينوا على مشقة الانتظار وطول الأوقات بالتلذذ في القراءة بالآيات، فلابد للإنسان أن يكون له ورد يومي، وأن يجعل له محاسبة مع الورد، وأن يكون له دفتر للنواهي ودفتر للأوامر، وأن يسجل خلال قراءة الورد جميع الملاحظات التي تواجهه أثناء القراءة، لافتا إلى أن من لم يقم بتدبر الآيات فهذا يكون تلاوة إهمال وليس تلاوة إعمال، مطالبا الصائمين بأن يختموا القرآن في رمضان ختمات تدبر وإعمال .
وشدد على أنه لا اطمئنان للقلوب إلا بقراءة القرآن بتدبر وإعمال، مؤكدًا ضرورة أن يتغير الإنسان بكل ما يقرأ من قرآن، فمن يقرأ آيات الصدق يجب أن يكون صادقا، وأن يتصف بهذه الصفات التي اتصف فيها الصادق الأمين صلى الله عليه وسلم، فما أحوجنا إلى التغير والتدبر والفهم والعمل بكل هؤلاء من خلال قراءة القرآن الكريم، سواء في رمضان أو في غيره.
من جهته ، قال الأستاذ الدكتور حبيب الله حسن، أستاذ العقيدة والفلسفة بكلية أصول الدين ، جامعة الأزهر بالقاهرة، إن شهر رمضان هو شهر احتفاء بالقرآن الكريم، وقد شرف الله شهر رمضان بذكره في القرآن الكريم وذكر أفضليته بأنه أنزل فيه القرآن، مضيفا أن أفضل استقبال لشهر القرآن بالقرآن، وأنه قرآن رب العالمين لجميع العالمين، فقد جاء للعربي القرشي ، وللعربي بعد نزوله لمن تعربوا، وجاء أيضا لمن لم يعرف العربية، ولذا جاء القرآن للعرب والعجم ، مضيفا: والسؤال: كيف يستقبل المسلمون القرآن الكريم ؟ فالإنسان بشتى توجهاته ودرجات معرفته به تكون بالقراءة والاستماع.
وأضاف د.حبيب الله حسن، أن الكفار تفننوا في منع وصول سماع القرآن للناس حتى لا يسلموا، فوصف الله موقفهم بقوله: "لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا القُرْآنِ والْغَوْا فِيهِ"، مؤكدًا أن القرآن الكريم يؤثر فيمن يسمع ومن يستمع للقرآن الكريم، ولذا على المسلم أن يتعايش مع القرآن قراءة واستماعا ، ثم التدبر والعمل بأحكامه ومحكماته وتطبيق ما فيه من سلوكيات ومعاملات وعبادات، حتى يكون الإنسان قرآنيا، مستشهدًا بما حدث من الكفار في عهد النبي ﷺ في التصدي لسماع القرآن الكريم حتى لا يسلم صناديق قريش، لما له من تأثير كبير في نفوس الناس.
وأوضح أن كل عبد مسلم مهما كان مستواه العلمي أو مستوى فهمه لمعاني القرآن، أو كان عربيا أو أعجميا سينال حظا من القرآن الكريم ، طالما يستمع ويعلي من شأن القرآن الكريم، لافتا إلى أن القرآن صالح لكل زمان ومكان ، ولم يفرط في شيء وجاء ليجيب على جميع تساؤلات البشر، مؤكدًا أن القرآن معطاء للناس جميعا، فيفيد الفلاح ويفيد الأطباء ويفيد الصناع ويفيد التجار ويفيد كل البشر.
وفي نهاية الملتقى، فتح الأستاذ سعد المطعني المدير السابق لإذاعة القرآن الكريم، مدير الملتقى، باب الحوار بين الجمهور والعلماء، ليرد العلماء على جميع التساؤلات مما لاقى قبول الجمهور، معربين عن سعادتهم في التواجد في رحاب الجامع الأزهر وبين يد علمائه الكبار.