عاجل
الأربعاء 6 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي
محمد عبدالنور.. عطاء حياة ورحيل هادئ

محمد عبدالنور.. عطاء حياة ورحيل هادئ

بلا سابق إنذار، غادرنا إلى دار البقاء، في هدوء بلا ضجيج، وكأنه قُدر له أن يرحل دون أن يُقلق محبيه، ليكون مشهد الرحيل هادئًا كمشاهد حياته الزاخرة بالمحبة والتفاؤل والعطاء.



 

وفي هدوء أيضًا، ودّع محبوبته دون أن يدري أنه على موعدٍ مع القدر، في الليلة الأخيرة السابقة ليوم رحيله، زار بيته "روزاليوسف"، الذي نشأ وأنفق بين أروقته وجنباته معظم سنوات عمره، وحُفرت فيه ذكرياته.

 

وعكة صحية سريعة لم تدم ساعات، حتى فاضت روحه لبارئها، ليأذن خبر الانتقال إلى دار البقاء، لمُحيط مشاعر الحب والتقدير أن تفيض، بشهادات وذكريات أصدقائه وتلاميذه ومحبيه ومن اقتربوا منه في رحلته القصيرة في تلك الحياة.

 

عرفته منذ أن وطئت قدماي بيت روزاليوسف العريق، أغسطس 2005م، كان أحد أربعة مديري تحرير جريدة روزاليوسف اليومية، تحت قيادة أستاذنا القدير عبدالله كمال، رحمهم الله جميعًا.

 

كان في مقدمة مديري التحرير الأستاذ حازم منير - رحمه الله- شعلة من النشاط، يضع سماعات الهاتف في أذنه، يتحدث مع المصادر، يتأكد من دقة ما يَرد إليه من أخبار عبر المحررين، يوجه بالتكليفات في بيئة عمل تتسارع فيها الأحداث.

 

بينما كان الأستاذان طارق حسن ومحمد حمدي- رحمهما الله- أكثر هدوءًا، يعقدان الاجتماعات لسماع مقترحات الأقسام من رؤسائها، بعد اجتماعهم بزملائهم المحررين.

 

فيما كان الأستاذ محمد عبدالنور- رحمه الله- الأكثر هدوءًا وأقلهم اشتباكًا مع أجواء العمل الملتهبة، في سنوات من عمر المهنة، تزايدت فيها استقطابات السياسات التحريرية، والتنافسية بين الصحف اليومية.

 

كان بشوشًا، يُشرف على الصفحات الفنية والمتخصصة، ينادي بابتسامة لا تفارق جبينه على الزميل الذي يريد أن يراجعه في محتوى مهني أو يوجهه بإنجاز موضوعات، بكل هدوء وتفاؤل، يمنح المحرر الشاب ثقة في نفسه، وقدرة على العمل خارج الضغوط.

 

كان محبوبًا من فريق العمل، ومن رئيس التحرير الأستاذ عبدالله كمال رحمه الله، وكان أول من تَرقى من مديري التحرير، بتوليه رئاسة تحرير مجلة صباح الخير، فهو ابن تلك المجلة العريقة، فيما تولى الأستاذ طارق حسن، رحمه الله، في نفس التغييرات، رئاسة تحرير الأهرام المسائي، فهو بالأساس ابن من أبناء الأهرام.

 

كان رحمه الله دمث الخُلق، هادئ الطباع، بشوش الوجه، طيب القلب، يميل دائمًا إلى السلام، ينأى بنفسه عن الصراعات، يسامح من يسيء إليه، والأهم أنه مُحب للشباب، داعم لضخ دماء جديدة في شرايين الإصدارات، نفذ ذلك فور توليه رئاسة تحرير صباح الخير، فاتحًا الباب لشباب متميز،  معظمهم اليوم أسماء مهنية لامعة، سعيًا لتحقيق شعار المجلة، «قلوب شابة وعقول مُتحررة».

 

بعد حصوله على ليسانس اللغات والترجمة، التحق عبدالنور بالعمل الصحفي، في مجلة صباح الخير، وبعد سنوات حصل على عضوية نقابة الصحفيين، وعمره 28 عامًا، كان ذلك عام 1988، ليواصل تَرقيه في بلاط صاحبة الجلالة، إلى أن ترأس تحرير مجلة صباح الخير، محققًا تجربة قصيرة لم يُمكّن من إتمامها بتغيير القيادات 2011.

 

لكنه واصل عمله كاتبًا للرأي حتى قبل أيام من رحيله، ورئيسًا لعدد من البرامج التليفزيونية بقنوات اتحاد الإذاعة والتليفزيون، ليظل ممارسًا لمهنته حتى آخر لحظات في حياته.

 

يرحل البشر ويبقى الأثر، حقيقة أكدها فيض المشاعر، التي غمرت مواقع التواصل الاجتماعي من محبيه، حزنًا على رحيله، وبكاء مودعيه من أبنائه الذين استقبلهم في جريدة روزاليوسف، والذين أتاح لهم الفرصة في صباح الخير، أو عملوا معه قبل ذلك، وبعد تركه مقعد رئاسة التحرير.

 

رحم الله الأستاذ محمد عبدالنور، أحد أبناء جيل الوسط البارزين في مدرسة روزاليوسف، وأسكنه الله فسيح جناته، وألهم زوجته الإعلامية القديرة هالة حشيش وابنته سوزانا، وتلاميذه ومحبيه وذويه الصبر والسلوان.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز