محمد هيبة
تعديلات قانون الرياضة
أخيرًا وبعد طول انتظار ومطالبات، تجري الآن مناقشات لعدة مشروعات لتعديل قانون الهيئات الرياضية الحالي، الذي تقدمت بها عدة جهات، منها الحكومة، عن طريق وزارة الشباب والرياضة ولجنة الشباب بالبرلمان، وأيضًا مشروع مقدم من عضوين من مجلس الشيوخ.
والحقيقة أنني انتقدت بشدة القانون الحالي بعد صدوره، وبعد صدور لائحته التنفيذية، ووضعه موضع التنفيذ؛ ليكون الحكم عليه وعلى مواده صحيحًا لبيان ما فيه من ثغرات، والأهم أنني طالبت الوزير د. أشرف صبحي بأن تكون تعديلات القانون هي الأولوية الأولى له بعد توليه الوزارة، ولكن للأسف ظلت الأمور كما هي طوال الأربع سنوات السابقة، والتي شهدت أزمات ومشاكل رياضية عديدة نتيجة لقصور مواد هذا القانون المهترئ تماما، والذي كان أسوأ ما فيه أنه غل يد الدولة تماما من الإشراف وإدارة المنظومة الرياضية ككل، بدعوى تعرض ذلك مع الميثاق واللوائح الرياضية الأولمبية والدولية، وأيضًا قوّض مراقبة الإدارة الرياضية على الأموال التي تقدمها الدولة دعمًا للرياضة المصرية في المحافل الدولية.
وقد كان أول عيوب وقصور مواد القانون الحالي، التي يجب أن تعدل فورا، هو إعطاء الحق لكل هيئة رياضية أو نادٍ رياضي الحق في وضع لائحته الخاصة به وبنشاطه وفق اللائحة الاسترشادية، التي وضعتها اللجنة الأولمبية، وهو جعلنا نرى العجب في اللوائح التي خرجت عن هذه الهيئات، فهناك هيئة ألغت بند الثماني سنوات وأخرى أقرتها، وهيئة أخرى وضعت تشكيل مجلس الإدارة من رئيس واتنين، وأخرى نائب واحد، فقط، بل إن تشكيل مجالس إدارات هذه الهيئات اختلف في كل هيئة عن الأخرى، فتحولت اللوائح إلى "سمك لبن تمر هندي"، بل والأدهى وأمر، أن هناك هيئات حاولت أقرأ تعديلات لوائحها أكثر من مرة وفق مصالح القائمين عليها، ليظلوا في إدارة هذه الهيئات فتحوّلت الأندية والاتحادات إلى عزب وتكايا للقائمين عليها، لذا لا بد من وجود لائحة نموذجية موحدة للهيئات الرياضية، ومن خلالها نضع الأطر العامة والخطوط العريضة، التي لا يمكن الخروج عنها، مع إعطاء بعض المرونة في بعض الهيئات لتضع بنودها الخاصة، بما يتناسب مع خصوصيتها وميثاقها الدولي.
أيضًا القانون الحالي أعطى سلطات واسعة للجمعيات العمومية للهيئات الرياضية، دون أن يعطيها الأدوات اللازمة لهذه السلطات وهذه الصلاحيات والنتيجة أن الجمعيات العمومية للأندية والاتحادات الرياضية فشلت تمامًا في محاسبة مجالس الإدارات، بل إنها لا تنعقد أساسًا لعدم اكتمال النصاب القانوني، كما أن وجود رقابة الجهة الإدارية، أصبحت للأسف رقابة شكلية تنم عن ضعف الجهة الإدارية نفسها وقد شهدنا بأنفسنا تجاوزات كثيرة ومخالفات جسيمة في انعقادات هذه الجمعيات العمومية، سواء في الانتخابات أو غيرها ولم تحرك الجهة الإدارية ساكنًا حتى في المخالفات التي تستوجب حل مجلس الإدارة، والذي قد يعود بحكم المحكمة إذا ما تم حله نتيجة قصور الإجراءات من الجهة الإدارية المختصة.
والحقيقة أن هناك اتفاقًا تامًا على ضرورة إجراء هذه التعديلات وخروجها إلى النور في أقرب وقت وقبل انتهاء الدورة البرلمانية والمقترحات المبدئية تدور حول استبدال ٢٢ مادة من القانون الحالي، وكذلك إلغاء ثلاث مواد وأيضًا استحداث ما يقرب من ١٤ مادة جديدة وتدور معظم هذه التعديلات حول إعادة الصلاحيات للحكومة والإدارة الرياضية، ممثلة في وزارة الشباب والرياضة بطريقة تعيد للدولة دورها في المجال الرياضي، طالما هي التي تدعم هذا النشاط وتموله، وفي الوقت نفسه تمنع أن يكون هناك تدخل حكومي في النشاط الرياضي الأولمبي، وهذه دائمًا الفزاعة التي يلجأ إليها المنتفعون وأصحاب المصالح ومحترفي الانتخابات لمنع تدخل الإدارة الرياضية بالعقوبات بالتجميد أوالحل نتيجة مخالفات أو خروج عن الخطوط العريضة وأيضًا معالجة أوجه القصور الواضحة والعقبات، التي تواجه وتعوق مركز التسوية والتحكيم في مهامه، والتي كشفت عنها الممارسات والتجربة العملية، خلال تطبيق مواد القانون، بما يمنع اللجوء إلى المحاكم القضائية، وهناك العديد والعديد من أوجه القصور تحاول التعديلات أن تتلافاها.
ونتمنى فعلًا من كل الجهات المنوط بها الموافقة على هذه التعديلات، أن تخرج للنور في أقرب وقت لضبط المشهد الرياضي ككل.