فن الدبلوماسية ووسائل الإعلام الاجتماعي «1»

تنفرد الدبلوماسية بالقرن الماضي بعلمها ونظرياتها وإعلامها الخاص بها، ضمن قنواتها الصحفية المخصصة لها بعيدًا عن الظهور أمام الجمهور وعامة الناس. ولكن الطفرة التكنولوجية التي وضعت المواطن البسيط رجل الإعلام والمراسل الأول في الشارع والذي ينافس وكالات الأنباء من ناحية سبق الحدث والمحتوى (مرئي أو مسموع). وقبل التطرق إلى مقال اليوم حول أهمية الإعلام الاجتماعي في حياتنا اليومية وكيفية تأثيرها على بعض القرارات الاستراتيجية والتكتيكية للدولة، نعرج على تعريف الدبلوماسية وإعلامها.

يُعرَّف علم الدبلوماسية بأنه «أداة الدولة في المحيط الخارجي»، والدبلوماسية هو مصطلح يعود إلى العصر اليوناني الحديث، وهي «خزينة الوثائق والمعاهدات التي تبرم بين جهتين والوثيقة أو الورقة المطوية المبرمة بين طرفين». وفي العصر الحالي انتشرت الدبلوماسية كجزء من العلاقات الدولية التي تربط الدول معًا، وتشمل كافة الالتزامات المتبادلة بين دولتين تتمتعان بالاستقلال، لتصبح الدبلوماسية جزءًا مُهمًّا من السياسات الدولية وأساسًا من أعمدة التعامل بين شعوب العالم، ومن أهم واجباتها ومهامها تعزيز العلاقات بين الدول، والتي تُبنى على العديد من المجالات التجارية والزراعية والتعليمية.. وغيرها، ومشاركتها الدول في المناسبات التي تحدث فيها، كالأعياد الوطنية وتشكيل تحالفات بين مجموعة من الدول كإبرام اتفاقيات الدفاع المشترك.

لم تعد مهنة الصحافة والإعلام حكرًا على العاملين في وسائل الإعلام؛ حيثُ سمحت الطفرة التكنولوجية الحديثة مشاركة المواطنين العاديين الذين لا يملكون الخبرة في طريقة نقل الحدث، وحتى استخدام الكاميرا وفق المعايير المتعارف عليها في هذه المهنة، إلا أنهم أكثر انتشارًا الآن والتي يصطلح البعض على تسميتها أيضًا بوسائل الإعلام الاجتماعي باستخدام وسائل (فيسبوك ويوتيوب وإنستجرام وتويتر.. وغيرها). يُعرَّف الإعلام الاجتماعي بأنه «وسيلة تبادل الحدث أو المحتوى بين المواطنين، سواء كانت بواسطة (الصور، الفيديو، الخبر المكتوب، مدونات فيديو، تبادل الموسيقى والصوت) عبر شبكة الإنترنت دون رقابة رسمية وأكاديمية».

مصطلح الإعلام الاجتماعي يشير إلى استخدام تكنولوجيات الإنترنت (الهاتف أو جهاز لوحي «لابتوب») لتحويل التواصل أو الإعلام الاجتماعي إلى حوار تفاعلي ضمن حدث ومحتوى جديد (إعلامي أو معلوماتي)، من ضمنها: المجلات والصحف الإلكترونية، المنتديات، المدوَّنات، مواقع الويكي عالية السرعة والمُتاحة لجميع الأفراد للمشاركة في تدوين المعلومات أو التعديل عليها. إن وسائل الإعلام الاجتماعي لها العديد من الإيجابيات والسلبيات، فمن إيجابيات وسائل الإعلام الاجتماعية فتح قنوات جديدة لنقل المعلومات بسرعة قياسية لمزيد من المعلومات والبيانات، على عكس المؤسسات والإدارات الإعلامية التي تأخذ وقتًا طويلًا لتحرير خبر ما، الأمر الذي كان يُعيق وصول معلومات كثيرة إلى الناس والجماهير بالوقت المناسب. وكذلك من إيجابيات الإعلام الاجتماعي أنها تتيح لمستخدميها إمكانية تطوير الذات وتوسيع الأفكار وتطوير المهارات، بالإضافة إلى اكتساب مهارات التواصل والحديث عبر تلك المواقع، وفهم الكتابة الصحيحة والتعبير المناسب، والتعرف إلى الآخرين بمختلف العادات والتقاليد والأجناس. أما سلبيات الإعلام الاجتماعي فهي عدم خضوعها لسياسة تحريرية احترافية ومهنية ورقابية، كما هو الحال في الإعلام الحكومي أو القنوات الإعلامية الأهلية، حيث يمرُّ الخبر بعدَّة مراحل، للتأكد من صحته ثمَّ التحرير لإخراجه بلغة جيدة وبطريقة متسلسلة ومترابطة، على عكس مواقع الإعلام الاجتماعي التي تبث المحتوى بغضِّ النظر عن طبيعته في ذات اللحظة، أو بعد فترة قريبة من حدوثه بشكلٍ غير دقيق لغويًا وعدم مراعاة أخلاقيات النقل الإخباري. فمن أخلاقيات العمل الصحفي عدم بث صور لأشخاص في وضع إنساني حرج، الأمر الذي تجد فيه وسائل الإعلام الاجتماعي وجبة إخبارية ساخنة، وهي غالبًا ما تشعل هذه المواقع بالردود والإعجاب. وهذا ما يفسر بالتعدي على أصحاب مهنة الصحافة.

إنَّ مواقع التواصل الاجتماعي لها دور فعَّال بإسهاماتها الكبيرة في تناقل الخبر، وهو ما تتابعه بدقة البعثات الدبلوماسية الخارجية في الدولة المضيفة وإن كانت غير صحيحة أو دقيقة، ولكن هناك غرفة التحليل المعلوماتي في كل بعثة للتأكد من صحة المعلومة أو عدم وجودها لغرض اعتمادها من عدمه.

الرئيس التنفيذي للأكاديمية الدولية للدبلوماسية والإتيكيت