عاجل
الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

رسالتي هي نشر التذوق الموسيقي والجمالي بين الجمهور

عاشقة الهارب الدكتورة أميرة حامد: الهارب آلة مصرية قديمة والعزف أمام الرئيس له رهبة

الدكتورة أميرة حامد
الدكتورة أميرة حامد

شغفي الموسيقي بدأ منذ نعومة أظافري



آلة الهارب تعرضت للاندثار وتطورت في أوروبا

أعزف بدار أوبرا القاهرة منذ 20 عامًا

دراسة الإعلام أصقلت شخصيتي وثقافتي وطوّرت مهاراتي في التواصل مع الجماهير

الهارب عادت إلى بيتها بأيدي أولادها

العزف الموسيقي أمام الرئيس له رهبة وإحساس كبير بالمسؤولية

أحب العزف مع المايسترو نادر عباسي لأن أفكاره متطلعة وأثق في عمله

 

على نغمها صدى ترنيمة مصرية قديمة، وحسناء تميل بجزعها تحتضن أوتارها بأنامل رقيقة كخيط من حرير مغزول بالحب، بين الضحكات تارة والدمعات والحماس تارة أخرى، خلدت "آلة الهارب" المصرية القديمة آلاف الطقوس الدينية والاحتفالات فزين نقشها جدران المعابد لتبقى خالدة ليومنا هذا كأقدم الآلات الوترية المصرية لتمتع أسماعنا بأعذب الألحان.

الدكتورة أميرة حامد واحدة من أشهر عازفات آلة الهارب المصريات التي أخذت على عاتقها نشر ثقافة التذوق الموسيقي، والتفاني في التأكيد مرارا وتكرارا على أن "الهارب" آلة مصرية قديمة وليست أوروبية كما يدعي البعض زورا وبهتانا، فكان لـ"بوابة روزاليوسف"، هذا الحوار المطول مع صاحبة تلك الأنامل الرقيقة بدار الأوبرا المصرية للتعرف عن مسيرتها الموسيقية مع معشوقتها آلة الهارب والتحديات التي واجهتها وحديث يطرب الآذان ويأسر القلوب.

 
 
 

 

 

 

 

 في البداية حدثينا عن نفسك ومتى بدأ شغفك بالموسيقى؟

 أنا الدكتورة أميرة حامد أستاذ مساعد في أكاديمية الفنون "الكونسرفتوار" وأستاذة وعازفة آلة الهارب في أوركسترا أوبرا القاهرة بدار الأوبرا المصرية، بدأ شغفي الموسيقي منذ نعومة أظافري بالمرحلة الابتدائية فكان لدي اهتمام متزايد بالموسيقى، وهو ما اكتشفته ودعمته أمي مع أستاذة الموسيقى بالمدرسة، وقدمت في الكونسرفتوار لصقل موهبتي، وخضعت لاختبار اللجنة الموكلة باختيار الطلاب على أسس وقواعد معينة بحسب مواصفات ومتطلبات كل آلة، وتم اختياري للعزف على آلة الهارب وأنا في الصف الرابع بالمرحلة الابتدائية.

 آلة الهارب من الآلات الموسيقية الكلاسيكية التي قد لا يعرفها الكثيرون.. ماذا عنها وكيف بدأتِ بالعزف عليها؟

الهارب آلة مصرية في الصميم تعود إلى قدماء المصريين وموجودة ومثبته على نقوش الجدران، وهي من الآلات الوترية التي استخدمت في الكثير من الاحتفالات الدينية وكان لها دور أساسي في المعابد، وحظي عازفوها بأهمية كبيرة في الدولة المصرية القديمة، ولكن للأسف تعرضت الآلة للاندثار، واتخذت شكل القيثارة في الحضارة الرومانية، وشكل آلة القانون في الحضارة العربية، وتغير شكلها وتطورت في أوروبا.

ولعل من حسن حظي أني  تتلمذت على أيدي الدكتورة ناهد ذكري في الكونسرفتوار، وهي أول من قامت بإعادة عزف آلة الهارب لمصر، فالدكتورة ناهد  كانت من ضمن البعثات الأولى التي أرسلتها أكاديمية الفنون عقب افتتاحها إلى أوروبا لتعلم الآلات الكلاسيكية ومنها آلة الهارب، لذلك افتتحت ناهد ذكري فصل لتعليم الآلة رغبة في إعادة الآلة لموطنها وزيادة عدد عازفيها في فترة الستينيات، إلى أن تم حتي التحاقي بالكونسرفتوار واختياري للعزف على الآلة.

 

 

 

 

 
 

أعلم أنك حاصلة على بكالوريوس الإعلام فكيف تم التوفيق بين دراستك للإعلام والموسيقى معًا؟

التوفيق بين المجالين كان من التحديات المهامة في حياتي، بدأت الدراسة في الكونسرفتوار منذ المرحلة الابتدائية، ثم استكمال دراستي العليا في الكونسرفتوار كمعهد عال، وبالإضافة إلى ذلك التحقت بكلية الإعلام جامعة القاهرة وأكملت في المجالين، وحصلت على درجة البكالوريوس في الإعلام والبكالوريوس في الهارب من الكونسرفتوار، وعملت معيدة وحصلت على درجة الماجستير والدكتوراه، وحاليا أنا أستاذ مساعد والتحقت بدار الأوبرا المصرية بأوركسترا القاهرة السيمفوني وحاليا أنا في أوركسترا أوبرا القاهرة عازفة هارب منذ 20 عاما.

وبالتأكيد هذا الزخم في المواد الدراسية كان يسبب لي تعارضا شديدا وصعوبة في الجمع بين المجالين، ولكن دراستي للإعلام أصقلت شخصيتي كما عملت على زيادة الوعي الثقافي الذي تقدمه لطلابها من خلال دراسة المجالات المختلفة، كما طورت من مهاراتي في التواصل مع الجماهير كإعلامية،  فبالطبع أحاول جاهدة توظيف ذلك في التواصل مع الجمهور موسيقى خاصة أني أقدم منتجا فكريا وثقافيا غير منتشر في مجتمعنا. 

 

هل الجمهور المصري متذوق للموسيقى الكلاسيك ومستمع جيد لآلة الهارب؟

 في مجتمعنا تعد ثقافة الموسيقى الكلاسيكية نادرة، لأن الجمهور اعتاد على سماع الموسيقى العربية والبعض يخشى تجربة الجديد، لذلك أرى أن التواصل مع الجماهير من خلال منصات السوشيال ميديا وأن نسعى للوصول ليه، بالإضافة إلى تعريف الجمهور بخلفية العمل الموسيقي وفكرته مهم جدا، لأنها تجذبه ومنها يستطيع تذوق العمل الفني، أما آلة الهارب فهي ليست معروفة للجمهور المصري كباقي الآلات،  ولكن مؤخرا بدأ جمهورنا بدار الأوبرا المصرية وخارجها في التعرف على الآلة الموسيقية وحبها، وفي هذا الإطار قمنا بتكوين كيان كمجموعة عازفات الهارب المصريات، مما يتيح لنا التجمع والعزف كأكثر من عازفة في حفل واحد، لتعريف الجمهور بها، والتأكيد على أنها جزء أصيل من تاريخنا وتطويعها أيضًا لعزف بعض الموسيقى العربية والمصرية للاعتياد عليها.

 

 

هل هناك صعوبات أو تحديات واجهتك في العزف على آلة الهارب الموسيقية؟

هناك العديد من المشكلات التي تواجه عازفي آلة الهارب منها ضخامة حجمها وصعوبة نقلها من مكان لآخر، بالإضافة إلى سعرها المرتفع جدا، حيث يتم تصنيعها في أوروبا، وتتكلف ما يفوق 200 ألف جنيه كأدنى تقدير، ومنها ما يفوق سعره المليون، حيث يتم تصنيعها من أخشاب طبيعية وأوتارها من أمعاء الحيوانات وبها اجزاء تتطلب ميكانيكا خاصة وتحتاج في تصنيعها إلى مصانع كبيرة وليس بعض الورش مثل الآلات الوترية الأخرى، لذلك لم أكن أمتلك الآلة التي أتعلمها وأعزف عليها فكان لا بد من التدرب عليها في الأوبرا أو الكونسرفتوار، وبالتالي قبل الحفلات كنت شبه مقيمة في الأوبرا من أجل البروفات والتدريب.  

 

كيف أثرت دار الأوبرا في شخصيتك الموسيقية؟

الأوبرا المصرية، هي بيتي الثاني حرفيا، فقد التحقت بها في سن مبكرة وأنا في الجامعة، مما زاد الارتباك لمحاولتي الجمع بين الدراسة في كلية الإعلام والكونسرفتوار، ولكن عندما جاءتني فرصة التقديم في الأوركسترا، وافقت على الفور باعتبارها فرصة عظيمة لي كعازفة لن تتكرر، بما أن أوركسترا القاهرة السيمفوني هو الأوركسترا الرسمي الممثل للدولة وعلى أعلى مستوى من الاحترافية، مما أتاح لي الحصول على الكثير من الخبرات، حتى أصبحت عازفة سوليست منفردة، وبدأت القيام بحفلات على المسرح الصغير بدار الأوبرا، التي تسمح للمحترفين وأصحاب الخبرة بإقامة هذه الحفلات ،رغم صغر عمري في وقتها، فكان المسرح بدون أي مقابل بالصوت، بالإضاءة كنوع من الدعم والتشجيع، وبالتالي قدمت الكثير من الحفلات فعزفت صولو مع أوركسترا القاهرة السيمفوني بقيادة المايسترو أحمد الصعيدي والمايسترو نادر عباسي، وآخرين أجانب وأتيحت لي الكثير من الفرص مع أكثر من أوركسترا مختلفة وأوركسترا أوبرا الإسكندرية، والاحتفالات القومية ومع الفنانين الكبار مثل الفنانة ماجدة الرومي. 

 

المشاركة في الاحتفالات المصرية لها طابع خاص، ماذا عن مشاركتك في الاحتفال بنقل المومياوات وافتتاح طريق الكباش والعزف أمام فخامة رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي؟

 

العزف أمام فخامة رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي، له وقع خاص على النفس بين الإحساس بالمسؤولية والفخر والسعادة، وقد قمت بالعزف أمام سيادته في أكثر من مكان واحتفال، فكان شديد التركيز مع كل عازف، متذوقا للفنون والإبداع، مهتما بكل التفاصيل، حريصا على أن كل تفصيله تبدو على أتم وجه، حرصه على تقديم كل ما هو راقٍ أمام ضيوف مصر من الخارج، وأن يقدمنا كعناصر مميزة يعد دفعة للأمام وتشجيعا قويا لكل مبدع لتقديم أفضل ما لديه بفخر. 

 

لذلك فإن المشاركة في احتفال يشاهده العالم أجمع يشعرني بمزيد من السعادة، وأنا أعزف على الهارب مع أوركسترا الاتحاد  الفلهارموني، بقيادة المايسترو نادر عباسي في حفل نقل المومياوات، وهو تأليف موسيقي للموسيقار هشام نزيه، وهو من الأحداث التي بذلنا من أجلها الكثير من الجهد في البروفات، لأنها تطلبت قدرا عاليا من الدقة في العزف بمواقيت محددة يخرج فيها موكب المومياوات من المتحف المصري ليصل إلى متحف الحضارة على عزف جزء معين من الموسيقى، فاقتضى ذلك خلف الكواليس القيام ببروفات كثيرة بعد منتصف الليل بمتحف الحضارة بالتزامن مع فريق فني في ميدان التحرير حتى يتسنى لنا التدريب على العزف، كما شهد الإعداد للاحتفال تعاونا بين كل الجهات والوزارات للخروج بهذا الشكل المشرف، وما لا يعلمه البعض هو وجود مؤلف موسيقي وقائد أوركسترا الدكتور محمد سعد باشا في ميدان التحرير كان لا يقود الأوركسترا لكنه كان يتابع توقيت العزف مع تحرك الموكب مراعاة للدقة والتفاصيل اللانهائية.

 

كذلك سعدت بمشاركتي في افتتاح طريق الكباش مع المايسترو نادر عباسي وأوركسترا الاتحاد الفلهارموني والعزف على آلة الهارب وسط الآثار المصرية القديمة، فكأنما عادت الآلة إلى بيتها في هذا الحدث العظيم وتوظيفها في إحياء عيد الأوبت المصري بفضل مؤلفين مصريين مثل نادر عباسي وأحمد الموجي كان شيئًا يدعو للفخر، عامة  أحب العمل مع المايسترو نادر عباسي لأن أفكاره متطلعة وراقية وذو قيمة فنية عالية وهو شارك مع أكثر من أوركسترا خارج مصر، لذلك نحن لدينا كل الثقة في كل ما يقدمه.

 

ما أهم الحفلات التي شاركتِ بالعزف فيها خارج مصر؟

 شاركت بالعزف في العديد من الحفلات مع أوركسترا خارج مصر مثل شباب البحر المتوسط في فرنسا، التي شاركت معها ثلاث مرات، كذلك عزفت مع جورج زامفير والأوركسترا الروماني الخاص به،  وكان قد اختار أكثر من عازف مصري  كنوع من التعاون الثقافي، كما شاركت في إحدى المسابقات الدولية وحصلت منها على شهادة تفوق، كما قدمت حفلا موسيقيا على مسرح الأكاديمية المصرية للفنون بروما.

 

هل شكلت الحياة الشخصية داعما لكِ في مسيرتك الفنية أم العكس صحيح؟

 

أحسب نفسي من المحظوطين في هذا الأمر، لأن زوجي داعم لي على طول الطريق، فهو فنان أيضا بحكم عمله مهندس ديكور ويدرك أهمية الجانب الإبداعي في العمل وهو ما شجعني ودفعني للتألق باستمرار، كما أن أولادي لديهم تذوق موسيقي جيد قد يكون بحكم اصطحابي لهم من الصغر إلى دار الأوبرا، فكانوا أيضا مقدرين دائما وداعمين في مسيرتي الفنية، رغم ذلك لم يظهر أيٌ منهم رغبة في العزف على قدر حبهم للرياضة وكرة القدم، ولكن يكفيني أن يكون لديهم تذوق فني ويستطيعوا تميز كل ما هو راقٍ.

 

 

لكل منا أحلام وآمال بعام 2023 نرغب في تحقيقها.. ماذا عن طموحات الدكتور أميرة حامد؟ 

أحلم أن يصل كيان مجموعة عازفات الهارب المصريات لأكبر عدد من الجمهور المصري، وأن يزيد عدد العازفين لهذه الآلة لتكملة المسيرة الفنية ونشر الثقافة الموسيقية المصرية والتذوق الجمالي، والاهتمام بمؤلفي الموسيقى المصريين وأن يعود الإعلام المصري مرة أخرى لنشر ثقافة الموسيقى الكلاسيكية بين الجماهير والاهتمام بالبرامج التي تثقف الجمهور بنوعيتها مثلما كان يذاع قديما على القناة الثانية المصرية، التي كانت تنقل حفلات الأوبرا وتهتم بتقديم برامج مثل فن الباليه وصوت الموسيقى، بالإضافة لتغطية أهم حفلات الموسيقى الكلاسيكية ونقلها عبر الشاشات لزيادة الوعي وتقديم ما يحتاج إليه الجمهور وليس ما يريده فقط.  

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز