عاجل
الثلاثاء 19 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
مصر والهند
البنك الاهلي
العلاقات المصرية - الهندية من التنسيق للشراكة الاستراتيجية

العلاقات المصرية - الهندية من التنسيق للشراكة الاستراتيجية

خطوة جديدة واسعة على طريق نجاحات الدبلوماسية المصرية للجمهورية الجديدة، التي وضعت ثوابتها مع تولي الرئيس عبدالفتاح السيسي دفة قيادة الوطن.



 

تلك السياسة النشطة، المستهدفة بناء شراكات استراتيجية مع مختلف القوى الفاعلة الدولية، بما يعزز القدرة الشاملة المصرية والأمن القومي، والشراكات المحققة لمصالح مصر وشركائها في شتى مجالات التعاون، أتت ثمارها.

 

ولعل دعوة الهند للرئيس السيسي، ضيف شرف لاحتفال يوم الجمهورية الهندية كأول رئيس مصري يُدعى لهذه المناسبة، تؤكد تنامي العلاقات بين البلدين وحجم فرص تعزيز التعاون، التي تراها الهند في مصر الناهضة بما شهدته وتشهده من تعزيز لبنيتها التحتية وفرصها الاستثمارية، ودورها الإقليمي والقاري.

 

 

في مؤتمر صحفي مُشترك، مع الرئيس السيسي سبقه لقاء موسع، قال ناريندا مودي رئيس الوزراء الهندي، إن القيادتين قررا نقل مستوى العلاقات من التنسيق إلى الشراكة الاستراتيجية في مختلف المجالات، السياسية والدفاعية والعلمية والاقتصادية والتجارية ومكافحة الإرهاب العابر للحدود، باعتباره الآفة الأخطر عالميًا.

 

أهمية بناء شراكة استراتيجية مع الهند تنبع من مكانتها الجيوسياسية، وقدراتها الاقتصادية والعسكرية، فهي الدولة الواقعة جنوب آسيا على مساحة تتجاوز 3.2 مليون كم٢، يقطنها عدد سكان فاق الـ1.4 مليار نسمة من إجمالي 8 مليارات هم عدد سكان كوكب الأرض.

 

بينما باتت الهند في العام 2022 بحسب البنك الدولي خامس أقوى اقتصاد في العالم متجاوزة بريطانيا، وفرنسا منذ العام 2019، بحجم اقتصاد بلغ حاليًا، بحسب "فايننشيال إكسبرس 2.94 تريليون دولار، متفوقة على الاقتصاد البريطاني بـ1.1 تريليون دولار.

 

وربما التجربة الهندية، في الإصلاحات الاقتصادية قريبة الشبه بما يجري الآن في مصر، من إصلاحات جذرية، فقد واجه الاقتصاد الهندي ركودًا حادًا عام 2013، نتج عن تباطؤ النمو إلى 4.5% وهو ما دفع حكومة نريندرا مودي لتسريع الإصلاحات.

 

مطلع العام 2020 خصصت الحكومة الهندية 1.39 تريليون دولار لسلسلة مشروعات لتعزيز قدرة البنية التحتية للدولة، انطلاقًا من أن تعظيم القدرة الإنتاجية تقوم على تعظيم البنية التحتية.

 

الشراكة الاستراتيجية بين الهند والصين، تستهدف وفق ما أعلن اليوم بلوغ هدف رفع مستوى التبادل التجاري إلى 12 مليار دولار، فيما بلغ عام 2022، قرابة 7.2 مليار دولار.

 

 

مصر ذات أهمية جيوسياسية واقتصادية وقوة إقليمية وقارية ذات أهمية بالغة للهند، وهذا ما تدركه الهند، وما يمكن أن يتحقق من الشراكة الاستراتيجية المستهدفة بين البلدين.

 

ففي حين تمثل الهند قوة قارية بمساحتها الشاسعة في جنوب آسيا، مطلة من الشرق على المحيط الهندي، ومن الجنوب على البحر العربي، فإن مصر تمثل بموقعها وقدراتها بوابة القارة الإفريقية الشمالية المطلة على البحرين الأحمر والمتوسط، وبوابة للتجارة العالمية عبر شريانها العالمي قناة السويس.

 

 

هذه الأهمية تجعل من الشراكة المصرية الهندية، ذات مكاسب متعاظمة للطرفين، فالهند خامس أقوى اقتصاد عالمي، بقدرتها البشرية المتنامية وتقدمها التكنولوجي تسعى إلى تنمية قدراتها الصناعية للحفاظ على ترتيبها العالمي، تحتاج إلى السوق الإفريقية، وتمثل مصر ببنيتها التحتية وموانئها والمنطقة اللوجستية بمحوري قناة السويس فرصًا استثمارية عظيمة للهند، لقربها من الأسواق الإفريقية.

 

 

كما تعكس الاتفاقات الموقعة، اليوم، ومجالاتها آفاق التعاون المنتظر بين الدولتين، إحداها كانت في الأمن السيبراني لإدراك البلدين لخطورة الحروب الحديثة والهجمات الإلكترونية، فيما يأتي التعاون الثقافي وما له علاقة بالبث الإذاعي مؤشرًا على أن الشراكة الاستراتيجية السياسية والدفاعية والاقتصادية، تستهدف أيضًا تعزيزًا للعلاقات الثقافية والإعلامية، لترسيخ الصداقة بين الشعبين، اللذين يشتركان في كونهما أصحاب أعرق حضارات العالم. 

 

ولعل الشراكة الاقتصادية تمثل قائمة أولويات البلدين، اللذين يستهدفان بلوغ التبادل التجاري 12 مليار دولار، وفي نوفمبر 2022، وقّعت الحكومة المصرية مع شركة هندية عقد إنشاء مصنع لإنتاج الهيدروجين الأخضر بالمنطقة الصناعية لقناة السويس باستثمارات 8 مليارات دولار.

 

ولعل أهم ما يميز التبادل التجاري بين مصر والهند، هو شبه التوازن في الميزان التجاري، ففي العام 2021- 2022، بحسب تقرير جهاز التعبئة والإحصاء، بلغ حجم الصادرات المصرية إلى الهند 3.52 مليار دولار (بزيادة 86 بالمئة).

 

بينما بلغت الواردات المصرية من الهند 3.74 مليار دولار  (بزيادة 65 بالمئة)، خلال العام نفسه، وهنا عجز الميزان التجاري مقبول يمكن تحويله إلى صالح مصر بجذب استثمارات هندية وتعظيم الصادرات المصرية.

 

في الوقت ذاته، بلغ عدد الشركات الهندية في مصر أكثر من 50 شركة، بإجمالي استثمارات 3.15 مليار دولار، تُوفر بحسب التقديرات نحو 35 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة.

 

لذا فإن زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي للهند تفتح آفاقًا جديدة لفرص جذب استثمارات للسوق المصرية، تحقق فرص نقل التكنولوجيا الهندية وتوطينها في مصر، وتعزز من جدوى الشراكة الاستراتيجية في مختلف المجالات، السياسية بشأن تنسيق المواقف بشأن القضايا الإقليمية والعالمية والتعاون الأمني الدفاعي في مواجهة التهديدات.

 

ولعل تنامي قدرة الدولة المصرية، وإدراك القوى العالمية لما يجري فعليًا من إصلاحات جذرية ومشروعات قومية، بات عاملًا معززًا لتنامي الشراكات الاستراتيجية.

أعز الله مصر ووفق قائدها وحفظ شعبها.

 

[email protected]

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز