عاجل
الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

حكاية صحراء الملثمين وقاطنيها

د. إسماعيل حامد
د. إسماعيل حامد

تلك حكاية طريفة لحد كبير عن صحراء معروفة في إفريقيا، أو منطقة منها اشتهرت في الكتابات التاريخية بأنها صحراء الملثمين، أو صحراء أهل اللثام في شمال إفريقيا، وهم قبائل الطوارق ذات الأصول البربرية. ومن المعروف أن "الطوارق"، أو "البربر المُلثمين"، هم من بطون البربر القدامى، وهم من أبرز قاطني هذه الصحراء، والطوارق هم الأكثر ارتباطًا وتأثيرًا في مناطق الصحراء مقارنة بغيرهم من الشعوب والقبائل الأخرى. 



ولقد تباينت الآراءُ حول هؤلاء "الطوارق"، وأصل تسميتهم الحالية، حيث قال البعض إنهم كانوا قد دعوا بهذه التسمية لأنهم طارقوا الصحراء، ومرتادوها، ولفظ "الطوارق" جمع "طارق"، وهو الشخص الذي يأتي ليلًا، وقيل إنهم سموا بذلك نسبة للفاتح ذي الأصل البربري المسلم طارق بن زياد. 

ويُعتقد أن بطون "الطوارق" كانت أصولهم من قبائل صنهاجة البربرية المعروفة، وتُعد صنهاجة من أكبر القبائل التي تنتسب إلى شعوب البربر التي سكنت الصحراء منذ أقدم العصور. 

كما تذهب العديد من الآراء التي تربط بين كل من الطوارق والعرب، على غرار ما بين البربر والعرب كما ألمعنا آنفًا، وهو الأمر الذي ورد في المصادر السودانية ذاتها. 

وحول وجود ثمة علاقة نسب بين الطوارق والعرب لا سيما مع عرب اليمن، يذكر المؤرخ الإفريقي عبد الرحمن السعدي في كتابه المهم تاريخ السودان: "وهم يرفعون أنسابهم إلى حمير... وأنهم خرجوا من اليمن، وارتحلوا إلى الصحراء وطنهم بالمغرب، وسببه أن أحد الملوك التبابعة لم يكن فيمن تقدمه من ملوك قومه مثله، ولم يبلغ أحد منهم في فضله، وعزه وملكه.. ولما مات غلب أهل الكفر أهل الإيمان، فكان كل من أمن مع تبع بين قتيل وطريد.. فعند ذلك تلثموا، وفروا في ذلك الزمان... فكان خروج سلف المُتلثمين من اليمن، وكانوا أول من تلثم، ثم انتقلوا من قطر إلى قطر.. حتى صاروا بالمغرب الأقصى بلاد البرابرة.. وصار اللثام زيهم..". 

وتؤكد كل تلك الإشارات بما لا يدع مجالًا لريبة وجود ثمة علاقة نسب قوية أو قرابة بين الطوارق من جانب، والعرب القدامى من جانب آخر. بينما يرى آخرون أنه ربما توجد ثمة روابط نسب بين كل من الطوارق وشعب "الجرمنتيين" (الجرميين)، أو "الغارامنت" Geramantes، وهم من السكان القُدامى لمناطق الصحراء الكبرى لا سيما في منطقة فزان الواقعة في جنوب الصحراء في الأراضي الليبية. 

ويجدر بالذكر أن لفظ البربر يشير لسكان مناطق الصحراء شمالًا، وكلما اتجهنا جنوب الصحراء أطلق عليهم الطوارق، وهؤلاء الطوارق يميلون لسمرة البشرة أكثر من البربر الآخرين (أي الشماليين)، وذلك بالطبع بسبب بيئة الصحراء في الجنوب التي تتسم بالحرارة المرتفعة.

كما أن الطوارق صاروا أكثر اتصالا بالشعوب الإفريقية ذات البشرة السوداء في جنوب الصحراء، وحدث بينهم مصاهرات وتزاوج بمرور الزمن. 

وعلى أي حال تُقسم بطونُ وفروع الطوارق القاطنين في مناطق الصحراء إلى نحو ثلاثة فروع رئيسية، وهم: "طوارق تاسيلي"، و"طوارق أهقار"، أو "الهجار" (الهقار) Hogar، وكذا جماعات معروفة من قبائل الطوارق في منطقة تدعى باسم: أدرار إيفوجاس، ويُقصد بهم الطوارق القاطنون في شمال مالي حاليا.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز