عاجل
الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

د. ايمان ضاهر تكتب: العلامة الشعراوي.. روحانياته جوهر الحياة

د. إيمان ضاهر
د. إيمان ضاهر

مثل الدم يسقي أجسادنا.. "الروحانية تحول السجين إلى إنسان حر، والفقير إلى ملك، والطين إلى ذهب.."



هي النفس التي تسكنها المبادئ وبدونها نصبح أشباحًا زائلة، فالروحانية صلاح وغفران وحب الدين الصحيح حتى يزيدنا الله عز وجل، بنعمة العطاء.

 

 

روح الكمال لديه تنتمي إلى عالم من الحب، الحب الإلهي والقرب من الله عز وجل، في كل أمر، التوافق الحميم الذي ينشأ في طبيعة الطاعة الواسعة والنقية، لندرك لغز الكون كله.

 

 

أتحدث عن الشيخ الرباني محمد متولي الشعراوي، وقد ترك في قلوبنا وعقولنا، علمًا وشغفًا، في حب القرآن وتذوق أسراره البلاغية النفيسة، ومعجزاته الكونية. اللهم اجعل القرآن الكريم له شفيعًا ونورًا ورحمة في جنات النعيم.

 

 

كيف تجلت أدعية وحكم الشيخ الجليل؟

أدعيته وحكمه إشراقات روحانية في رؤية العالم، الدليل الأسمى لنور الله عز وجل، النور الإلهي الذي أضاءه بداخله، منذ صغر سنه، المصحف الشريف "كِتَٰبٌ أَنزَلْنَٰهُ إِلَيْكَ مُبَٰرَكٌ لِّيَدَّبَّرُوٓاْ ءَايَٰتِهِۦ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُواْ ٱلْأَلْبَٰبِ.."

 

 

فأهداه مفتاح الوصول إلى جميع مستويات الروحانية، ولأن الإسلام روحانية وجوهر الحياة الداخلية الطاعة، طاعة المسلم المؤمن، الذي يتوجه إلى ربه عدة مرات في اليوم حتى لا ينسى أن المعنى الحقيقي للحياة، موجود في الاتكال والتوكل على الله والدعاء اليه والرغبة في الارتقاء، فروح الإنسان، أي إنسان، لا تحيا الا بالتعبير الداخلي لرفعنا وخلاصنا، فالدنيا رخيصة والجنة غالية.

 

"لا تعبدوا الله ليعطي، بل اعبدوه ليرضى عنكم، فإن رضي أدهشكم بعطائه.." فما هو جوهر الدين للعلامة الروحاني؟

 

ويجيبنا أن الدين هو الروابط الأخوية والإنسانية هو العقل الايجابي والمنهجي وينوط به نور الحياة، النور الذي لا ينطفئ من عيون الشيخ "الثائر للحق، من يثور ليهدم الفساد، ثم يهدأ ليبني الأمجاد..." وما زال يبنيها فينا بنور القلب الذي يفضح الظلال الضالة. 

 

 

نور الله- عز وجل- خير نور للإنسان، ويتجلى لدى الشيخ من عيونه السخية بالضوء، الشفافة واللامعة والمبتسمة، مهما رأت تبقى على طبيعتها في جمال روحها، هذه الروح الجميلة وحتى الأعمى يمكنه رؤيتها.

 

 

أفكاره أدبه شعلات لا تنبض، ثقافة القلب أولًا وقبل كل شيء، إرادة جبارة، جرأة لا تنضب، وصبر لا ينفد. إنها المعرفة الصائبة للدين والحياة.

 

 

"فالدين كلمة تقال وسلوك فإذا انفصلت الكلمة عن السلوك ضاعت الدعوة.." دعوة الإنسان، يشهد له التاريخ الحديث، للدور المتنور الذي لبسه وأتقنه، في نشر عمق الإسلام، دين العلم وثقافة الإنسان، من خلال القرآن الذي يعطينا قيم الحياة والتي بدونها تصبح الدنيا لا قيمة لها.

 

 

وكيف حظي العلامة الروحاني بهذه الشعبية الإنسانية؟

ولادته ونشأته وتربيته وحفظه للقرآن الكريم، ميز شخصيته وأصقلها بالأدب والشعر والعلم، وانفتاح إسلامي عالمي ودود نبع منه "نور على نور" برنامجه المفسر للحياة، بخواطر إيمانية وقصصية وسرد لحياة الأنبياء الصالحين، وتفسير للآيات القرآنية لسورة الرحمن والقمر وآل عمران والرحمن والبقرة والكهف والفاتحة.. وأحاديث عن الصبر والرزق والصدق، والحب والابتلاء والحرب والظلم والمرأة، والفقر والحرمان، البخل والمال، والأدب والعلم.. خاصة حسن الظن بالله "لا تنسى ان الله قريب منك إلى حد الذي يجعلك صلبا لا تهزم".

 

 

وهكذا يقودنا الشيخ الروحاني بإحسان موهوب وعطاء بلا حدود، وبالعلم والحلم، والابتسامة والتفاؤل وبفن الكلمات إلى معرفة الاقتراب من رب العالمين. 

 

 

في كل أدعيته الإنسانية هناك تعبير صادق عن افق النور في داخلنا "والآخر"، بكلمات ضمادة على جراحنا، لا تلتئم إلا باللطف والرفق، حب الناس لبعضهم البعض مهما اختلفت المعتقدات.

 

 

"إذا حافظت على الأخوة فاعلم بأن لك على منابر النور زميلًا"، إنه نور الآخرين "أن يكون الإنسان ودودًا عظيمًا قبل أن يكون عظاما ودودا" ويضيف الشيخ الجميل "فإذا رأيت في غيرك جمالًا، فاعلم أن داخلك جميل..".

 

 

أليس هو من قال إن الروحانية في صميم قيم الجمهورية وأن "يصل الدين إلى أهل السياسة، ولا يصل أهل الدين إلى السياسة.."، لأن بعض رجال الدين قد يتطرفون ويتعصبون والعنف ينبوعه الإرهاب وخاتمته الفساد؟

 

 

وكيف يبدي رأيه بالتطرف وبأذى البشر؟ 

ويجيب العلامة المتنور ليدحض المتآمرين والمنافقين وأصحاب الشائعات المغرضين "إذا لم تجد لك حاقدا فاعلم أنك فاشل..". ثم يتابع "هدمتني الحياة مرارًا وكسرتني عدة مواقف، حطمتني بعض الظروف والحق بي بعض البشر الأذى والخراب، ولكن في كل مرة كان الله يبني لي من جديد.."، "الله سبحانه وتعالى خلقنا مختارين، معززين، ولم يخلقنا مقهورين". 

 

 

وهنا أتطرق للحديث عن الآراء والمواقف غير البناءة والجاهلة للثقافة الروحانية الحقيقية، وكم يؤسفني وأنا أعيش في الغرب أن يكون هذا الكم من الجهل والاستخفاف برموز الدين تراث الإنسان وكنوزه في أي مكان وزمان!

 

 

هذا الابتذال في الكلام السخيف، هل هو عدم تحصيل كافٍ، وتثقيف واعي الهادف الى بناء شخصية الإنسان في أي مكان؟

 

وأجيب لكل هؤلاء الضعفاء المسرفين في دنيا الماديات.

 

 

هل هؤلاء المنتقدون لرموز علماء الدين، أي دين، اعتقادًا منهم أن انتقاده يكرمهم ويمنحهم مصداقية جوائز وتكريمات واهمة فانية ولو كانت ملموسة... فقد نسوا برأي قول الرسول المعلم عليه الصلاة والسلام: "وهل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون..."

 

 

"إذا لم تستطع قول الحق فلا تضعف أمام الباطل"، فهل من جدوى لهذه الافتراءات؟

لا جدوى مطلقًا، لأن ميراث الشيخ الشعراوي كنز الأمة المصرية الحبيبة، تراث لا يعد ولا يحصى. لا أحد يستطيع إطفاء أنوار ساطعة في قلوبنا وما زالت تشعلها حتى اليوم وبإذن رب العالمين غدًا. لن تفلحوا باللعب برموز وعلماء هذا الدين الجميل، تلك الثمار العبقرية التي تزين البشرية غير المتطرفة إنما الرؤوفة والمهيبة والخالدة، من خلال قيم الجمهورية الجديدة الأصيلة التي تبني وتشيد الإنسان، تهتم بالعلم في جميع المجالات وفي القلب علماء الدين المستنيرين، لإرساء مجتمع متوازن ومتطور ضمن قاموس إنساني ابتكره القائد الرئيس، يلتزم بالأخلاق للتعبير عن حرية الرأي باحترام وتقدير وسلام.

 

 

وأخيرًا، الشيخ العلامة العبقري، محمد متولي الشعراوي، سيبقى كالشمس يضيء نوره، بأفكاره وحكمه ومعرفته الملكة، بابتسامته النقية كالماء الصافي، ألم تكن ابتسامة الفقير والمعذب.. الابتسامة لديه الشمعة المضيئة؟ وميض الأعمال الصالحة.. والتنوع المعرفي كانت لهبا لمحبيه وستبقى.

 

الكثير من نبلاء النفوس كالشيخ الجليل رفعوا شأن المجتمع من  علماء وأدباء وحكماء أرادوا نشر الوعي، من خلال طريقة التفكير بالعقل والتنوير، بالعلم والثقافة رفيقة الانسان واخته الحاضنة حتى الخاتمة.

 

"اللهم ارحم شيخنا الشعراوي رحمة واسعة وزد من درجاته واجعله في ترقٍ دوما كما حببنا في القرآن والعبادة، وأهل بيت رسول الله عليه الصلاة والسلام."

 

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز