عاجل
الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
الدولار يصعد.. ومواجهة عاجلة بشهادات هي الأكبر تاريخيًا.. ماذا يعني هذا؟

الدولار يصعد.. ومواجهة عاجلة بشهادات هي الأكبر تاريخيًا.. ماذا يعني هذا؟

مرونة سعر الدولار في مقابل الجنيه، إجراءات أقرتها الدولة المصرية، بغية إصلاحات اقتصادية، واستيفاء لشروط البنك الدولي للاقتراض لتمويل مشروعات قومية.



 

هذه المرونة في أسعار صرف العملات الأجنبية، أدت إلى انخفاض قيمة الجنيه في مواجهة سلة العملات، وفي مقدمتها الدولار، الذي يشهد تزايدًا في الطلب عليه في مواجهة المعروض، لتوفير احتياجات المستوردين للسلع والخدمات من الخارج.

 

مع انخفاض قيمة الجنيه وارتفاع أسعار العملات الأجنبية، خاصة الدولار، تزداد معدلات التضخم في شكل ارتفاع في أسعار السلع.

 

مع ارتفاع أسعار السلع، وثبات الدخل النقدي للمواطن، ينخفض الدخل الحقيقي، ومن ثم القدرة الشرائية، وبالتالي تزيد من صعوبات الحياة للمواطنين محدودي الدخل.

 

لكن ماذا يعني الدخل النقدي، والدخل الحقيقي؟

 

الدخل النقدي، هو ما يحصل عليه الفرد من دخل في صورة نقود، أي راتبًا أو عوائد إيجار أملاك أو دخل متجر، أي دخل الفرد الشهري من النقود.

 

أما الدخل الحقيقي، فهو ما يستطيع المواطن الحصول عليه من سلع وخدمات بهذا الدخل النقدي.

 

ببساطة مثال: إذا كان دخل الموظف 3600 جنيه شهريًا، فهذا يسمى الدخل النقدي، والدخل الحقيقي ما يمكن شراؤه من غذاء وكساء ومتطلبات حياة، أو خدمات كإيجار مسكن أو فاتورة كهرباء وغيرها.

 

 

للتبسيط، نفترض أن راتبك 3600 جنيه، راتبك النقدي، وكيلو اللحم سعره 180 جنيهًا، إذًا دخلك الحقيقي 20 كيلو لحم، وهو مقدار وحدات السلعة التي تستطيع الحصول عليها بدخلك النقدي.

 

وهنا السر في قرارات البنك المركزي اليوم، وفي القلب منها، طرح شهادات ادخار بفائدة هي الأعلى في تاريخ الجهاز المصرفي المصري 25%. 

 

السؤال هنا: ما الهدف من هذا القرار؟! وما مكتسباته المتوقعة للاقتصاد المصري؟

 

الإجابة: إن هذا قرار حاسم وجريء للغاية له العديد من الأهداف والمكاسب، خاصة للمواطن الذي يملك ما يدخره، والمواطن البسيط محدود الدخل الذي لا يملك سوى قوت يومه.

 

كيف؟ أوضح لك:

١- نسبة الفائدة غير المسبوقة 25%، تستهدف تحفيز كل من يمتلك أموالًا تفيض عن حاجته، لتحويلها إلى شهادات ادخار بنكية.

 

وبالتالي جمع أكبر سيولة ممكنة من السوق، وهذا يستهدف تخفيض الطلب على السلع والخدمات غير الرئيسية.

 

كيف: دفع شريحة كبيرة من المواطنين لادخار الفائض النقدي عن حاجتها الأساسية، سيحد من الطلب على السلع غير الأساسية، وبالتالي يحدُث توازن بين الطلب والمعروض فيتم كبح جماح موجة التضخم والحد من أسباب ارتفاع الأسعار.

 

٢- مع تزايد نسب التضخم، وارتفاع الأسعار، كل من يمتلك سيولة يبحث عن مضاربات تحفظ قيمة نقوده، سواء في السوق السوداء للنقد الأجنبي أو في سوق الذهب، وبالتالي تزايد الطلب غير الحقيقي على الدولار والذهب.

 

وهنا عندما اتخذت الدولة قرار إتاحة شهادات ادخار بفائدة 25%، فإنها توفر بديلًا شرعيًا مصرفيًا، لمن يمتلك سيولة نقدية، وهذا البديل بفائدة تفوق معدلات التضخم ومن ثم تحقق عائدًا آمنًا للمواطن.

 

وهنا سيتراجع البديل غير الشرعي، المتمثل في المضاربات بالسوق السوداء على النقد الأجنبي وعلى المضاربة في الذهب كمخزن للقيمة، وبالتالي تزايد فرص الحد من ارتفاع أسعار النقد الأجنبي والذهب، ومن ثم استقرار نسبي في أسعار السلع.

 

 

٣- قد يسأل المواطن البسيط، الذي لا يمتلك ما يفوق حاجته الشهرية لادخاره، وماذا نستفيد نحن وماذا يهمني في هذا القرار، وأنا لا أملك من المال ما يمكن استثماره في شهادات الادخار هذه؟

 

 

الإجابة: بالعكس أنت مستفيد، فسحب هذه السيولة ممن يملكها لتحويلها لشهادات ادخار مدتها عام، سيؤدي لخفض الطلب على السلع والخدمات، وبالتالي حدوث توازن بين العرض والطلب فتستقر الأسعار وقد تنخفض.

 

ومع تجنب التضخم وارتفاع الأسعار، يتجنب المواطن ثابت الدخل النقدي احتمالات انخفاض دخله الحقيقي، ومن ثم الحد من معاناتك اليومية.

 

 

كيف؟ أعود بك لمثال الدخل النقدي والدخل الحقيقي، نفترض أن دخلك 3600 جنيه، وكيلو اللحم سعره 180 جنيهًا، إذًا دخلك الحقيقي 20 كيلو لحم.

 

 

إذا لم تتدخل الحكومة بهذا الإجراء، يتوقع تزايد معدلات التضخم ومن ثم ارتفاع الأسعار وليكن قد يصل كيلو اللحم 200 جنيه، في تلك الحالة مع ثبات دخلك النقدي 3600، فإن دخلك الحقيقي ينخفض إلى ما يعادل 18 كيلو لحم فقط.

 

 

بينما مع الإجراءات التي تحد من السيولة في السوق، ينخفض الطلب على السلع فتنخفض الأسعار فيزيد الدخل الحقيقي، بمعنى في المثال ذاته دخلك 3600، مع انخفاض سعر كيلو اللحم إلى 150 جنيهًا، فإن دخلك الحقيقي يزداد فيعادل 24 كيلو لحم، بدلًا من 20.

 

 

٤- هل هذه إذًا حلول جذرية؟ أجيب: بالطبع لا، هي حلول وقتية هدفها كبح جماح التصخم والسيطرة على العرض والطلب، ومن ثم أسعار السلع والنقد الأجنبي.

 

 

إذًا ما الحلول الجذرية لأزمات الاقتصاد المصري المحلية والمستوردة؟

 

الإجابة: الحلول الجذرية لأزماتنا الاقتصادية، تكمن في مضاعفة الإنتاج الوطني من السلع والخدمات، سواء السلع الغذائية أو السلع الصناعية الأساسية.

 

 

لأن معنى مضاعفة قدراتنا الإنتاجية فإن ذلك يحقق الآتي:

 

 

أ- تزداد قدرتنا على تحقيق معدلات أكبر من الاكتفاء الذاتي من السلع الأساسية.

 

 

وهذا يعني توفير النقد الأجنبي المستهلك الموجه لاستيراد السلع الأساسية لسد نسب العجز في الإنتاج المحلي، وبالتالي تخفيف الطلب على الدولار فينخفض سعره، بما لذلك من أثر إيجابي في استقرار الأسعار وانخفاضها، وبالتالي- كما أوضحنا- زيادة في معدلات الدخل الحقيقي للمواطن وتحسن في مستوى جودة الحياة.

 

 

ب- مضاعفة قدراتنا الإنتاجية تعني زيادة فرص القدرة التصديرية.

والتصدير يعني تعظيم مواردنا من النقد الأجنبي، وبالتالي تنامي قوة الجنيه المصري، في مواجهة العملات الأجنبية، بما يعني زيادة كبيرة في الدخل الحقيقي وقدرات أعلى للمواطن على تلبية احتياجات أسرته من السلع والخدمات الرئيسية، وتوفير فائض للادخار، والسلع الكمالية والرفاهية.

إذًا القرار علاج مؤقت لصالح المواطن، يستهدف كبح جماح موجات التضخم المتوقعة مع ارتفاع سعر الدولار والنقد الأجنبي مقابل الجنيه، حفاظًا على معدلات الأسعار.

 

 

بينما الحل الجذري في مواصلة جهود تعظيم قدرات الدولة الإنتاجية، وهنا على الجميع العمل على تعزيز الاستثمار في المشروعات الصغيرة والمتوسطة والكبيرة، خاصة الإنتاج، الزراعي والصناعي، لتقليص حجم الاستيراد من الخارج وتحقيق فائض للتصدير، حتى وإن كان تصدير سلع محدودة العدد، يمكننا أن نتميز بقدرتنا على إنتاجها.

 

مع كل هذه التحديات، تمكنت مصر من الوفاء بالتزاماتها بسداد أقساط القروض، وحققت زيادة في الاحتياطي من النقد الأجنبي يقارب 500 مليون دولار الشهر الماضي، ليصل احتياطي مصر 34 مليار دولار.

رغم التحديات والآلام الاقتصادية، فإن مصر بإذن الله تقطع مسافات واسعة بخطى ثابتة على طريق الإصلاح والتقدم.

القادم أفضل بإذن الله.. بالوعي والعمل والصدق والأمل تحيا مصر.

 

[email protected]

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز