عاجل
الأحد 29 ديسمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي

عاجل| مونديال قطر 2022.. بين انتصار "الضاد" وانكسار "الميم"

ميسي يتوسط تميم وإنفانتينو
ميسي يتوسط تميم وإنفانتينو

مونديال قطر 2022.. أسدل الستار على واحدة من أشرس البطولات الكروية، التي حظيت بمتابعة عشاق الساحرة المُستديرة على اختلاف انتماءاتهم وميولهم، في شتى بقاع الأرض، من أقصاها لأدناها، ومن مشارقها لمغاربها، بنجاح مُذهل، أخمد جذوة نار الحرب "السياسية، الدينية" المُستعرة قبل انطلاقها، والتقليل من “قدر” العرب و”قدرتهم” على استضافته وتنظيم المُنافسة الرياضية الأبرز على الإطلاق، واحتواء التنوع الثقافي والعِرقي لمُشجعي الفرق المُشاركة.



 

 

رواية مُبهرة سطرت فيها دولة عربية فاصلًا مُمتعًا من النجاح، على صعيد التنظيم والإدارة والاستعدادات السابقة للبطولة، وهي المؤشرات التي تُصعب مأمورية "كندا وأمريكا والمكسيك" خلال استضافتهم للنسخة التالية من المونديال 2026.

النسخة الثانية والعشرون 

220 مليار وحرب خفية خلف الأسوار

أنفقت قطر بسخاء للتأكيد على الريادة العربية، وأننا نستطيع تحقيق المُستحيل، إذا ما آمنا بقدراتنا وتوافرت لنا المُقومات اللازمة للنجاح، لتُسجل تكلفة البنية التحتية والإنشاءات - طبقًا للتقارير المُعلنة - ما يقرب من 220 مليار يورو، وهو رقم يفوق التكلفة الإجمالية للنسخ السبع الأخيرة للمونديال، وفقًا لما أعلنته مؤسسة "فرونت أوفيس سبورت" المُتخصصة، ونشرته وكالة فرانس 24 في أحد تقاريرها.

 

 

وخلف الكواليس والأجواء الاحتفالية والكرنفالية، التي تتسم بها مثل تلك الفاعليات الرياضية، دقت طُبول الحرب، وشنت الدول الأوروبية هجمة شرسة، ومارست ضغوطًا شديدة على الدولة المُنظمة، للسماح للمثليين بالتواجد والتعبير عن أنفسهم، داخل ملاعب ومُدرجات البطولة.

 

لافتات تُطالب قطر بحرية "المثليين"
لافتات تُطالب قطر بحرية "المثليين"

 

أبرز تحديات نسخة 2022

“مجتمع الميم” ودعم المثليين

بدأ الأمر بإعلان 7 مُنتخبات أوروبية - بلجيكا، الدنمارك، إنجلترا، هولندا، ويلز، ألمانيا وسويسرا - نيتها الإعلان عن دعمها لحقوق المثليين ومُجتمع الميم خلال مواجهات مونديال قطر، وهي المسألة التي تلقفتها وسائل الإعلام الغربية، ونشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، لتشن هجمة شرسة على الإرهاصات الأولية لطريقة تعامل الدولة المُنظمة مع هذا الملف الشائك، الذي يتعارض مع تعاليم الهوية العربية وتعاليم الدين الإسلامي، الذي يدين به السواد الأعظم من مواطني دول المنطقة العربية.

 

في المُقابل تعاملت اللجنة المُنظمة لـ"مونديال قطر 2022"، ومراكزها الإعلامية بحزم شديد إزاء محاولات "الخروج عن النص" وإبداء أي إشارة للتضامن مع المثليين، وأعلنت أنها لن تسمح بارتداء أو ظهور شارات وأعلام "مجتمع الميم"، طبقًا لقوانينها التي تحظر وتُجرم هذا الأمر.

 

وأيد الاتحاد الدولي "بعد مُداولات ونقاشات حادة" موقف اللجنة المُنظمة لـ مونديال قطر 2022"، ومنع ارتداء لاعبي المُنتخبات المُشاركة في البطولة، لأي شارات تُعبر عن دعم المثليين خلال أيًا من مواجهات كأس العالم، مُعلنًا عن تطبيقه لعقوبات رادعة على من يُخالف هذا القرار. 

"فيزر" و"الماكينات" في قفص الاتهام

تحايل وخروج عن النص

لجأت بعض الدول الأوروبية ومسؤوليها ولاعبيها للتحايل على القرارات الحازمة التي فرضتها الدولة المُنظمة، تجاه حظر التعبير عن "المثلية" و"مجتمع الميم"، والتي ظهرت جلية في الظهور غير اللائق لوزيرة الداخلية الألمانية، نانسي فيزر، والتي أخفت شارة "دعم المثلية" أسفل معطفها قبل دخول ستاد خليفة الدولي الذي استضاف مباراة الماكينات أمام مُنتخب اليابان، في إطار دور المجموعات، لتُظهرها أمام الكاميرات بعد وصولها للمدرجات.

 

"فيزر" تحايلت لإعلان دعمها للمثليين
"فيزر" تحايلت لإعلان دعمها للمثليين

 

وجاءت اللقطة التي جمعت جياني إنفانتينو "رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم ووزيرة الداخلية الألمانية، والتي خطاب بها هوى "مُجتمع الميم"، ليُخفف من حجم الضُغوط الواقعة على “الفيفا”، وهو الأمر الذي لاقى انتقادات واسعة النطاق، بين النشطاء العرب، نظرًا لمُخالفته للقواعد والأعراف، والتعاليم الدينية المُحافظة للمجتمع العربي.

 

إنفانتينو يُشير لشارة "المثلية" على ذراع "فيزر"
إنفانتينو يُشير لشارة "المثلية" على ذراع "فيزر"

 

تبع هذه المُخالفة الصريحة للوائح الدولة المُنظمة لبطولة كأس العالم 2022، الحركة التي ابتدعها لاعبو المُنتخب الألماني قبل انطلاق مواجهتهم أمام اليابان - مُنيت فيها الماكينات بهزيمة غير مُتوقعة من الساموراي - وعبروا فيها عن تعرضهم لـ"تكميم الأفواه" إزاء رغبتهم في دعم "حقوق المثليين".

 

 

 

قائد المُنتخب الإنجليزي يُخالف القواعد

هاري كين وساعة بألوان "مُجتمع الميم"

تحايل هاري كين مُهاجم نادي توتنهام، وقائد المُنتخب الإنجليزي على المحاذير التي وضعتها الدولة المُنظمة، لـ”مونديال قطر 2022”، وارتدى ساعة بألوان قوس قزح في إشارة تعبر عن دعمه لمجتمع الميم وحقوق المثليين، وهي اللفتة التي نالت استهجان الجمهور العربي والقطري.

 

مزاعم كاذبة حول وفاة جرانت وال

أرملة الصحفي الأمريكي تكشف الحقيقة

سلطت الصحف ووسائل الإعلام الغربية الأضواء على نبأ وفاة الصحفي الأمريكي جرانت وال، والذي تواجد على الأراضي القطرية لتغطية المونديال، ومنعته السلطات المُكلفة بتأمين ستاد أحمد بن علي، من الدخول وحضور مباراة منتخب بلاده أمام ويلز، بسبب ارتدائه لقميص يحمل ألوان "مجتمع الميم".

 

جرانت وال بقميص بألوان "مجتمع الميم"
جرانت وال بقميص بألوان "مجتمع الميم"

 

واتهمت وسائل الإعلام الغربية السلطات القطرية بالضلوع في وفاته والتي سعت للتأكيد أنها تحمل "شُبهة جنائية"، لترد أرملته سيلين جوندر على هذه المزاعم والافتراءات الكاذبة خلال ظهورها في أحد البرامج التليفزيونية، وبرأت الدولة المُنظمة مؤكدةً أن زوجها تُوفي بسبب تمدد الأوعية الدموية ومشاكل في القلب.  

 

 

إيفانا وماريو

أحداث على الهامش

حظيت عارضة الأزياء وملكة الجمال الكرواتية السابقة إيفانا نول، بقدر مُماثل من الاستهجان، بسبب مُحاولاتها المُستميتة، لتخطي وتجاوز القوانين واللوائح المُشددة، التي وضعتها الدولة المُنظمة لبطولة كأس العالم، في نُسختها الثانية والعشرين، وهو الأمر الذي رصده مصوري الوكالات الأجنبية، ليطالب النشطاء العرب بترحيلها خارج البلاد، بسبب تجاوزاتها الأخلاقية، ومُخالفتها لقواعد الأزياء المسموح بارتدائها داخل المُدرجات، وهي اللقطات التي اعتادت على بثتها عبر صفحتها الرسمية على موقع تداول الصور والمقاطع القصيرة "إنستجرام".  

 

 

 

 

 

جاءت لقطة اقتحام المُشجع الإيطالي ماريو فيري، الذي فاجئ كافة المتواجدين بمدرجات ستاد لوسيل، بلقطه اقتحامه للملعب في الدقيقة الـ51 من مباراة البرتغال وأوروجواي، وهو يحمل علمًا بألوان "قوس قزح"، وقميصًا يحمل عبارتي "أنقذوا أوكرانيا"، و"الاحترام للمرأة الإيرانية". 

 

فيما بعد أطلقت السلطات القطرية سراح المُشجع الإيطالي دون ضمانات أو أي إجراءات إضافية، وأكدت بعض المواقع أن العلم الذي التقطته عدسات المصورين يحمل ألوان "السلام" ولا علاقة له بـ"مُجتمع الميم".  

 

لقطة اقتحام "فيري" للملعب
لقطة اقتحام "فيري" للملعب

 

البشت وانتصار الهوية العربية

البرغوث الأرجنتيني ومسك الختام

لم يكن أكثر المُشككين تفاؤلًا، يتوقع ما ستقوم به تلك الدولة الصغيرة من حيث المساحة والتعداد، الكبيرة من حيث الإمكانات، والتي نقلت “نسختها الكروية” الأكثر إبهارًا من حيز وفخامة “الإنجاز”، إلى رحابة “الإعجاز”، الذي يصعب تكراره. 

حفلت نسخة "قطر - ميسي" بالعديد من الانتصارات والانكسارات، وتحققت معها كافة الآمال والطموحات المُمكنة، وسجل التاريخ فيها للعرب سبعة انتصارات، "ست منها كروية تحققت على أرضية ملاعب البطولة بالكد والإرادة والاجتهاد"، وواحد معنوي رسمته الدولة المنظمة، وخططت له على مدار اثنتي عشر عامًا، فكان لها ما أرادت من النجاح.

في المُقابل سجل مونديال قطر 2022 نتائج مُخيبة لآمال مُنتخبات “الرينبو" ومُناصريها، وخروجًا غير مأسوف عليه، دون تحقيق أي نتائج تُذكر، وانتصارًا ساحقًا للهوية العربية، وجاء ختامها مسك بلقطة ستظل عالقة بالأذهان لسنوات طوال، ارتدى فيها البرغوث الأرجنتيني ليونيل ميسي "البشت"، أثناء الاحتفال بإحراز اللقب الثالث لراقصي التانجو والأول له على مدار خمس مُشاركات، ليؤكد أن العباءة العربية أكبر من أي ضغوط خارجية تُخالف عقيدتها وتقاليدها السوية القويمة، التي تتماشى مع كافة الشرائع السماوية. 

 

هي اللفتة الأذكى التي التقطتها عدسات الكاميرات ووكالات الأنباء العالمية، لتكسر أنف العنجهية الغربية، وتُعري ديمقراطيتها الزائفة. لقطة وثقها التاريخ وبطولة فضحت سياسة الكيل بمكيالين، ومحاولات الغرب الممجوجة لفرض وصايته وأخلاقياته "غير القويمة" على دول المنطقة، لتسجل معها انتصارًا حاسمًا لـ"أهل الضاد" على "مُجتمع الميم". 

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز