عاجل
الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

التواصل الحضاري بين بلاد الأندلس وإفريقيا جنوب الصحراء

د. إسماعيل حامد
د. إسماعيل حامد

كانت العلاقات بين كل من ممالك إفريقيا جنوب الصحراء وبلاد الأندلس دائمة غير منقطعة، وكانت تبدو مزدهرة بشكل أو بآخر في كثير من الأحيان، ومن أدلة ذلك التواصل الحضاري، أن العديد من السلع الأندلسية كانت تصل إلى أسواق المدن الكبرى مثل تمبكتو، وجاو، وجني، وغيرها.



كما أن شواهد القبور التي تم الكشف عنها بمدينة جاو "مالي حاليا" كانت قد تم نقشها في مدينة "ألمريا" في بلاد الأندلس. ولا ريب أن هذا يؤكد التواصل الحضاري بين بلاد الأندلس وسكان السودان الغربي.

كما أن الزيارات بين سكان غرب إفريقيا وبلاد الأندلس كانت شاهدة على التواصل الحضاري والثقافي بين الطرفين، فالمصادر تحدثنا عن زيارات كانت تحدث بين السكان في غرب إفريقيا إلى بلاد الأندلس، وكذلك العكس.

ولعل من أهم الأدلة على ذلك التواصل، فهذا المؤرخ والجغرافي الزهري صاحب "كتاب الجغرافية" "مات تقريبًا حوالي القرن 6هـ/ 12م"، وهو يحدثنا عن زيارات قام بها بعض من كبار الشخصيات منذ أيام مملكة غانة إلى بلاد الأندلس، حيث يذكر: "وفيه مدينة غانة.. وإليها تدخل القوافل من بلاد السوس الأقصى والمغرب.. وهم اليوم مسلمون، وعندهم العلماء والفقهاء والقراء، وسادوا في ذلك، وأتى منهم إلى بلاد الأندلس رؤساء من أكابرهم".

ولعل هذا يشير لقدم ذلك التواصل الحضاري بين الطرفين منذ ما قبل حكم منسا موسى ذاته، بل ومنذ ما قبل أيام دولة مالي الإسلامية ذاتها.

ولا ريب أن بلاد الأندلس شهدت بدورها ازدهارًا معماريًا وعمرانيًا لافتًا عبر تاريخها، ونال معماريو هذه البلاد شهرة وصيتًا واسعًا، لا سيما في مناطق غرب إفريقيا، وكان الملوك والحكام في هذه البلاد يحرصون على البحث عن المهندسين الأندلسيين، وكانوا يحفزونهم على القدوم لبلادهم.

وتتحدث المصادر التاريخية بأنه بعد أيام أبي إسحق الساحلي ومنسا موسى بأكثر من قرن من الزمان، طلب السلطان إسكيا محمد "899-935هـ" حاكم صنغى، أو ملك التكرور، خلال رحلته التي قام بها للحج أيضًا من أحد المعماريين من بلاد الأندلس أن يرجع معه في رحلة العودة، ليشرف على العمائر والمنشآت التي كان يريد إسكيا القيام بها، لا سيما قبره المعروف بـ"القبر الهرمي" في جاو.

هكذا كان للمهندسين الأندلسيين أثرهم المهم في عمارة ممالك غرب إفريقيا منذ القرن 8هـ/ 14م على أقل تقدير، وبينما كان التأثير العربي– البربري سابقًا على هذا التاريخ بالطبع. بينما كان التأثير الأوروبي، بحسب بعض الباحثين، على العمارة في غرب إفريقيا بصفة عامة لا يرجع سوى لما بعد مؤتمر الكونغو الذي عقد في سنة 1884م. وكان ذلك التأثير الأوروبي الحديث مع إقبال الأوروبيين على استغلال ثروات القارة، وعمل مشروعات استثمارية هدفها مزيد من السيطرة على ثروات الشعوب الإفريقية ونهبها دون وجه حق.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز