عاجل
الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

خليل الذوادي يكتب: وتبقى هويتنا الراسخة

السفير خليل الذوادي
السفير خليل الذوادي

عشنا في زمن كان الأجداد والآباء يتباهون بما أنجزوه في حياتهم. وعلى رأس ذلك طبعا علاقاتهم الوثيقة مع أهلهم وأصدقائهم ومعارفهم وأهل أحيائهم في مدنهم وقراهم وكانوا يشعرون بالفرح الغامر عندما ينجزون شيئا يفرح به الآخرون، ويقدمونه لهم بطيب خاطر ونفس رضية، ولا يهم كثر ذلك الصنيع أم كان متواضعا، لكنهم أدخلوا السرور إلى نفوسهم وأصبحوا راضين بما قسمه الله تعالى لهم، واهتدى الآخرون لبلوغه بنفس طيبة وبجهد قد يكون شاقا وقد يكون سهلا، ولكن النتيجة هي المعيار، في طبيعتنا كبشر تنشد الخير لنا ولمن تعول ولمن ترتبط بهم بعلاقات متنوعة، وتحرص عليها كحرصنا على أي شيء جميل يدخل السرور إلى النفوس.



أصبحنا في حاجة أكثر لأهلنا وأصدقائنا وأبناء وطننا.

السابقون على زيارات بعضهم بعضا حتى إن بعدت أوطانهم، فالأهل متواجدون في كل بقاع أوطاننا العربية إن لم تكن القربي تربطهم فإن ما بربطهم من عقيدة وزيارات متبادلة في مناسبات عدة خلقت الكثير من الصلات التي بانوا متعارفين عليها ويقدرونها..... في ذلك الزمن الذي تواصلوا فيه لم يعرفوا إلا بيوت بعضهم بعضا للسكن وقضاء أيام معدودة إلى جوار مستضيفيهم، يتقاسمون اللقمة. ويبنون مشاعرهم إلى بعضهم بعضا في محاولة للمساعدة والتكاتف الإنساني فكانوا يقولون: وعلى نياتكم ترزقون. كان التخطيط لزيارة الأهل في الغربة يتم سنويا في المناسبات.

تطورت الحياة وأصبحنا في حاجة أكثر لأهلنا وأصدقائنا وأبناء وطننا والحمد الله تطور العلم وتطورت مناهج التعليم وتنوعت الاختصاصات ومن يوم انتقلنا من المدرسة الإعدادية وأصبحنا في المرحلة الثانوية وكان علينا وقتها أن نختار بين العلمي أو الأدبي أو التجاري أو الصناعي، كنا أمام امتحان صعب في اختيار التوجه، فيتم ذلك ونتحمل نحن تبعة ما نختاره طبقا لمقتضيات الحال.

لم يكن الأهل إلا من رحم ربي يدركون أو يعرفون أو يستشارون فيما نختاره من تخصص وكان علينا أن نتحمل تبعات ما بلغنا من علم ومعرفة ودراسة وتجارب في الحياة متنوعة لا يزال التحدي ماثلًا أمامنا ماذا تختار في حياتنا وما هم الأصحاب الذين تلجأ إليهم إذا ما أدلهمت بنا الخطوب ويظل السؤال حائرا في ذاتنا ونحن أمام اختبار صعب في اختيار ما يناسب مستقبلنا ومستقبل أبنائنا وأحفادنا، فالحياة تعقدت وبانت الأمور فيها ليست سهلة وميسورة، فما يجرى في العالم من حولنا يواجهنا يوميا بالتحدي ويفرض علينا قيم جديدة تبنتها شعوب واسم ساروا عليها ويحاولون أن يجبرونا على أن تسير على خطاهم وتقلد طرق معيشتهم وبحثهم عن الرزق فيأتي علينا أن نختار ما بين شخصيتنا وقيمنا وما نؤمن به وبين تلك القيم العالمية والتي يعتقد معتنقوها إنها في الأصح وعلينا اتباعها والسير عليها. ولكننا والحمد لله أصحاب قيم ومعتقدات وأصحاب تجارب متراكمة فرضها قرينا من بعضنا بعضا واطلاعنا على ما قام به الأجداد والآباء من تواصل خلق بينهم عناصر المودة والمعروف وتقديم كل ما يسهل أمورهم وبربط وسائل التفاهم بينهم حتى وإن اختلفت بلدانهم.

طبعا نحن لا نستطيع أن تعيد عقارب ساعة الزمن إلى الوراء، لكننا مطالبون بالاستفادة من كل القيم الإنسانية الراقية والتمثل بها والاعتداء بمعطياتها وبما يحفظ علينا حياتنا ويديم الاستقرار والأمن في ربوعنا. مع تطور الحياة تزداد الحاجة إلى السير بخطى سريعة لكنها ثابتة وراسخة وعلينا أن تدفع بأبنائنا واحفادنا للسير في طرق المستقبل المتاحة مع الإيمان الراسخ بأن لهم جذورا لا يجب أن يتخلوا عنها ويقضوا النظر عما تحمله من مثل وقيم فيها الخير للبشرية جمعاء.... نعم التحديات كثيرة والتغيرات لا تنتظر المتخاذلين، وأخذ الدروس والعبر تتطلب منا أن تكون على دراية وعلم وتتعاون مع غيرنا من أجل خير الجميع ومن أجل أن نعيش بأمن وأمان، ومن هذا فالتكاتف والتآزر والبذل والعطاء من أهم وألزم الأمور التي علينا اتباعها لخير الجميع ولكي تعيش في أمن وأمان وتحقق كل ما تنشده الأوطان من خير لشعوبها إن كان في المجال السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي أو الثقافي أو في الأمور البسيطة التي يتميز فيها شعب عن سواء، فالخير فيما اختاره الله سبحانه وتعالى.. وعلى الخير والمحبة نلتقي.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز