عاجل
الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

د. ايمان ضاهر تكتب: الشرق والغرب.. هل يلتقيان؟

د. ايمان ضاهر
د. ايمان ضاهر

"الشرق هو الشرق، والغرب هو الغرب وهذان العالمان لن يتمكنا من فهم بعضهما البعض". 



مقولة احد شعراء الغرب. ويعلمنا الروائي ان علينا فهم العالم باختلافاته وتناقضاته الغنية باللغة والدين والوطن والانتماء والحضارة. 

 

علينا فهم العالم كسؤال، أليس الاختلاف هو الامل الوحيد حتى نهاية البشرية، فالشرقي هو مختلف عن الغربي لكنه يشبهه في الوقت عينه، مما يجعل الوحدة والتنوع البشر من افضل قواعد العلم والعقل، الاصلاح الحقيقي في وسط الظلام الحالك اليوم.

 

"لا تطور عظيمَا في الغرب الا في ظل حلم أتى من الشرق" اليس كذلك؟.

أن أرقى ما يميز حضارة الشرق هو القناعة، وكما يقال "كنز من ذهب"، بينما الغرب يستخف بها.

الغرب البدين، حيث يعيش الانسان في حب الذات حتى الغضب، ويرحل من اليأس في ذهول الموت. لكنه يؤمن بالديمقراطية التي لم تعد برأيي (وانا اعيش في الغرب) المثال الكريم، الذي ناضلت أجيال عديدة من اجلها.

وكما يقول فلاسفة القرن الماضي: "لم يعد اهل الغرب يدركون انهم يجلبون الهدم والدمار في مشاريعهم بتقويض احلام بشرية أخرى".

 

"نرى في هذا الغرب سماء ضبابية، غطاء أسود للوعاء العظيم حيث تتجول إنسانية واسعة ولكن غير محسوسة" كما يقول الشاعر الفرنسي بودلير. وقد صدق، لأن الغرب سيظل الدفاع عن الحق، ولكن أي حق؟ حقوق الإنسان في الظاهر تتجلى، ولكن الباطن يخفي الكثير، إنسانية تخلت عن روحانية الاعتراف بالآخر والانسحاب منه، لانتقاد تقدمه وتطوره.

 

وماذا يلوح في آفاق الشرق منذ سنين في مصر؟ والعالم اجمع انبهر وسحر من تميزها وتفوقها على كل اسلافها، قمة شرم الشيخ للمناخ، رأينا في هذا البلد حضنا حقيقيا وانسانية رائعة، رسخت قوة العربي، القائد عبد الفتاح السيسي، وشعبه العظيم في فهم كلمة "إنسان"، إنسانيتنا مشتركة وأقدارنا مترابطة، سعداء وأحرار معا، لا يمكننا الا العيش معا، لنكون "بشرا" في إنقاذ الأرض المجيدة، حيث نأوى جميعا في وئام وسلام، نحن الأسرة البشرية اينما نكون...

 

"فلنحاول أن نكون بشرًا بالكامل، وربما لن نرى طريقا للشر.." كلمات الحكيم كونفوشيوس.. وللاسف منذ بداية "كأس العالم" في بلد عربي، نستمع يوميا لرنين الاتهامات الغربية وعدم الثقة في أن العربي الخليجي يمكنه أن يحقق منارة رياضية عريقة بأعلى المستويات العالمية.

وهانحن نعبر طريق الكراهية وتقودها هالة غير مجدية ومزيفة. فالشكاوى سلاح الضعفاء ونحن دولة قطر، لا تحقق فقط نجاحا ماديا في امارتها، انما قادرون على الإبداع الرياضي والانساني وروحنا العظيمة وايماننا الكبير بالله عز وجل،  يجعلنا نغفر للمنتقدين، وقد فقدوا قوانين الصداقة واهملوها.

 

وهنا أود التحدث عن عجز الدول الغربية وازمة "الديمقراطية" لديها، وتلاشي الصفات الانسانية في المضي بالتحويلات الخفية لمنع الشرق من استرجاع امجاده، في الوقت الذي ما زالت دول تتدمر في كيان شعبها وحضارتها منذ سنين، امام عيون الغرب، المستعمر والمتفرج، والمنادي "بحقوق الانسان"، وكأنها بالنسبة لي صرعات كالموضة تتبدل حسب المناخ سياسيًا والانتهازية.

أرى الهياكل الغربية التكتلية، المتآكلة في عمقها تدور حول نفسها في دوامة منذ مئات السنين، الانكماش والتقوقع لعدم قبول نماذج سياسية مختلفة عنهم. لكل إنسان، كإنسان الاستعداد اللازم لفهم الحقائق الحالية. فلماذا ايها الغرب ترفض النافع للشرق لتطوره، بحجة وجود عيب فيه؟

وكيف تصقل ايها الغرب نجاح الديمقراطية اذا لم تعترف بحرية الغير وتحترم مبادئه الداخلية؟

كم من الفكر احتكرت؟ أليست هذه عنصرية واستعمارية أكثر منها ثقافة انفتاحية؟

لم تعد تبيع الأحلام التي يطير بها البشر؟

ألست من يتأمل بشر ضعفاء يموتون اطفالا ونساء وشيوخا وشبابا في وسط البحر؟

غطرستك أيها الغرب تغذي حضارتك!

لكي يصبح الانسان قويا وثريا عليه الامتثال بالغرب. لكن المثل القديم في كمال الغرب أضاع الدرب، وبدأ ينحدر شيئا فشيئا، "والشرق في ثقافته وعنفوانه يستجدي الحياة والحرية من دولة او من إنسان وشآبيب الحرية والطهر والجمال تتدفق عليه في كل لحظة من يد الله السخية".

ولنصغي لقوافي شاعر مصر الكبير حافظ إبراهيم الهائم بالشرق، بوفائه وفضيلته:

"ياليتني لم أعاجل الموت قبل الآوان حتى أرى الشرق يسمو رغم اعتداء الزمان، ويسترد جلالا له ورفعة شأن.."

بهذه القيم الكبيرة والآمال الحالمة، والهائلة، المغمورة بالتحديات المالية والسياسية، ايضا الاجتماعية المختلفة، استطاعت قطر العربية، ان تستقبل في ربوعها العالم بأسره في "كأس العالم" الحدث العظيم، الذي يجسد المعاني العالية للشرق الاوسط، في بناء السلام، ونهضة الاستقرار. فبدت تضيء بكل الاضواء، في وسط المرايا الكريستالية وكأنها نجوم تحتضن كل شيء لتثبت للعالم أنها الشرق المنفتح للاخر بالحوار والتسامح، لندع حملات التشويه جانبا، البعيدة عن الدقة والموضوعية، ولنوحد الرؤى والافكار بالارتقاء في مفهوم التعاون من اجل اتحاد الشعوب في هذا الموكب الاحتفائي الرياضي الكبير. 

واخيرا، الانسان كائن عاقل، لكن هل كل البشر كذلك؟ لنرى الامور بموضوعية واشراقة انسانية لهذا الحدث في الشرق المدهش في سحره. بطولة كأس العالم في قطر ليس الا استثمارا لكنوز الشرق، الذي وجه عيونه نحو النجم المتألق ولم يستدر لاحد." لقد قادت قطر أشرعتها وضغطت على الدفة بكل قوتها لتتقدم بقوة الريح ذاتها".

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز