عاجل
الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

د. عادل القليعي يكتب: تراثنا الحضاري وكيفية الحفاظ عليه

د. عادل القليعي
د. عادل القليعي

رب سائل يسألني ، ما الذي دفعك للكتابة عن هذا الموضوع، هل مثلا عندما  سمعت عن مبادرة ألبوم الوطن للفنون المرئية لحفظ وتوثيق التراث والتي أطلقها الإعلامي المبدع أحمد راضي للحفاظ على تراثنا والذي يمثل حفاظا على هويتنا ويؤصل لتاريخ حضارتنا في شتى صنوف المعارف.



هذه واحدة، أما الثانية حرصا مني على النهوض ببلدنا الحبيب لكي تأخذ مكانتها اللائقة بين الأمم، خصوصاً ونحن مقبلون على جمهورية جديدة تقوم ركائزها على التقدم التقني والثورة المعلوماتي والذكاء الاصطناعي، وعالم الرقمنة الذي سيعد بدوره وسيلة للحفاظ على تراثنا الحضاري، إضافة إلى وجود مجلدات ومخطوطات ورقية، يكون على الجانب الآخر حفظها وتدوينها على الحاسوبات وحفظها حفظا اليكترونيا محميا.

محاولة لإبراز الوجوه المشرقة لحضارتنا وإعدادها بطريقة جيدة كبانوراما مرئية وكدليل إرشادي للوفود سواء السياحية أو العلمية التي تفد وستفد من الخارج سواء للسياحة أو للمؤتمرات والندوات الثقافية.

 السيدات والسادة قضية تراثنا الحضاري والحفاظ عليه قضية لا أقول قضية كل مصري وإنما أقول قضية كل عربي حر يستطيع أن يمسك بقلمه ويكتب .

كتبنا عن هذا الموضوع بل ،  وكان شغلنا الشاغل منذ سنوات ولن نمل الكتابة عنه ولن نسأمها فهذه غايتنا.

الكتابة عن الحفاظ عن موروثنا الحضاري تناولها كثيرون اذكر على سبيل المثال فضيلة العلامة عبدالحليم محمود ومن قبله شيخنا الجليل أمين الخولي،  وكذلك من قبلهما سيدنا ومفكرنا مصطفى عبد الرازق ، ولم يغب عنا مؤلف زكي نجيب محمود تراثنا والتجديد، والشرق الفنان وغيرهم كثير.

فدافعنا واحد وتوجهنا واحد الوقوف والتصدي بمنتهى الحزم وبكل ما أوتينا من قوة الكلمة والحكمة وفصل الخطاب ضد من تسول له نفسه للعبث بتراثنا،  وتشويهه لمآرب لا يعرف نوايا أصحابها إلا الله .

يتحدثون بكلام يبدو أن ظاهره فيه الرحمة وباطنه من قبله العذاب، كمن يقدم لك كوبا من اللبن تستشعر حلاوته وجماله من أول رشفة ترتشفها إلى أن تتمعن في تذوقه فتجده مرا مدسوس به السم .

مثلما فعل بعض المستشرقين الذين يريدون أن يفرغوا التاريخ من محتواه ويستجهلون الناس بأسلوب سفسطائي قالبين الحق باطلا والباطل حقا .

ونحن من وراءهم نرد عليهم بكل ما أوتينا من فكر فلا يدحض الفكر الا الفكر.

وللأسف هناك كثيرون وقلبي يدمي لقول هذا الكلام كثيرون من بني جلدتنا عربي الجنس مسلم بشهادة ميلاده ينقاد انقيادا أعمى وينساق انسياق الأنعام بل هم أضل ينساقون وراء حملات التشويه هذه بل ويروجون لها وينصبون أنفسهم للأسف حماة لهذا التراث.  ويتصدرون للإفتاء بفتاوٍ ضآلة مضلة ما أنزل الله بها من سلطان ، أقول لأمثال هؤلاء إن لم تستطيعوا قول الصواب فانصتوا لعلمائنا وتعلموا منهم .

إن لم تستطيعوا الدفاع عن تراثنا وعقيدتنا فالتزموا الصمت، ودعوا المهمومين بقضايا تراثنا يقولون كلمتهم ويطلقون مبادراتهم التي ستحمل أسماءهم وسيخلدها التاريخ 

بين الفينة والفينة يقيض الله لنا صوتا ييقظ الوازع الداخلي فينا أفق يا فلان ياهذا قم أمسك بمحبرتك واملأ قلمك مدادا ولا تجعله يجف واستمر في الكتابة ودافع عن موروثك الحضاري والفكري.

سيداتي وسادتي يا من كل من ستقع عينه على مقالتي ماذا فعلنا بهذا التراث ، هل أخذناه ومددنا أيدينا إليه واستخرجنا زخائره وكنوزه.

هل أطلقنا مبادرات جادة كالتي أطلقها الإعلامي القدير أحمد راضي للحفاظ على تراثنا.

 أم تركناه هملا تمتلأ به المكتبات وتعج به الدوريات ويكون طعاما للقوارض تنهش مجلداته .

هل أزلنا الغبار الذي صار ركاما من التراب هل مددنا أيدينا إليه لنستخرج منه كنوز المعرفة في شتى المجالات وشتى العلوم النظرية والعملية والشرعية.

هل استفدنا من تجارب الغرب في حفاظهم على تراثهم، هل سجلنا أفلاما تسجيلية تحميل مادة علمية لكنوزنا المعرفية، هل قمنا بزيادة الندوات التوعوية التثقيفية لتحريك الوعي الجماهيري نحو النهوض بحضارتنا.

هل قمنا بزيادة عدد المتاحف والمزارات السياحية التي تجسد عبق تاريخنا تجسده واقعا ملموسا.

هل قامت كليات الحاسوب بزيادة عدد دوراتها التدريبية في الرقمنة للنهوض بالموظفين في قطاعات الثقافة والإعلام ، لتحويل المخطوطات الميكروفيلمية إلى لغة الأرقام حفاظا عليها من التلف.

هل وجهت كليات الفنون التطبيقية بكل أقسامها، هل وجهت طلابها في مشاريع التخرج، كالنحت مثلا والتصوير والفن التشكيلي، هل وجهتهم إلى نقل الرسوم والصور الجدرانية الموجودة على جدر المعابد إلى واقع ملموس يوضع في المتاحف.

هل أخذت وزارة الثقافة الخطوة لتوجيه قطاع الفنون والثقافة والآداب، قطاع السينما والتليفزيون إلى تسجيل الأفلام التصويرية عن شخصيات تجسد فترة معينة من حياة الأسر الفرعونية القديمة ورحلات هم مثلما كان يتم ذلك قديما، لكن يتم هذه المرة بتقنيات العصر ، وسيكون أفضل، ليس هذا وحسب بل ونجسد شخصيات أثرت حياتنا الثقافية والعلمية والاجتماعية والاقتصادية والدينية ، أثرتها بالفعل في واقعنا المعاصر، كأحمد زويل، وكمجدي يعقوب، وكذكي نجيب محمود .

أليست سير هؤلاء موروث حضاري يستفيد منه الجميع. 

لماذا لا تلتفت الأنظار إلى ثروتنا الأثرية في أخميم مثلا، لماذا لا نخرج آثارنا من حيز الوجود بالقوة إلى حيز الوجود بالفعل. هذا ما فعله الغرب حملوا تراثنا ونسبوه الي أنفسهم، ونحن إلا من رحم ربي في سبات عميق، نائمون لا مخمورون بخمىر التغني بأمجاد الماضي وحضارتنا وأمجاد أجدادنا ولو عاد أجدادنا لأسفوا لحالنا ولضربونا بالنعال البالية.

لماذا ضيعتم ما تعبنا فيه وقدمناه لكم على أطباق من لؤلؤ، لتلألؤوا بها وتزدهر حياتكم وتسيروا إلى الأمام وإلى التقدم العلمي والتقني بدلا من الخنوع الذي صرتم إليه.

يا ليت قومي يفقهون مقالتي

ماذا فعلنا لهذا التراث،  لماذا لم نتصد وندافع عنه جهاد الكلمة والكلمة أمانة ومسؤولية لماذا لم ندافع عنه ضد حملات التشويه من بعض المستشرقين، ضد عنصرية بعض المستشرقين ضد من نصبوا أنفسهم حماة للعالم وحراسا للفكر.

هل يعقل أن نرى شبهة تدعى على حضارتنا وعلى موروثنا الحضاري تقول إن تراثنا الاسلامي يقف حجر عثرة أمام التقدم العلمي وأن الإسلام بقرآنه وسنته يدعوا إلى الرجعية والتخلف ويدعو إلى التبعية.

يا من تفترون على تراثنا كذبا وزورا وبهتانا نقول لكم قفوا عن منتهاكم وتأدبوا وقارعونا الحجة بالحجة والرأي بالرأي .

أين كانت حضارتكم في عصوركم البالية المظلمة، هل تراثنا العربي بكل قيمه ومبادئه يحول دون حرية الفكر، لوبقليل من الحكمة لو راجعتم قرآننا لوجدتم كيف كان ديننا دعوة إلى إعمال العقل والفهم والاستبصار.

لو وجدتم كيف حفظ الله تعالى للعقل مكانته وكيف حفظه من التخريب والتيه والضلال،  كيف رفع الله تعالى العلم والعلماء مكانا عليا وآيات القرآن كثيرة وأحاديث النبي كثيرة ألم يقل الله تعالى:( يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات).

ألم يقل النبي صلي الله عليه وسلم، (مداد العلماء كدماء الشهداء).

ثم ألم يطلق الله سبحانه وتعالى للعقل العنان في البحث والتنقيب والفهم والدراسة حتى في الأمور الميتافيزيقية، والفيزيقية العالم الطبيعي،  

وكذلك في المسائل التشريعية الاجتهادية التي تعتمد على القياس المنطقي الاجتهاد. وفي

 المسائل الأخلاقية حديثنا عن الخير وعن الشر ، عن الحق والباطل، القبح والحسن.

وغيرها، ألم يتناول فلاسفة الإسلام والعرب الحديث عن قضايا وجودية تحتمل الدليل العقلي وكذلك الدليل النقلي.

كل ذلك لا بد من إبرازه أمام الجميع عن طريق الآداب والفنون ولاسيما فن الزخارف والنحت ، والرسم ، حتى ولو بالرسوم المتحركة ، قدموها على هيئة أفلام للكبار و للصغار ، قدموا ابن الهيثم ، ابن حيان ، الفارابي ، ابن رشد ، ابن النفيس ، الزهراوي الطبيب ، الإدريسي ، المقدسي ، قدموا هؤلاء للحفاظ على تراثنا الحضاري الغالي 

السيدات والسادة  لا بد من الوقوف صفا واحدا كتفا بكتف قدما بقدم نتخندق جميعا في خندق واحد، فرشنا أرضنا، نلتحف السماء ولنجعل دأبنا وديدننا الدفاع عن هذه الحضارة وهذا التراث.

اطلقوا المبادرات كالتي أطلقها أحمد راضي ، فهي بداية الانطلاق للإمام والسير قدما للحفاظ على تراثنا الحضاري.

 ولنجعل دثارنا حضارتنا ندثر بها ونحتمي بها ونتزود بها ونجعلها عدتنا وعتادنا ضد من تسول له نفسه العبث بمقدراتنا والنيل من هويتنا سواء بتشويهنا أو تغريبنا عنا أقصد عن هويتنا.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز