عاجل
الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
مؤتمر المناخ في مصر السفير محمد نصر
البنك الاهلي

السفير محمد نصر كبير مفاوضي المناخ في ندوة "بوابة روزاليوسف" (1): العالم على المحك.. وهذا هو تاريخ المفاوضات

السفير محمد نصر
السفير محمد نصر

"استكهولم" كانت البداية وانتبه العالم إلى أن مواجهة التغيرات المناخية تتطلب نمطًا تنمويًا مغايرًا له تأثيرات كبيرة على اقتصاديات الدول 



التغير المناخي تمتد آثاره للاقتصاد والأمن الغدائي والطاقة حتى الصيادين في البحار ودرجة ملوحة التربة الزراعية 

التغير في خريطة هطول الأمطار سيحدث ارتباكًا كبيرًا وآثارًا مدمرة أحيانًا على المراعي والأراضي الزراعية

خفض الانبعاثات ليس بالسهولة التي يتصورها البعض، لأن الانبعاثات تصدر عن كل النشاطات البشرية

 العلماء أكدوا ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض بمقدار 1.1 درجه مئوية من 1900-2000 ويجب ألا تتجاوز 1.5 درجة 

معركة التمويل وطبيعته بين الدول المتقدمة والنامية هي الأهم في السنوات الأخيرة ويسعى COP27 لحسمها

 

أدار الندوة: أيمن عبدالمجيد

تصوير: محمد الشاهد

 شارك بها: محسن عبدالستار- عادل عبدالمحسن- أحمد العطار- أحمد خيري- ياسر شوقي- زين إبراهيم 

 

مع بداية العد التنازلي، للحدث الأهم عالميًا، مؤتمر الأطراف لتغير المناخ COp27، الذي تستضيفه مصر في جوهرة سيناء مدينة شرم الشيخ، لمناقشة قضية التغير المناخي، التي تشغل اهتمام البشرية، لما شهده العالم من آثار سلبية لتلك التغيرات مؤخرًا في شكل فيضانات وحرائق غابات وتوقعات بتزايد التأثيرات على الغذاء والصحة والاقتصاد والطاقة ومستقبل الدول والمدن الشاطئية، كان من المهم المساهمة في بناء حصون الوعي بهذه القضية.

 

ومع تحولها من قضية علمية يرصدها العلماء ويحذرون من آثارها، إلى قضية تتطلب مواجهتها توافقات سياسية بين قادة العالم، فكان من المهم الوقوف على طبيعة تلك المفاوضات الدولية للدول الأطراف، نشأتها، ومستهدفاتها وتحدياتها، وصولًا إلى مؤتمر الأطراف COp27.

 

وللإجابة عن تلك التساؤلات، كانت تلك الندوة التي استضافت بها "بوابة روزاليوسف"، السفير محمد نصر، مدير إدارة تغير المناخ والبيئة والتنمية المستدامة بوزارة الخارجية المصرية، كبير مفاوضي مصر والقارة الإفريقية بمفاوضات الدول الأطراف، فهو  المفاوض الرئيس، بشأن التمويل للمجموعة الإفريقية للمفاوضين بشأن تغير المناخ (AGN) منذ عام 2009.

 

في البداية.. رحب الكاتب الصحفي أيمن عبدالمجيد، رئيس تحرير بوابة روزاليوسف والكتاب الذهبي، بالسفير محمد نصر، متمنيًا لمصر والقارة الإفريقية النجاح في تحقيق مستهدفات النسخة 27 لمؤتمر الأطراف لتغير المناخ، المقرر لها من السادس إلى الثامن عشر من نوفمبر بمدينة شرم الشيخ.

 

 

ووجه السفير محمد نصر في بداية الندوة التحية لـ"بوابة روز اليوسف"، ورئيس التحرير الكاتب الصحفي أيمن عبد المجيد، والزملاء المشاركين، معربًا عن تقديره لمؤسسة روزاليوسف العريقة، وبوابة روزاليوسف والكتاب الذهبي للاهتمام بقضايا المناخ والمساهمة في بناء وعي عام بقضايا المناخ.

 

 

وأجاب "نصر" خلال الندوة، التي ننشرها على حلقتين، عن العديد من التساؤلات، متطرقًا إلى العديد من الملفات المهمة المتعلقة بمفاوضات المناخ، وآخر تطورات حالة الطوارئ العالمية الناجمة عن تغير المناخ وانعكاساتها الملموسة على جميع قطاعات الحياة على كوكب الأرض، مقدمًا شرحًا مفصلًا وتحليلًا عميقًا لأبعاد الأزمة العالمية والدور المصري، خلال المفاوضات التاريخية المزمع إجراؤها على أرض شرم الشيخ.. وإلى تفاصيل الندوة:

 

 

 

 

"بوابة روزاليوسف": تستضيف مصر قمة الأطراف لتغير المناخ COP27، ما يعني أن هناك 26 قمة سابقة، نريد أن نوضح للجمهور غير المتخصص أهمية تلك القمة ونشأة مفاوضات الأطراف؟

السفير محمد نصر: بداية أود أن أوضح  أن مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ، والمعروفة بقمة المناخ، أكبر مؤتمر سنوي يتم تنظيمه على مستوى العالم، حيث يشارك فيه ما بين 15و30 ألف مشارك في المتوسط، بجانب ما يقرب من 120 رئيس دولة، وأكثر من 200 وزير، متنوعين ما بين وزراء للبيئة والري والتجارة والمالية.

 

 

تعكس أهمية القمة المناخية العالمية مدى تأثير حالة الطوارئ المناخية العالمية على كافة مناحي الحياة، وكيف أصبحت محل اهتمام الجميع، بعد أن تخطت كونها أزمة بيئية بالأساس، كما كانت في البداية، وتحولت إلى أزمة شاملة، تدعم نمطًا تنمويًا جديدًا ببعد سياسي واقتصادي شديد الأهمية.

 

 

والآن نري جزءًا كبيرًا من المجتمع والصحافة المصرية، خاصة هذا العام يهتم بموضوعات تغير المناخ، وبدء يتكشف للجميع حجم ومستوى أهمية تغير المناخ، باعتبارها موضوعات تؤثر في كل شيء في حياتنا.

 

 

فلم تعد أزمة تغير المناخ وآثارها منذ سنوات مجرد أزمة بيئية تتعلق بارتفاع درجة الحرارة أو ارتفاع مستوى سطح البحر، بل تعدى تأثيرها الطبيعي على الأشخاص والمجتمعات، وامتد ليشمل قطاعات بأكملها، وعلى سبيل المثال  التغيرات المستمرة في درجة الحرارة سواء في فصل الشتاء أو الصيف، فلم يصبح الجو في مصر مثلًا حار جاف صيفًا كما هو معتاد جغرافيًا، وأصبحنا نتحدث عن آثار لتغير المناخ تتعدى علوم الجغرافيا، وتؤثر على القطاع الزراعي نفسه، حيث تتأثر الإنتاجية الزراعية، وبالتالي تتأثر ملفات أخرى تخص حياة الناس وسبل عيشها مثل الأمن الغذائي، وإنتاجية المحاصيل الزراعية، والحرائق والجفاف والفيضانات في مناطق من العالم لم تشهد تلك الأحداث المناخية بهذا العنف.

 

 

كما أن ارتفاع سطح البحر لا يتسبب فقط في تآكل الشواطئ، بل يؤثر أيضًا على ملوحة المياه الجوفية في المناطق الساحلية، والتي تؤدي إلى إحداث مشاكل في التربة، وبالتالي جزء كبير من النشاط السكاني والنشاط الزراعي في المناطق الساحلية يتأثر بصورة مباشرة، يؤثر على المجتمعات البشرية.

 

 

وإذا تحدثنا عن تغير مناخي يؤدي إلى ارتفاع درجة الحرارة عن معدلاتها الطبيعية، فهذا يؤدي إلى استخدام ملايين البشر بشكل أكبر لأجهزة مكيفات الهواء في المنطقة، وهذا ما يحدث الآن بالفعل، وبالتالي يؤدي إلى زيادة استهلاك الكهرباء، وعجز في الطاقة أو ارتفاع في أسعارها.

 

 

كل هذه المعطيات إذا نظرنا إليها من منظور الآثار غير البيئية لتغير المناخ سنجدها موجودة فى كل شيء، بداية من قطاعات الصناعة وإنتاج الطاقة التي من المفترض أن تساهم في خفض الانبعاثات، وصولًا إلى القطاعات التي تتأثر بالتغيرات المناخية والتي تسمى بـ"الحياة المعيشية" المتعلقة بحياة الأفراد، والتي تتأثر بصورة مباشرة.   بالإضافة إلى ذلك تؤدي التغيرات المناخية إلى تغير في الغطاء النباتي والمراعي والنشاط السكاني، ولها آثار تتخطى بصورة كبيرة جدا البعد البيئي، إلى إصابة مناطق بالجفاف وحدوث هجرات.

 

 

 

 

"بوابة روزاليوسف": متى انتبه العالم لتغيرات المناخ وشمول آثارها بحيث لم يعد ينظر إليها على أنها مجرد تغير في الطقس وهل اتفق العالم على مواجهتها؟

السفير محمد نصر: في عام 1972 بدأ العالم في الحديث عن موضوعات البيئة بصورة عامة، وكيف نتخذ مسارات لتحقيق التنمية بشكل يتوافق مع البيئة، وبدأ يعي العالم أن تحذيرات العلماء تتطلب قرارات سياسية من القادة والزعماء.

 

 

ومن 5 إلى 16 يونيو 1972، عُقد مؤتمر ستوكهولم، وهو مؤتمر دولي لحماية البيئة عقد في العاصمة السويدية "ستوكهولم"، لمناقشة مشاكل الإنسان والبيئة بدعوة من منظمة الأمم المتحدة، وكان بمثابة بداية حقيقية لعولمة القضايا البيئية.

 

 

يمكن أن نعتبر إعلان ستوكهولم هو الأساس الذي بنيت عليه جميع الاتفاقيات الشهيرة المرتبطة بالتغير المناخي والتصحر والتنوع البيولوجي فيما بعد. كانت المحطة التالية في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالبيئة والتنمية (UNCED)، الذي يعرف باسم قمة الأرض، وعقد في ريو دي جانيرو في البرازيل، في الفترة من 5-14 يونيو 1992.

 

 

 

 

وتناول المؤتمر ثلاثة مسارات مهمة، كل منهم يتعلق بقضية محددة، التنوع البيولوجي والتغير المناخي والتصحر، وذلك تحت إطار التعامل الأجمع باسم التنمية المستدامة.

 

 

أخذ كل مسار من المسارات الثلاثة طريقه، لكن كان أشدهم صعوبة هو قضية التغير المناخي، لأن مواجهة ذلك التغير يتطلب التحول إلى نمط تنموي مختلف عما سبق، وهذا التغيير له آثار مباشرة على الثروة الطبيعية وقطاعات كبيرة جدًا، كان البعض يعتقد أنها مستقرة، كالدول التي تعتمد في مصادر طاقتها وثروتها على الفحم أو البترول أو الغاز، وهذه الثروة قيمتها ستقل بسبب هذا التحول، وبدلًا من أن تدخل عائد مادي ستكون لها تكلفة عالية على الدولة المنتجة لها، وبالتالي قيمتها ستصبح سلبية وتقل مع الوقت، بينما ستتحول الثروة إلى الدول التي لديها طاقة متجددة مثل الشمس والهواء.

 

 

وكانت من أهم نتائج مؤتمر ريو دي جانيرو، تبني دول العالم لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (UNFCCC).

 

 

دخلت الاتفاقية الإطارية منذ عام 1994 حيز النفاذ، وبدأ عقد الاجتماعات كل عام للتفاوض بشأن الأمر، وانقسمت المفاوضات إلى شقين، الأول هو مؤتمر جامع شامل يتم عقده آخر كل عام في نوفمبر أو ديسمبر، وهو ما يعرف بقمة المناخ، والثاني في شكل اجتماعات فنية تعقد منتصف العام في شهر يونيو في مدينة بون بألمانيا. هذه هي الترتيبة التي بدأت عام 1994 أو 1995، وفي كل عام يعقد مؤتمر الأطراف منذ ذلك الحين، باستثناء نسخة عام 2022 التي تم تأجيلها بسبب وباء كوفيد 19. وفي العام الجاري، بعد 28 سنة من اعتماد الاتفاقية، نتجه إلى النسخة السابعة والعشرين من المؤتمر السنوي، والمعروف بـcop27، الذي تستضيفه مصر نيابة عن القارة الإفريقية بمدينة شرم الشيخ.

 

 

 

 

"بوابة روزاليوسف": مواجهة التغيرات المناخية تحتاج قرارات سياسية لها آثارها على اقتصاديات الدول الكبرى، فم الاتفاقيات التي تحكم المفاوضات بين الدول الاطراف والأنظمة خلال المؤتمر السنوي؟

بالفعل تتطلب قرارات سياسية، لذلك منذ 28 عامًا تتفاوض الأطراف حول أزمة التغير المناخي، تحت إطار عدد من الاتفاقيات والبروتوكولات.

 

 

كانت المفاوضات في البداية تعتمد على الاتفاقية الإطارية سالفة الذكر، بجانب بروتوكول كيوتو الذي تم الاتفاق عليه عام 1997، كخطوة تنفيذية لاتفاقية الأمم المتحدة المبدئية، بشأن التغير المناخي. وأساس الاتفاقيتان قام على التفرقة بين الدول النامية والدول المتقدمة في المسؤولية التاريخية عن الانبعاثات التي أدت لتغير المناخ.

 

 

فالدول المتقدمة مسؤولة تاريخيًا عن الانبعاثات الموجودة في الغلاف الجوي، وعليها التزام تجاه الدول النامية لتمويل متطلبات التكيف، وعليها أيضًا مسؤولية اتخاذ إجراءات شديدة لكي تتعامل مع التغير المناخي، لتخفيف انبعاثات الغازات الدفيئة والتكيف، وهذه الإجراءات حددها العلم بوضوح، وحولها يتم التفاوض بين الدول، ويبقي هناك إلزام على الدول المتقدمة بتخفيض انبعاثاتها.

 

 

 

 

 

"بوابة روزاليوسف": خفض الدول الصناعية الكبرى لانبعاثاتها يعني تحولات إلى الطاقة المتجددة وآثار مباشرة على إنتاجها الصناعي هل هناك استجابة؟

السفير محمد نصر:  خفض الانبعاثات ليس بالسهولة التي يتصورها البعض، لأن الانبعاثات تصدر عن كل النشاطات البشرية، وليس النشاط الصناعي فقط، بل تنتج الانبعاثات بداية من تربية الماشية والزراعة وحتى إنتاج الطاقة والنقل، فكل نشاط يصدر عنه انبعاثات، وبالتالي فكرة خفض الانبعاثات تعتبر شديدة الصعوبة في ظل السعي لتحقيق نمو اقتصادي، وهذا كان الإطار العام للمفاوضات عام 1994.

 

 

مع الوقت، تطورت مفاوضات تغير المناخ بشكل كبير، وتحولت من كونها مفاوضات لها علاقة بالبيئة فقط إلى مفاوضات ذات بُعد سياسي وتنموي، وكانت من أبرز المحطات في تاريخ المفاوضات التي شهدت هذا التحول، مؤتمر الأطراف الخامس عشر الشهير (COP15)، الذي عُقد في كوبنهاجن في 2009، وشارك به 90 رئيس دولة وحكومة، أبرزهم الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما ورئيس الصين السابق هو جينتاو.

 

 

شهد هذا المؤتمر ما يُعرف باتفاقية كوبنهاجن، هي اتفاقية سياسية كشفت عنها مجموعة صغيرة من الدول الكبرى، بما في ذلك الولايات المتحدة وبعض الدول الناشئة، في نهاية مؤتمر كوبنهاجن عام 2009، وتم رفض هذا الاتفاق من غالبية الأطراف، وكان نقطة فاصلة في التعامل الدولي مع التغيرات المناخية لأنه تزامن أيضًا مع الأزمة الاقتصادية الشديدة التي وقعت في الدول المتقدمة، وهذه الأزمة خرجت منها الدول النامية البازغة التي لم تتأثر بالأزمة الاقتصادية التي حدثت.

 

 

بالتالي كانت هناك عاصفة قوية ضد التعامل القائم حتى هذا التاريخ، فلم تصبح مسألة أن هناك دولًا متقدمة عليها التزامات ودول نامية تقوم بإجراء تعهدات تجعلها تتصرف في هذا الإطار، انعكاسًا سليمًا للوضع الدولي الجديد فيما بعد عام 2009 حيث إن هناك اقتصاديات كبيرة جدا تضخمت، ولديها حجم انبعاثات كبير جدا، وقادرة على تطوير التكنولوجيا، ووصلت لحالة من الرفاهية والتنمية تستطيع من خلالها تطبيق إجراءات كثيرة لها علاقة بالطاقة المتجددة أو تطوير التكنولوجيا المناسبة لخفض البصمة الكربونية، بينما الدول النامية لا تمتلك هذه الإمكانيات.

 

 

لذا تحول التعامل الدولي، منذ 2009، مع قضايا تغير المناخ من قضية بيئية فقط إلى قضية سياسية واقتصادية تستلزم تبنى اتفاقية جديدة تناسب هذا التطور وتنظم الجهد الدولي. ومن هنا جاء اتفاق باريس عام 2015، ليؤسس لمرحلة جديدة في التعامل مع أزمة المناخ، ووضع بنودًا تلتزم بها جميع الدول الأطراف، وهو الاتفاق الذي يحكم المفاوضات المناخية الآن.

 

 

 

 

"بوابة روزاليوسف": ما التزامات اتفاقية باريس والمتحقق من الدول الصناعية الكبرى للدول النامية؟

السفير محمد نصر: تضمن الاتفاق التزامات من جميع الدول لخفض انبعاثاتها والعمل معًا للتكيف مع آثار تغير المناخ، وتعزيز التزاماتها بمرور الوقت.

 

 

والجهد الدولي هنا هو إجمالي التعهدات التي تقدمها هذه الدول وتنفذ على مدار فترة زمنية من 5 سنوات إلى 10 سنوات. في الوقت نفسه بدأ الكلام حول التمويل من الدول المتقدمة لمساعدة الدول النامية في تنفيذ تعهداتها، وليس لتمويل كامل الجهد للدول النامية، وبالتالي أصبحت هناك مسؤولية مشتركة على الدول كلها.

 

 

تمحورت المفاوضات حول نقطتين أساسيتين وهما الجانب الفني في اجتماعات شهر 6، ثم الجانب التفاوضي في المؤتمر العام في نهاية السنة.

 

 

أنشأت الاتفاقية عددًا من الآليات مثل اللجنة الدائمة للتمويل، واللجنة المسؤولة عن التكيف مع آثار التغيرات المناخية، ولجنة مسؤولة عن نقل التكنولوجيا، وهذه اللجان تقوم بعمل اجتماعات مستمرة طوال العام، حوالي 3 إلى 4 اجتماعات، وتقدم توصيات لمؤتمر الأطراف، وذلك بسبب أن أجندة المفاوضات تشعبت بشكل كبير، وأصبح المؤتمر السنوي الذي يُقام في فترة أسبوعين يناقش 120 أو 130 بندًا تفاوضيًا، هى بمثابة أسس التعامل الدولي مع التغيرات المناخية؛ حيث تعطي التصور والأطر الاسترشادية للدول كي تبدأ تطوير سياساتها الداخلية لتتوافق مع التوجه الدولي للتعامل مع التغيرات المناخية.

 

 

فيما بعد اتفاقية باريس، أصبح الهدف العالمي يتمثل في خفض الانبعاثات بنسبة كبيرة جدًا، والوصول إلى صافي الانبعاثات الصفرية بحلول 2050، كي نحافظ على متوسط ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض ما دون درجتين مئويتين والعمل على أن نبقى في مستوى 1.5 درجة مئوية.

 

 

استقر العلماء على أن ارتفاع متوسط درجة حرارة الأرض أكثر من درجتين مئويتين، فإن الحياة على كوكب الأرض ستتغير تمامًا، ولن تكون قادرة على التكيف السريع مع ما يحدث من تغيرات مناخية، ما سيؤدي إلى آثار شديدة التعقيد وكارثية في بعض الأحيان، ولا يمكن توقعها، لأنه في حال تغيرت النظم المناخية، لا يستطيع أحد توقع التأثيرات الناجمة عن هذا التغير، على سبيل المثال، ستتغير أنماط وأماكن هطول الأمطار، فالمناطق التي كانت تشهد أمطارًا في فترة معينة من فترات السنة، قد لا تشهد أي هطول للأمطار في هذه الأوقات، بينما تشهد مناطق أخرى هطولًا للأمطار بشكل لم يكن معهودًا مسبقًا.

 

 

سيحدث التغير في خريطة هطول الأمطار ارتباكًا كبيرًا وآثارًا مدمرة أحيانًا على المراعي والأراضي الزراعية، التي تعتمد بشكل رئيس على الأمطار، ويبدأ السكان في البحث عن مصادر أخرى للمياه، وتتولد على إثر ذلك العديد من الصراعات والمشاحنات بين مجموعات السكان الأصليين والقبائل، خاصة في الدول الأقل نموًا أو التي تواجه مشكلات مائية، وتعتمد على الرعي بالأساس.

 

 

 

 

أما المناطق المعتمدة على الزراعة، فسوف تتأثر أيضًا بسبب آثار تغير المناخ، فالدورة الزراعية يمكن أن تتعرض لاختلافات كبيرة قد تؤثر على الإنتاج، سواء بالزيادة أو النقصان، وقد يتعرض الإنتاج أيضًا للتلف بسبب العواصف الترابية وغيرها من آثار تغير المناخ.

 

 

مثال آخر، موجات الجفاف التي كانت تصيب مناطق بعينها، ستنتقل إلى مناطق أخرى على غير المعتاد، وما يحدث الآن في أوروبا خير مثال، ففي الصيف شهدت أوروبا موجات جفاف شديدة جدًا على غير العادة، وأنهار القارة الباردة جفت بصورة كبيرة جدًا لم يتوقعها أحد. المحيطات أيضًا، زادت درجات الحرارة داخلها في أماكن معينة، وانخفضت في أماكن أخرى، ما يتسبب في هجرة الأسماك إلى مناطق أخرى، وبالتالي تواجد الثروة السمكية يتغير.

 

 

كل هذه التغيرات في حال تجاوز متوسط درجة حرارة الأرض الدرجتين المئويتين وقفز إلى السيناريوهات الكارثية، يضع البشرية في حالة من عدم اليقين، ويزيد ويفاقم الأزمات، خاصة أزمات الأمن المائي والغذائي، واستقرار المجتمعات، والسلم والأمن المحلي والدولي. بالإضافة إلى أنه يفرض التزامات وأعباء كثيرة على الدول لكي تواجه هذه الأزمات.

 

 

من هنا جاءت أهمية الأهداف المرتبطة باتفاقية باريس، وعلى رأسها الهدف المتمثل في الحد من ارتفاع الحرارة إلى أقل من درجتين مئويتين؛ والسعي لحده في 1.5 درجة حتى نهاية القرن الجاري، خاصة أن العلماء أقروا بأن متوسط درجات الحرارة العالمية ارتفع بالفعل بمقدار 1.1 درجه مئوية من 1900-2000.

 

 

ولتحقيق الهدف المتمثل في الحد من ارتفاع متوسط درجة حرارة الأرض عند 1.5 درجة، لا بد من تسريع وتيرة العمل المناخي، لخفض الانبعاثات العالمية بمقدار النصف بحلول عام 2030، والوصول إلى صافي الانبعاثات الصفرية بحلول 2050، كي ينجح الجهد الدولي في تجنب السيناريوهات الكارثية، خاصة أن التعهدات ما قبل اتفاق باريس قد تأخذ العالم إلى سيناريو احترار بمقدار 2.4 درجة مئوية.

 

 

مع وضع التعهدات والالتزامات الجديدة المتعلقة باتفاق باريس، ظهر عائق جديد، وهو التمويل، فبعض الدول سوف تحتاج إلى التمويل والتكنولوجيا المناسبة، لتنفذ التعهدات والإجراءات اللازمة.

 

 

لذا وفر اتفاق باريس إطارًا للدعم المالي والتقني لبناء القدرات للبلدان التي تحتاجها، كي تستطيع الوفاء بالتزاماتها المناخية.

 

 

لكن مسألة التمويل تحولت في الأعوام الأخيرة إلى معركة حامية بين الدول النامية والدول المتقدمة، فالأولى تطالب بالتمويل من أجل التنفيذ والثانية تسأل عن طبيعة التمويل، سواء كان في شكل قروض أو خلافه.

 

 

في الحلقة الثانية يجيب السفير محمد نصر عن أهم ملفات مفاوضات COP27، وتحدياتها، ومستهدفات القارة الإفريقية وما تسعى مصر لتحقيقه من المؤتمر لكوكب الأرض في التجمع الأكبر والأهم عالميًا، والمقترحات الذكية للوصول إلى توافقات حول تمويل الدول الصناعية لاحتياجات التكيف بالدول النامية.

 

 

 

 

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز