عاجل
السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
غياب "الطبلية" أثر على العلاقات الأسرية

غياب "الطبلية" أثر على العلاقات الأسرية

"الطبلية" هي عبارة عن مائدة طعام مصنوعة من الخشب وتطورت في عالمنا الحديث لمراحل وأشكال متنوعة منها ما هو مصنوع من البلاستيك وأخرى مصنوعة من الالوميتال، وكان وجودها في البيت المصري أمرًا لا غنى عنه، فهي تمثل نقطة التقاء رب الأسرة مع باقي أفراد العائلة في أوقات عديدة ومتفرقة، خاصة أثناء تناول الطعام، يتجمعون حولها في صورة تعكس مدى الترابط الأسري ويدور بينهما حوارات ونقاشات يستعرضون من خلالها التقارير اليومية لكل ما مر به أفراد الأسرة من أحداث ومشاكل يتم وضع حلول لها.



 

"رب الأسرة" هو القائد والشخص المسؤول عن رعاية أفراد الأسرة بأكملها، وليس من الضروري أن يكون رب الأسرة هو الأب قد يكون الأخ أو العم أو الخال أو الجد، وهناك سيدات تحملن المسؤولية وقيادة الأسرة على أكمل وجه، لذلك قد يكون رب الأسرة هو الأم أو الشقيقة الكبرى. 

 

لم يتوقف دور "رب الأسرة" على المساعدة في حل المشاكل فقط، بل أنه يلعب أدوارا مهمة ومتنوعة وعديدة، منها الحماية والرعاية، والتقويم والتقييم، والقدوة والسلطة، والصديق والرفيق وغيرها من الأدوار التي تساهم في عملية الترابط والتكامل الأسري.

 

في جو من الدفء الأسري يسوده الحب والاحترام، يقوم "رب الأسرة" بالانصات والاستماع لجميع ابنائة دون تمييز، بهدف الوقوف على كافة المشاكل والتحديات التي يقابلونها ومروا بها، وبدوره كقائد للاسرة وربان للسفينة يقوم باستعراض كيفية مواجهة تلك المشكلات ووضع الحلول المناسبة لها، لضمان وصول سفينة العائلة إلى بر الأمان بسلام.

 

شهدت "الطبلية" العديد من المواقف الحاسمة والقرارات الهامة التي يتخذها "رب الأسرة" من أجل مستقبل عائلته، ولم يقتصر دور "الطبلية" على تجمع أفراد الأسرة وقت تناول الطعام حيث تتزين في شهر رمضان بأشهى الاطعمة والحلويات، ويجتمع حولها أصحاب البيت والجيران في المناسبات والأعياد للمساعدة في عمل كعك العيد وتجهيز عجين العيش قبل خبزه بالفرن، بل لها أدوار عديدة منها المذاكرة وكتابة الواجب المدرسي، وممارسة بعض الألعاب الترفيهية مثل السلم والثعبان، والالعاب الورقية، وغيرها من الاستخدامات المتنوعة.

 

كما تعلمنا من جلساتنا حولها العديد من الأشياء المهمة ومنها: الرضا والقناعة بما قسمه الله لنا من طعام، وحسن الإصغاء للآخرين، وطريقة وضع حلول للمشاكل، اكتسبنا منها الخبرات من خلال معرفة خطوات حل المشاكل، التعاون والمشاركة، مساعدة الأخرين، المشورة وأخذ رأي الاخرين عند اتخاذ القرارات، آداب الطعام، آداب الحوار، تقوية الروابط بين أفراد الأسرة، توزيع الادوار، التواضع، المساواة بين الجميع.

 

أما الآن فقد تحولت "الطبلية" من جزء أصيل من متطلبات الأسرة المصرية سواء كانت "ريفية أو حضرية" بكونها رمز تلاقي وتوحد وترابط الأسرة، إلى ذكرى من ضمن ذكريات الزمن الجميل، نظرا لاختفائها في العديد من البيوت واستبدالها بالمائدة والكراسي "السفرة"، إلا أن هناك البعض متمسك بوجودها كنوع من أنواع العادات والتقاليد والذكرى الطيبة. 

 

ذلك لأن السفرة لا تؤدي دور الطبلية فهي مكان التجمع وقت العزائم، أو عند أخذ الدروس الخصوصية للأولاد، واذا تم الجلوس إليها لتناول الطعام تجد كل فرد منشغلا بهاتفه فلا يوجد أدنى حوار.

 

في ظل الظروف الراهنة والأحداث اليومية المتسارعة، تاهت الأسرة في دوامة الحياة وأصبح كل فرد له متطلبات وعادات مختلفة عن الآخر، ما أثر على الترابط الأسري واختفى جو اللمة، وانشغل "رب الأسرة" بالبحث عن العمل وجني المال لأسرته، في حين كل فرد من أفراد الأسرة شرد عن طريق الجماعة والوحدة الأسرية، هناك من يتناول الطعام في غرفته بمفرده، وآخر يحرص على تناول الوجبات الجاهزة مع الأصدقاء أو الأقارب، وأصبح تلاقي أفراد الأسرة بالصدفة أو في المناسبات والأعياد. 

 

أخيرا وليس آخرا قوة الأسرة تأتي من ترابطها، ومن اللحظات التي تجمع بين "رب الأسرة" وجميع أفرد العائلة، كلنا نتمنى الآن أن تعود تلك الأيام، نصيحتي لكم الآن هي: ألا تدعو الظروف والعوامل الخارجية تساهم في تفتيت الأسرة.. حافظوا على "الطبلية" حتى لا تتأثر العلاقات الأسرية.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز