عاجل
الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
القتل بأمر الله؟!

القتل بأمر الله؟!

طهران على صفيح ساخن.. إيران على فوهة بركان.



الاحتجاجات تعدت المدن الإيرانية للجاليات فى الخارج.. فى الولايات المتحدة وأوروبا.. وبعض دول آسيا.

الاحتجاجات هذه المرة ليست ككل مرة، إن لم تكن النهاية.. فهذه بداية النهاية لنظام الملالى والمرجعيات.

وهى أول رجة بهذا الشكل من نوعها منذ ثورة الخمينى الإسلامية عام 1979.

 

(1)

الصورة الأكثر تداولًا على مواقع التواصل فى العالم الأسبوع الماضى، كانت مذيعة شبكة سى إن إن فى نيويورك تجلس ومستعدة لإجراء مقابلة، بينما فى المقابل يبدو وكرسى الضيف «فاضى.. شاغر».

يبدو فى الصورة أن الضيف لم يأت.. أو لن يأتى، بينما المذيعة فى الانتظار.

لكن الضيف لم يأت فعلًا، والسبب أن المذيعة «كريستيان أمانبور» لم تلتزم «بالحجاب الشرعى»!

بدت القصة أكبر من نكتة، وأكبر من أزمة، أكدت ضيق عالمى، وضغطت على الصدمة فى الشارع الإيرانى من العنف المفرط لما يسمى شرطة الأخلاق مع «مهسا أمينى» ما أدى لوفاتها، وتسبب في اندلاع احتجاجات إيرانية فى الشارع على نطاق عال.. وعالمى.

على هامش اجتماعات الأمم المتحدة طلبت شبكة «سى. إن.إن» حوارًا مصورًا مع الرئيس الإيرانى «إبراهيم رئيسي».

اشترط الرئيس التزام المذيعة بغطاء رأس «مُعتبر»، طلبت القناة تفسيرًا لكلمة «مُعتبر» ورفضت المذيعة الحجاب.

قالت «أمانبور» إن طلب الرئيس الإيرانى ربما لا يكون مفهومًا فى نيويورك.. حيث الأصل أنه لا غطاء للرأس فى المجتمع الأمريكى.

ثم إن الرئيس الإيرانى لا هو شيخ كبير، ولا هو كاردينال فى الفاتيكان.

لكن الرئيس الإيرانى أصر، ولم يحضر.. بينما أتت المذيعة وحضرت الكاميرات والمصورون، وجلست على الكرسى المقابل للكرسى الذي كان مفترضًا أن يجلس عليه «رئيسي».

(2)

تزامنت صورة الكرسى الفاضى مع هوجة احتجاجات ضخمة فى الشارع الإيرانى على خلفية مقتل فتاة كردية إيرانية اسمها «مهسا أمينى» قبل أيام فى إيران.

راحت الفتاة ضحية عنف من عناصر «شرطة الأخلاق». اعتبرت دورية لهذا النوع الغريب من الشرطة المستحدثة حجاب «أمينى» مخالفًا للمواصفات.

مال الشرطة ومال الحجاب؟!

هذا ما سرى فى الشارع الإيرانى وسط حالة من غليان، أججتها وفاة «أمينى» بعد غيبوبة بأحد المستشفيات! الاحتجاجات حتى كتابة هذه السطور دخلت يومها العاشر.

وامتدت لأكثر من 80 مدينة وبلدة وقرية.. وسقط قتلى، بينما يتخوف مراقبون من أن تتصاعد ألسنة اللهب لحدود اضطرابات 2019، أكبر وأوسع اضطرابات تشهدها إيران منذ 1979.

ويبدو أن هذا الكلام صحيح.

اتصل الرئيس الإيرانى بأهل مهسا فى تصرف هو الأول من نوعه.

فتحت الدولة كلامًا وحديثًا بين أركانها عن «إعادة النظر فى إجراءات تطبيق الشريعة» وهو كلام جديد لانج منذ قدوم الرئيس «إبراهيم رئيسي» إلى كرسى الحكم.

بدأ الشارع تساؤلات مكثفة عن «تفسير الدين».. أو من له «حق تفسير المعتبر من الأخلاق» فى هذه البقعة من الأرض التي اسمها إيران.

يبقى نظام الملالى فى إيران «دينى مذهبى»، هناك من أركانه من كان يرتكز على أن قوة هذا النظام فى «طبيعته الدينية»، لكن فى المقابل كانت الآراء الأقرب للصواب أن مثل تلك الأنظمة «المتطرفة» هى الأكثر عرضة للزلازل والبراكين.. وقد كان.

وفى الاضطرابات الأخيرة تبين أن أنظمة الحكم الدينى هى الأضعف حتى لو استمرت. وهى الأكثر عرضة للتآكل حتى لو طالت فترتها.. وهى عدوة الشعوب، رغم تأكيدها العمل لصالح الشعوب ولأجل حرية الشعوب.. ولأجل رخاء الشعوب.

(3)

بعد مقتل «مهسا» على يد شرطة الأخلاق، خرج متظاهرون فى الشارع بلافتات مكتوب عليها «لا نريد مزيدًا من الأخلاق».

والجديد فى الاضطرابات هذه المرة، اعتداء الشباب فى الشوارع على رجال الدين وتقطيع ملابسهم وإلقاء عماماتهم السوداء فى الأرض ودهسها بالأرجل وإحراقها بالنار.

لماذا هذه الاحتجاجات فى إيران هى الأخطر من نوعها؟!

لأنها أشارت إلى مدى الخلاف الواسع الذي تُحدثه النظم الدينية مع شعوبها بشكل ينعكس على إيمان الشعوب بالدين، ويرتد على علاقة الشباب فى مجتمع ما بالدين!

خلال الخمسة عشر عامًا الماضية، حسب شبكة سكاى نيوز، زادت ما يسمى «بالتكتلات الإلحادية» بين الشباب فى الشارع الإيرانى، وبين الجاليات الإيرانية فى الخارج خصوصًا أوروبا.

استغلال الدين وتسييسه ومحاولة فرض الهيمنة والسيطرة باسم الله وباسم الصحابة وآل البيت كان السبب.

لا يمكن أن يفرض الدين «قتل وذبح وخنق وضرب على الهوية»، وعلى جودة الحجاب!!

على أحد مواقع التواصل ظهرت شابة إيرانية فى الجاليات من الخارج مستنكرة: «هل أرسل الله حكام إيران للإيرانيين كى يلزموهم فقط بالحجاب؟!».

وسرت نكتة على مواقع التواصل أيضًا تقول: «أرسل الله حكومة الملالى لسببين.. الأول قتل مهسا.. والثانى عدم التوصل لاتفاق حول السلاح النووى مع الولايات المتحدة»!!

للنهايات عادة بدايات. وفيما يرى مراقبون أن الاضطرابات الأخيرة فى إيران هى بداية النهاية.. فإن آخرون يرون أن الملالى فى إيران سوف يعمدون إلى سفك مزيد من دماء الشعب قبل الرحيل.

لا ترضى أنظمة الحكم الدينية إلا بالدماء حتى النهاية.. وإن لم تكن هذه هى نهاية «الملالى» فمن المؤكد أنها بداية النهاية.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز