تقارير غربية تؤكد: "مهاجر-6" ثاني مسيرّة إيرانية تظهر في مسرح العمليات بأوكرانيا
وكالات
بعد ظهور المسيّرة الإيرانية ذات الأجنجة المثلثة "شاهد-136"، التي يطلق عليها "المسيرة الانتحارية" في سماوات أوكرانيا، شرعت نوعية أخرى من المركبات المسيّرة الأكبر حجماً والأبعد مدى في الدخول إلى مسرح العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا.
وكشفت مصادر أوكرانية أن المسيّرة الإيرانية "مهاجر-6" طويلة المدى انخرطت في عمليات قتالية ونفذت طلعات وضربات في منطقتي أوديسا و"دنيبروبيتروفسك" ولم تفصح المصادر عن المزيد من التفصيلات بخصوص العمليات التي نفذتها المسيرات الإيرانية الجديدة.
وقالت مجلة "ميليتري ووتش" نقلاً عن مصادر أوكرانية، إن المسيرة "مهاجر-6" مزودة بعدد كبير من القذائف الموجهة التي تضم القنابل والصواريخ قصيرة المدى، وتحمل كل مسيّرة أربعة منها، كما أنها قادرة على القيام بمهام الاستطلاع والرصد، وتتشارك بأنظمتها الإلكترو-ضوئية مع نظيرتها الإيرانية الأكثر شهرة واستخداماً والمعروفة باسم "شاهد-129"، وهو ما يتيح لهما القدرة على البحث عن الأهداف في نطاق يمتد إلى 12 كيلومتراً، فضلاً عن قدرتها على ضرب أهداف بدقة على بعد 10 كيلومترات.
كما تستخدم المسيّرة "مهاجر-6" منظومات رصد وتعقب إلكترو- ضوئية، وليزر، وأشعة تحت الحمراء، ولديها قدرة طيران تستمر 12 ساعة، وتحمل على متنها قاذفات وصواريخ زنتها 100 كيلوجرام، وهو ما يتيح لها قدرات توجيه ضربات لأهداف في معظم أرجاء الأراضي الأوكرانية.
وبحسب تقارير الاستخبارات الغربية كانت عمليات نقل عسكرية مكثفة نفذها الجيش الإيراني بتنظيم عدة رحلات إلى روسيا في منتصف سبتمبر الجاري، وتكهن مراقبون أنها تضمنت عمليات تسليم كميات كبيرة من المسيّرات الإيرانية إلى موسكو.
ونقلاً عن مصادر أوكرانية، أفادت صحيفة "وول ستريت جورنال"، من بين وسائل إعلامية مختلفة، بأن "أضرار جسيمة" تعرضت لها قوات أوكرانية جراء ضربات المسيرّة الإيرانية الانتحارية "شاهد 136"، ونقلت الصحيفة عن خبراء قولهم إن دخول المسيرة الإيرانية "يغير قواعد اللعبة".
وفي الوقت الذي تمثل فيه المسيّرة "شاهد-136" سلاحاً أحادياً، إذ تستخدم بدنها كقذيفة لتفجير الهدف بما تحتويه من شحنة متفجرات، فإن "مهاجر-6" تعد أقل تكلفة لأنها قادرة على حمل صواريخ وقنابل موجهة وضرب الأهداف والعودة، فضلاً عن تمتعها بمدى أبعد من نظيرتها الانتحارية.
وأضافت المجلة الأميركية لم يتبين بعد مدى تأثير المسيّرة الجديدة في العمليات القتالية داخل أوكرانيا ومدى تطابق إمكاناتها مع ما يقال حولها، أو أعداد المسيرّات التي تم نشرها، أو إلى أي مدى تنخرط عناصر إيرانية لتشغيل تلك المسيّرات انطلاقاً من داخل روسيا نفسها.
وبينما تمتلك إيران العديد من فئات الطائرات المسيّرة بدون طيار، من بينها المسيّرة "شاهد 191" وغيرها من المسيرات ذات الأجنحة الثابتة وتتمتع بخصائص شبحية، والتي برهنت على قدرتها على شن عمليات قتالية مؤثرة، فضلاً عن إفلاتها من شبكات دفاع جوي أكثر تقدماً من تلك الموجودة في أوكرانيا، فإن ظهور المسيرة "مهاجر-6" تمثل الخطوة التالية للجيش الروسي نحو نشر أعداد كبيرة من المسيرات الأكثر قدرة والأبعد مدى الموجودة في أسطول الطائرات المسيّرة الإيراني.
و كانت مصادر آمريكية قد رجحت قبل آسبوع أن روسيا بصدد استلام الآلاف من الطائرات والذخائر المسيّرة الإيرانية، لتؤلف بها أسطولاً ضخماً من المركبات الجوية المسيّرة، وذلك ضمن أربعة رحلات لطائرات نقل عسكرية، على الأقل، تم رصدها تقلع من إيران لتسليم شحنات المسيرات في الفترة من 12 إلى 18 من سبتمبر الجاري، وذلك إثر ظهور الطائرات المسيّرة الإيرانية "شاهد-136"، في أجواء خاركيف، والتي برهنت على قدرتها على اصطياد المدرعات والمركبات الأوكرانية وتكبيدها خسائر كبيرة.
وقالت مجلة "ميلتيري ووتش" الأمريكية إن الرحلات الجوية تضمنت ثلاث رحلات لطائرات من طراز Il-76، تابعة لخطوط طيران "بويا"، المملوكة للحرس الثوري الإيراني، والرحلة الرابعة على متن طائرة "بوينج- 747"، تابعة لخطوط طيران "ساها" المملوكة للجيش الإيراني.
ولفتت إلى أن المركبة الجوية الإيرانية "شاهد-136"، التي تعد "مسيّرة انتحارية" صغيرة نسبياً، هي عبارة عن طراز هجين يجمع بين "طائرة وصاروخ" في آن واحد يقوم بضرب الأهداف والارتطام بها بسرعة كبيرة لتفجيرها بمتفجرات معبأة بداخلها، علاوة على قدرتها في نفس الوقت على إطلاق ذخائر من جانبيها أثناء التحليق في الأجواء.. ونظراً إلى صغر حجم المسيّرة الإيرانية الانتحارية "شاهد-136" فإنه يمكن تحميلها في حزم تضم أكثر من 100 مسيرة على متن كل طائرة شحن.
من جانبها خرجت صحيفة "وول ستريت جورنال"، من بين مصادر إعلامية أمريكية عديدة أخرى، للحديث عن "أضرار فادحة" منيت بها قوات أوكرانية جراء ضربات المسيّرات الإيرانية الانتحارية "شاهد-136"، وذلك استناداً إلى شهادات أدلى بها ضباط أوكرانيون، فيما ذهب محللون إلى أن ظهورها في ساحات المعركة تعد "مغيراً لقواعد اللعبة" مثلما فعلته منظومات صواريخ HIMARS التي زودت بها الولايات المتحدة القوات الأوكرانية خلال الأشهر القليلة الماضية.
وكشفت تقارير ميدانية عن أن طائرات مسيرة إيرانية الصنع ظهرت في منتصف الشهر الجاري في مسرح عمليات العملية العسكرية الدائرة على الأراضي الأوكرانية، بما يؤشر إلى بدء نشر القوات الروسية لتلك النوعية من المسيرات في الخطوط الأمامية لجبهات القتال في أوكرانيا، وذلك بعد شهور من تقارير تحدثت عن صفقات أبرمتها موسكو مع طهران لشراء مسيرات إيرانية.
وقالت مجلة "ميليتري ووتش" إن الطائرات المسيرة الإيرانية من طراز "شاهد-136"، التي تندرج ضمن نوعية "الذخائر الحوامة" التي تحلق في الأجواء قبيل توجيهها لضرب أهداف معينة، هي النوعية الإيرانية الوحيدة التي رُصدت وتأكد استخدامها في أوكرانيا، وهي تعمل كما لو كانت "مسيرة انتحارية"، لتزود بذلك روسيا بعناصر مكملة لترسانتها من الصواريخ العابرة والقوات المدفعية التي توجه ضربات دقيقة من مسافات بعيدة.
ويعزز ظهور "المسيرة الانتحارية" إمكانية أن تبدأ روسيا في شراء تصميمات أكثر تطوراً من المسيرات الإيرانية، من بينها المسيرات الشبحية ذات الأجنحة الثابتة التي برهنت على قدرتها العالية على الأداء أمام الدفاعات الجوية الإسرائيلية وغيرها من الدفاعات الغربية.
وقال الخبراء إن روسيا تفتقر إلى قدرات طيران شبحية أو مقاتلات متطورة قادرة على تحييد الدفاعات الجوية، وهو ما يقلص من قدراتها الحربية، لذا فإن الاستحواذ على المسيرات الإيرانية، كالمسيرة "شاهد-191" الشبحية، سيمكن موسكو من سد الثغرات والتغلب على أوجه القصور التي تعانيها.
وأشارت "ميليتري ووتش" إلى أنه غير معروف على وجه التحديد كيف سددت روسيا ثمن الطيارات المسيرة المشتراة من إيران، لكن وسائل إعلام غربية رجحت على نطاق واسع إمكانية قيام روسيا بمقايضة المسيرات مقابل منح طهران مقاتلات روسية الصنع مثل "سوخوي-35".
و رأى مراقبون أنه في ضوء تراجع القوات الروسية وانسحابها من بعض البلدات الأوكرانية واستمرار تدفق العتاد والمقاتلين الغربيين إلى الأراضي الأوكرانية، يبقى من غير المؤكد أن تسهم المسيرات الإيرانية في قلب ميزان القوى في المعارك الدائرة حالياً، رغم أنها لا تزال تنطوي على أهمية كبرى في هذا الإطار، خصوصاً إذا كانت موسكو قد حصلت على كميات كافية من تلك المسيرات.
وتتوقع المجلة أن يبدأ ظهور تأثير شراء روسيا لأسلحة من مصادر أخرى، وأبرزها من كوريا الشمالية، خلال الأسابيع المقبلة، خصوصاً إذا كانت روسيا قد حصلت بالفعل على إمدادات جديدة من الذخائر لوحداتها المدفعية، أو أنها قد تمكنت من شراء ونشر نظم مدفعية كورية شمالية جديدة تمكنها من التفوق بسهولة على نظيراتها الموجودة لدى أوكرانيا، أو "الناتو"، أو حتى لدى روسيا نفسها.