عاجل
الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
لماذا يريدون إفشال الحوار الوطني؟

لماذا يريدون إفشال الحوار الوطني؟

تشكيل لجان الحوار الوطني.. واختيار مقررى اللجان والمقررين المساعدين، خطوة إيجابية ضمن خطوات أكثر من إيجابية على طريق استمرار حوار بين الجميع وللجميع.



تشكيل اللجان وأسماء المقررين والمقررين المساعدين إشارة واضحة على تنوع فى الأجيال وتنوع فى الاتجاهات السياسية.. والفكرية. 

مازال الحوار فى المرحلة الإجرائية.. وهى المرحلة الأهم قبل بدئه.

إذ أنه لا بد من الاتفاق على نقاط رئيسية قبل بدء العمل منعًا لإهدار الوقت والجهد.. والخروج من الحوار بلانتائج فعالة واقعية.. ترفع إلى رئيس الجمهورية. 

لكن والحوار يسير.. فإن هناك من ما زال يعمل على إفشاله. وهناك من لا يكف للآن عن التقول عليه.

(1)

هناك من بدأ بالتقليل من إمكانيات الحوار ومخرجاته، ثم بدأ فى التشكيك فيما أسماه ضمانات الحوار.

على كل.. الحوار مستمر، مضمون بخاتم رئيس الدولة..

والحوار من اسمه «وطنيًا» يعنى للجميع.. فى جميع القضايا، وعلى مختلف الرؤى. هو ليس حزبيًا فقط. يعنى موائد الحوار الوطني ولجانه وكياناته، ليست مجالًا للتنافس بين حزبين على عدد من المقاعد.. أو عدد من المناصب والألقاب. 

هو حوار شامل.. يضم حزبيين ويتيح المساحة للأحزاب المختلفة، لكنه فى المقام الأول، يتيح مساحات أكبر وأشمل لموضوعات تتعلق بقضايا البلد فى ظروف حساسة يخوضها العالم، انقلب فيها عاليها واطيها.. وفى أزمة اقتصادية، رفعت نسب التضخم إلى أعلى مستوياتها فى جميع النقاط على خريطة المال فى العالم.

الأزمة العالمية ليست اقتصادية فقط.. ولا هى أزمة تضخم وحده. لكننا فى وقت تتغير فيه خرائط الكوكب بالمعنى الحرفى. ومع تغيرات الخرائط تتعدد الأزمات ويزيد الترقب لما قد يسفر عنه المستقبل من مستجدات.

فى ظروف كهذه، يفضل الترقب والحذر فى النظرة للآتى: السنوات العشرون الأخيرة تغير العالم سريعًا وعلى أوجه غير متصورة. اختفت دول من على الخرائط.. وظهرت دول أخرى. 

تغيرت موازين القوى وأعادت الخيوط للتشابك فى معادلات مستحدثة على مستوى الأقاليم السياسية. كانت، وكما هى فى الغالب منطقة الشرق الأوسط فى وسط مستهدفات كرات النار.

مصر فى القلب من المنطقة، لأنها هى قلب المنطقة.

تعالت الأمواج السنوات الأخيرة، وتخطت مصر عواصف وأعاصير فى أزمنة غير عادية أو اعتيادية. 

حطمت مصر مشاريع مهولة وضخمة، لمن توهم أن بإمكانه ملء فراغ المحيط المصري بعد 2011، فيما تخطت بعدها حروبًا ضروسًا كان الإرهاب على رأسها.. أتت بعده مخاطر عدة وتوالت فى أشد المراحل دقة فى تاريخ مصر الحديث. 

استعادت الدولة نفسها، وخاضت معاركها كلها فى وقت واحد. يد كانت تبنى، ويد كانت تحمل السلاح، فيما كانت هناك إرادة سياسية تحسبها بالورقة والقلم، واضعة المستقبل أمام عينها.. بينما دروس الماضى وعبره فى الذاكرة.  أكثر من 8 سنوات من التنمية والبناء خاضتها الدولة المصرية فى سباق مع الزمن. قضيتان واجهتا الدولة المصرية بعد 30 يونيو 2013. 

الأولى هى الاستقرار فى الداخل وفرض السيادة فى الإقليم. والثانية كانت رحلة البناء والتنمية. 

خاضت مصر الحروب على المحورين. لم يكن محور التنمية سهلًا.. لم يكن طريق التنمية ممهدًا أو مفروشًا بالورد، وسط متغيرات ومواريث ومشكلات وصلت بعضها إلى مرتبة المعضلات.. التي إما أن تتخذ لها وفورًا قرارات استراتيجية شجاعة.. وإما لا حلول. 

(2)

فيما كانت الدولة المصرية تبذل ما لديها من نفيس فى حروبها ضد الإرهاب.. وفى خطواتها نحو التنمية، كان هناك على الجانب الآخر من يدمنون الكلام.. واللت والعجن. كان هناك من يرفعون الشعارات.

فى وقت الحرب ضد الإرهاب، كان هناك من يرفع الشعارات. مع البدء فى تمهيد الطريق للتنمية، وإعادة رسم خرائط البلد، وإعادة التخطيط، وإعادة التفكير فيما لم يكن متصور ًا من قبل.. كان هناك من ما زال متمسكًا بالكلام ابن عم الحديث.

هناك من تصور أن الحلول فى السياسة، وأن الأصل فى بناء الدول الأحزاب. حتى ولو كان هذا سليمًا، فإن من كان يدمن الكلام، ويجيب برفع قائمة من الشعارات إجابة على أى من الأسئلة.. كانوا هم أنفسهم من فاتتهم فرص كثيرة لتأسيس حركة حزبية حقيقية لها رؤية.. ولها قدرة على إنزال كلامها على أرض الواقع يلمسها مواطن بسيط لا يعرف من لغة السياسة ولا يعرف هؤلاء الحزبيين.. ولا يعرف تلك الأحزاب!

لا أحد ينكر أن مدمنى الكلام فشلوا فى تأسيس قواعد لهم لدى رجل الشارع البسيط، الذي احتاج قيادة تاريخية فى وقت شديد الدقة من تاريخه، تنهى سرطان أصحاب الدقون والإخوان، وتعيد الأمن، وتضع البلاد على طريق التنمية.. وسط سباق عالمى وإقليمى.. اختلفت فيها عناصر المعادلات، وزادت فيه تعقيدات العناصر فى المعادلة.. بأشكال غير معهودة.

استدعى المصريون عبدالفتاح السيسي لاستعادة وطن، اختلفت فيه الأهواء، وكثر فيه الكلام، وتعالت فيه المزايدات.. واقترب فيه الوضع من الكارثة. 

استعادت الدولة المصرية نفسها. بدأت طريق التنمية وفق رؤى امتدت للمواطن البسيط إلى حيث هو فى ظروف كانت شديدة التعقيد. بدأت الدولة المصرية مسارات متعددة للتنمية، فى نفس الوقت الذي حافظت فيه على القدرة على حفظ الدولة.

لم تستبعد الدولة أحدًا. لم تستبعد الدولة إلا من امتدت يده للسلاح.. وتلوثت أرديته بدماء المصريين.

لكن هناك من أصحاب الكلام من ظل يتحجج بالمنع.. ومن ظل يتذرع بالاستبعاد. 

دعوة الدولة لحوار وطني كانت لها أبعاد مختلفة فى فلسفة الإدارة المصرية. أولها أن الوطن يتسع للجميع، وأن الفرصة متاحة للجميع، وأن يد الدولة ممدودة للجميع.

لم تكن الدعوة للحوار دعوة لأحزاب. لم تكن الدعوة للحوار دعوة لأشخاص بعينهم.. إنما هى كانت دعوة للجميع، للبناء على ما تحقق فى الطريق لمستقبل يشترك فيه الجميع.

لكن هناك من فهم الدعوة للحوار خطأ. ناهيك عن محاولات بعضهم «المناورة» من خلال ألوان من «المكايدات السياسية». 

بعضهم اعتقد أن الحوار الوطني فرصة لمكاسب شخصية، وبعضهم من ظن أن الدعوة للحوار ممكن أن تكون بابًا لتحقيق ما لم يستطع هو تحقيقه على المستوى الحزبى أو على مستوى الشارع.

(3)

تبقى مصر على رأس دول قليلة فى العالم استطاعت تخطى أزمات عالمية كبرى.. وامتصت آثارها، واستمرت فى البناء. 

تعاملت الدولة المصرية مع تداعيات الأزمات العالمية من منطلقات أخلاقية وإنسانية، أولها التخفيف من الآثار التي يمكن أن تصل للمواطن البسيط فى القرى والنجوع.. وفى أطراف المحافظات. 

 تبقى تحديات مصر قائمة فى قضايا الصحة، والتعليم على سبيل المثال. تبقى تحديات كبرى فى المسألة الاقتصادية، رغم مؤشرات أسواق المال العالمية على قدرة الاقتصاد المصري فى مواجهة التغيرات الدولية.

الدعوة الحوار الوطني، دعوة لمزيد من أفكار تدفع للأمام على مختلف الأصعدة. لكن هناك من يعمد، للآن، فى التعامل مع الدعوة الرئاسية على أنها دعوة «لحوار سياسى». 

هذا ليس صحيحًا. ولا مقبولًا. 

دعوة الحوار كما نفهمها دعوة للنقاش على جميع المحاور، والخروج بتوصيات بحلول واقعية تعرض على رئيس الجمهورية لاتخاذ ما يراه من دعم تشريعى وتوجيه حكومى. 

مطلوب من رواد الحوار البناء على أداء الدولة فيما يتعلق بالتنمية فى الريف المصري وتغيير حياة 60 مليونًا من أهله. مطلوب حلول مبتكرة تضاف إلى سياسات الدولة فى تغيير منظومة التعليم. 

مطلوب مناقشات علمية بالورقة والقلم، للمزيد من تطوير منظومة غير مسبوقة اسمها التأمين الصحي الشامل، يخضع لها كل المصريين.. بجودة وفعالية.

إذا كان على السياسة، فللسياسة هى الأخرى مطلوبات.. وقواعد. يضمن الحوار الوطني ضمن ما يضمن دفع الكيانات الحزبية إلى تطوير نفسها، وتوحيد رؤاها، وتأكيد خطواتها فى التعامل مع القضايا المختلفة التي تخص المصريين.

إن جيت للحق.. ما زالت كثير من الأحزاب، والكيانات، والتحالفات ليست على ما يرام.

صحيح الحركة الحزبية جزء من عملية التنمية والإصلاح فى أى دولة، لكن الصحيح أيضًا أن للحركات الحزبية مقوماتها المسؤولة هى عنها، بوصفها وجهات نظر تمثل شرائح مختلفة فى الشارع ولها قواعدها بين الجماهير.  لكن، وإن جيت للحق مرة أخرى، ما زالت المشكلة لدينا أن كثيرًا من الأحزاب تطلب أكثر مما تقدم.. وتعمل على تصورات «خيالية» لم تستطع هى نفسها إنزالها لأرض الواقع.

بعض أحزاب لدينا يتبادلون الاتهامات فى ندوات مقراتهم بالديكتاتورية.. ثم يخرج كل منهم للحديث عن الديمقراطية!

بعضهم ما زالوا مختلفين فى إجراءات هيكلية داخل أحزابهم.. منذ يناير 2011 حتى الآن ويتحدثون عن المؤسسية.

أغلبهم لا يعرفهم الشارع.. وأغلبهم ليس لديهم حلول حقيقية لمزيد من تحقيق آمال ومتطلبات المواطن البسيط.. ثم نراهم يتكلمون عن الجماهير.. وحقوق الجماهير!

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز