عاجل
السبت 14 ديسمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
مؤتمر المناخ في مصر
البنك الاهلي

الأمين العام للأمم المتحدة: الانقسامات الجيوسياسية تفاقم أزمة تغير المناخ

مستشهدا بمجموعة كبيرة من التحديات العالمية - من تغير المناخ والانقسام الجيوسياسي إلى تعميق التفاوتات والصراعات - دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش إلى تعزيز التضامن الدولي بغرض التصدي لهذه التحديات.  



 

 

الأمين العام للأمم المتحدة في إحدى جولاته
الأمين العام للأمم المتحدة في إحدى جولاته

 

 

 

وكان موقع “أخبار الأمم المتحدة” الإلكتروني قد أجرى حوارًا مطولًا مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش تزامنًا مع فعاليات الدورة الـ 77 للجمعية العامة، قال جوتيرش إننا "بحاجة إلى تغيير المسار": "هدفي هو أن أوضح بجلاء أننا... بحاجة إلى التعاون والحوار، غير أن الانقسامات الجيوسياسية الرهيبة الحالية لا تسمح بحدوث ذلك".

 

 

 

وأضاف الأمين العام لأخبار الأمم المتحدة: "نحن بحاجة إلى زيادة الدعم للبلدان النامية، ليس فقط فيما يتعلق بالحد من الانبعاثات، ولكن في بناء القدرة على الصمود، في بناء البنية التحتية المستدامة اللازمة لتلك البلدان كي تكون قادرة على "تحمل" الآثار التي بدأت تلحِق بها بالفعل تداعيات بالغة. معظم النقاط الساخنة "المناخية" في العالم "هي" دول لم تسهم بشكل مؤثر في تغير المناخ".

 

 

على الصعيد الجيوسياسي، شدد الأمين العام على الحاجة إلى مزيد من الدبلوماسية المكرسة والحصيفة لإحداث تغيير يمكن إثباته فيما يتعلق بالقضايا الصعبة، بما في ذلك نقص الغذاء العالمي الذي نتج عن الغزو الروسي لأوكرانيا.

 

 

أشار إلى مبادرة حبوب البحر الأسود-التي توسطت فيها الأمم المتحدة-كمثال، قال الأمين العام للأمم المتحدة: "لقد برهنت أن الدبلوماسية السرية لا تزال قادرة على تحقيق ما لا تستطيع تحقيقه دبلوماسية المنابر. لم يكن ليكون هذا الاتفاق ممكنا لو لم نعمل بإصرار لإنجازه بحذر، تجنبا لخلق الظروف التي يبدأ فيها الطرفان حتما في قتال بعضهما البعض".

 

تفاصيل الحوار:

 

- لقد عدت للتو من باكستان حيث قمت بزيارة المناطق التي تعرضت لكوارث متعلقة بالمناخ. يساورنا الجزع الآن من الجفاف والمجاعة المحتملة التي تهدد الصومال. ماذا تريدون القول لأولئك الذين لا يزالون ينكرون حقيقة تغير المناخ؟

 

 

أنطونيو جوتيريش: حسنا، تمثل قضية تغير المناخ السمة البارزة لعصرنا. وأنا قلق للغاية لأنه مع الحرب في أوكرانيا والعديد من الأحداث الأخرى، يبدو أن تغير المناخ قد خرج من أولويات العديد من صنّاع القرار في جميع أنحاء العالم، ويمثل هذا انتحارا.

 

نرى تزايد الانبعاثات ونرى أن استخدام الوقود الأحفوري أصبح شائعا مرة أخرى "على الرغم من" أننا نعلم أن الوقود الأحفوري هو "السبب" الرئيسي للحرب التقدمية ضد الطبيعة التي ظللنا نخوضها "طوال" تاريخنا.

 

من الضروري للغاية تقليل الانبعاثات من الآن فصاعدا. ولسوء الحظ، ففي الوقت الذي بات بإمكاننا تقليل الانبعاثات بنسبة 45 في المائة "بحلول" عام 2030، "بدلا من ذلك" نواجه زيادة في الانبعاثات "بنسبة" 14 في المائة في عام 2030. لذلك، نحن الآن بحاجة ماسة جدا لعكس هذا الاتجاه. نحن ننتقل إلى وضع كارثي، وليس أمامنا الكثير من الوقت لتغيير الأمور.

وفي الوقت نفسه، عندما ننظر إلى باكستان، نجد أن مستوى الدمار والمساحة التي غمرتها المياه تبلغ ثلاثة أضعاف "حجم" بلدي "البرتغال".

 

 نحن بحاجة إلى زيادة الدعم للبلدان النامية، ليس فقط فيما يتعلق بالحد من الانبعاثات، ولكن في بناء القدرة على الصمود، في بناء البنية التحتية المستدامة اللازمة لتلك البلدان كي تكون قادرة على "تحمل" الآثار التي بدأت تلحق بها بالفعل تداعيات بالغة، معظم النقاط الساخنة "المناخية" في العالم "هي" دول لم تسهم بشكل مؤثر في تغير المناخ.

 

 

 

 

- في كل عام، نستهل جلسة جديدة للجمعية العامة، والتي غالبا ما يُنظر إليها على أنها من أبرز أحداث العام بالنسبة للأمم المتحدة.. أين سينصب تركيزكم خلال مداولات هذا العام، وهي المرة الأولى التي نجتمع فيها بصورة شخصية منذ بداية جائحة كوفيد-19، وهناك حرب كبرى في أوروبا تحول الانتباه عن الأولويات الأخرى في العالم؟

 

أنطونيو جوتيريش: هدفي هو توضيح مدى فظاعة الانقسامات الجيوسياسية التي نشهدها اليوم في وقت يواجه العالم تغير المناخ، وفي وقت يواجه العالم منظور أوبئة أخرى ولم يتم القضاء على كـوفيد-19 بعد، في وقت يواجه العالم مستويات عالية من اللامساواة بين البلدان المتقدمة والبلدان النامية، وتفاوتا هائلا داخل البلدان، في وقت يحتاج العالم حقا إلى تغيير مسار كل هذه الجوانب.

 

نحن بحاجة إلى الوحدة والتعاون والحوار، ولا تسمح الانقسامات الجيوسياسية الحالية بحدوث ذلك، نحن بحاجة إلى تغيير المسار.

 

 

- تسببت الحرب في أوكرانيا في واحدة من أسرع وأكبر أزمات اللاجئين في التاريخ. تعرضت كييف "العاصمة الأوكرانية" للقصف أثناء زيارتكم للبلاد.. كيف تختلف هذه الأزمة عن العديد من الأزمات الأخرى التي رأيتها عندما كنت مفوضا ساميا لشؤون اللاجئين والآن بصفتك أمينا عاما للأمم المتحدة؟

 

أنطونيو جوتيريش: معظم الأزمات التي شهدتها هي أزمات في دول نامية، ودول فقيرة نسبيا، ومعظمها أزمات داخلية، حتى لو كان هناك تدخل "من" قوى خارجية، تحولت إلى حروب أهلية أو أنشطة إرهابية داخل البلاد. الآن لدينا حرب بين قوة عظمى وأوكرانيا التي هي أيضا دولة حديثة. 

 

ونحن نتحدث عن مستويات دمار لا يمكن حدوثها في المواقف التي تكون فيها طبيعة الأسلحة والقدرة العسكرية الموجودة مختلفة تماما.

إذا، فهذه بالفعل حرب بين دولتين، نجمت عن غزو دولة لدولة أخرى، بمستويات تسلح وحشد للقوات لم يسبق لها مثيل في الآونة الأخيرة. من ناحية أخرى، نشهد أسرع حركة للاجئين والنازحين في التاريخ الحديث مع عواقب إنسانية وخيمة.

 

 

 

- تستضيفون تجمعا كبيرا للنظر في تحويل التعليم الذي عانى في العديد من البلدان. أنتم حريصون على إيجاد استجابات للتباطؤ الاقتصادي الذي شهد انخفاضا هائلا في التقدم فيما يتعلق بالتنمية المستدامة.. في ظل هذه التوترات الجيوسياسية الكبيرة، ما هو أفضل سيناريو برأيكم لإحراز تقدم على هذه الجبهات؟

 

أنطونيو جوتيريش: إذا كان عليّ أن أختار أمرا واحدا لتحسين الوضع العالمي والسلام والأمن، فسأختار التعليم، وإذا اضطررت إلى اختيار أمر واحد لتحسين القدرة على فهم تغير المناخ والاستجابة لتغير المناخ، فسيكون ذلك الأمر التعليم. عندما أنظر إلى أي أمر يمكن أن يقلل من اللامساواة في العالم، فسيكون هذا الأمر هو التعليم. لكن لسوء الحظ، نشهد انخفاضا في ميزانيات التعليم، في ظل الوضع المأساوي الذي نعيشه في العالم اليوم والذي يتسم بآثار الحرب على المناخ والأوبئة.

 

وعليه، فإن قمة تحويل التعليم هي لحظة لتعبئة المجتمع الدولي بأسره بهدف جعل البلدان تدرك أنها بحاجة إلى زيادة الاستثمار في التعليم، ولجعل الدول المتقدمة-جنبا إلى جنب مع المؤسسات المالية الدولية-تدرك أنها بحاجة إلى التوسع في دعم البلدان النامية لتكون قادرة على الاستثمار في التعليم.

لقد أطلقنا مع جوردون براون مرفق التمويل الدولي المعني بالتعليم، وآمل في أن يتم تمويل هذا المرفق بسرعة من قبل جميع المانحين من أجل إحداث تغيير حقيقي لدى الفئات الأكثر ضعفا في العالم.

 

 

- شهدت مبادرة حبوب البحر الأسود بالفعل تصدير ما يقرب من ثلاثة ملايين طن من المواد الغذائية من أوكرانيا إلى وجهات مختلفة في جميع أنحاء العالم، مما يساعد في التخفيف من أزمة الغذاء وإنقاذ الأرواح.. ما هي بعض المكونات الأساسية لقصة النجاح هذه؟ ما مدى تفاؤلكم بإمكانية تطبيق هذه الصيغة على أوضاع معقدة أخرى؟

 

 

أنطونيو جوتيريش: لقد برهن ذلك أن الدبلوماسية السرية لا تزال قادرة على تحقيق ما لا تستطيع تحقيقه دبلوماسية المنابر. 

لم يكن هذا الاتفاق ممكنا لو لم نعمل بإصرار لإنجازه بحذر، تجنبا لخلق المواقف التي يبدأ فيها الطرفان حتما في قتال بعضهما البعض.

ويمكنني القول إن هذه وصفة لأزمات كثيرة في العالم. دعونا نفعل كل ما في وسعنا لإعادة تأكيد أهمية الدبلوماسية السرية في حل الأزمات في عالم اليوم.

 

 

- لطالما كانت حقوق الإنسان إحدى ركائز عمل الأمم المتحدة. لقد أبرزتم المخاطر التي يشكلها خطاب الكراهية المتزايد وكراهية الأجانب والقومية الشعبوية.. لماذا يحدث هذا، ومن ناحية أخرى، ما الذي يمنحكم الأمل؟

 

أنطونيو جوتيريش: حسنا، لقد كانت هذه الأمور موجودة دائما، ولكن يتم تضخيمها بشكل كبير الآن من خلال وسائل التواصل الاجتماعي وجميع منصات "تكنولوجيا المعلومات" الموجودة في جميع أنحاء العالم.

من ناحية أخرى، عندما تواجه البلدان صعوبات في حل مشاكلها، فإن القومية، وكراهية الأجانب واستهدافهم هي للأسف بعض الأشياء التي أصبحت أكثر تكرارا، ونحن بحاجة إلى أن نفهم أن حقوق الإنسان ينبغي أن توحد المجتمعات والبلدان. إن العنصرية وكره الأجانب يمثلان مظهرا غير مقبول على الإطلاق من مظاهر الكراهية التي نحتاج إلى القضاء عليها في عالمنا.

 

- منذ فترة طويلة، ظللتم تعبرون عن مخاوفكم بشأن حقيقة أن العالم يتحرك في اتجاه الاستقطاب، وهو ما أطلقتم عليه اسم "الانقسام الكبير"، بصفتكم أمينا عاما، من الواضح أن هذا الواقع السياسي يجعل عملكم أكثر صعوبة.. ما الذي يمكنكم فعله لتوحيد العالم؟

 

أنطونيو جوتيريش: ليس لدي القدرة على صنع المعجزات، ما يمكننا القيام به هو أن نكون مصممين على استخدام الأدوات المتاحة لدينا قدر الإمكان، المساعي الحميدة والوساطة، وأن نفعل كل ما هو ممكن لجعل العالم يفهم أن التحديات الهائلة التي نواجهها لا يمكن معالجتها إلا بالتضامن والتعاون والوحدة.

 

- في مثل هذا الوقت من العام الماضي، بدت جائحة كوفيد-19 وكأنها أكبر أزمة عالمية كنا نعيشها جميعا، مما أثر على الجمعية العامة وعمليات الأمم المتحدة.. ما الذي يجب أن تفعله الحكومات والأمم المتحدة لإبقاء الصحة العامة على رأس جدول الأعمال؟

 

أنطونيو جوتيريش: أولا وقبل كل شيء، من المهم جدا حل المشاكل المتعلقة بالتطعيم حيث لا تزال تلك المشاكل قائمة. وهذا أمر تحشد له منظومة الأمم المتحدة بأسرها.

 

وثانيا، من الضروري للغاية تزويد البلدان التي تأثرت بكوفيد-19 وعمليات الإغلاق، وتوقف السياحة، والعديد من الجوانب الأخرى-وهي اليوم في وضع يائس، تعاني عاصفة كاملة، بدون حيز مالي- بآليات تخفيف عبء الديون كي تتمكن من التعافي.

في الوقت الذي رأينا أن الدول الأغنى كانت قادرة على طباعة المليارات أو حتى التريليونات لإعادة إطلاق اقتصاداتها، لسوء الحظ، لم تستطع البلدان النامية فعل الشيء نفسه، وبالطبع، ستفقد عملاتها قيمتها بشكل كبير، لذلك، ينبغي إعادة إرساء التضامن الدولي.

 

 

-  مع بدء ولايتكم الثانية، كيف تعملون على جعل الأمم المتحدة تلائم الغاية "التي أنشئت لأجلها"؟ ما هو أكبر إصلاح ترغبون في حدوثه إذا سنحت لكم الفرصة؟

 

أنطونيو جوتيريش: لقد أطلقنا خطتنا المشتركة والتي هي عبارة عن سلسلة من المشاريع والأفكار والمقترحات التي تهدف إلى جعل الأمم المتحدة أكثر فعالية بكثير، وفي الوقت نفسه، إعادة تأسيس التعددية باعتبارها سبيلا لحل مشاكل العالم. هدفي الرئيسي هو أن يتم تطوير خطتنا المشتركة واعتمادها من قبل الدول الأعضاء وتحويلها إلى الأداة الرئيسية لدينا لدعم خطة عام 2030 وأهـداف التنمية المستدامة كي نتمكن من تحقيق المزيد من السلام والمزيد التنمية والمزيد من العدالة والاحترام الفعال لحقوق الإنسان في العالم.

 

 

- بالنظر إلى تركيزكم على المساواة بين الجنسين وإشراك الشباب، ماذا ستفعلون لضمان إرثكم في هذا الصدد؟ هل ترغبون في رؤية امرأة شابة تخلفكم؟

 

أنطونيو جوتيريش: بادئ ذي بدء، لقد وصلنا بالفعل إلى التكافؤ فيما يتعلق بالإدارة العليا للأمم المتحدة. لدينا حوالي 200 من كبار القادة "من النساء"، ولدينا تكافؤ فيما يتعلق بالمنسقين المقيمين الذين ينسقون أنشطة الأمم المتحدة في مختلف دول العالم. ونحن نتحرك نحو تحقيق هدف التكافؤ في عام 2028 على جميع مستويات عمل الأمم المتحدة.

 

من ناحية أخرى، قمنا بتعميم مراعاة المنظور الجنساني في جميع سياسات الأمم المتحدة، وفي جميع إجراءات الوكالات وفي جميع الأعمال التي نقوم بها. فيما يتعلق "بمنصب" الأمين العام، أنا آسف. أنا لست امرأة. لكنني بالطبع أرى-باهتمام وتعاطف كبيرين-إمكانية أن تكون لدينا نساء ليس في منصب الأمين العام للأمم المتحدة وحسب، ولكن كقياديات لأهم البلدان في العالم.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز