

جمال عبدالصمد
«التكاتك».. عالم فوضوي لا يعرف القانون
«الباجاج» أو «الركشة» أو «التكتوك» أو «التكتك»، وغيرها من مسميات أخرى تختلف من منطقة إلى أخرى.
بداية ظهوره وانتشاره فكان من دولة الهند ومنها انتشر إلى دول أخرى بالعالم، ومن هذه الدول مصر ويطلق عليه «التوك توك»، وهو عبارة عن موتور دراجة نارية «موتوسيكل» يكسوه هيكل صغير الحجم شاسيه بثلاث عجلات، ويستخدم كوسيلة مواصلات لنقل الأفراد مقابل مبلغ مالي متفق عليه مقابل خدمة التوصيل، لا يتعدى عدد الركاب فيه الثلاثة أفراد.
«التوك توك».. مركبة تستطيع أن تسير وتسلك الشوارع والأماكن الضيقة، والطرق غير الممهدة، كما تتم الاستعانة به فى المناطق المحرومة من المواصلات، أو التي يصعب مرور السيارت فيها، مثل الأزقة والحارات الضيقة، وداخل المناطق الزراعية والنائية، والنجوع والكفور، والمناطق الشعبية، وغيرها من المناطق التي لا يتناسب التنقل منها وإليها إلا من خلال مركبات ذات طابع ومواصفات خاصة مثل «التكاتك» صغيرة الحجم.
إلى أن زحف التوك توك نحو المناطق والأحياء المتوسطة، ثم اخترق المناطق والأحياء الراقية بمحافظات مصر.
نتفق أو نختلف نحن لا نستطيع أن ننكر أهمية مركبة التوك توك فقد لعب دورًا مهمًا في إحياء مناطق كانت تحمل لقب «المناطق النائية»، كما ساهم في توفير فرص عمل للشباب ولكبار السن وفتح باب رزق لأسر كثيرة.
وبرغم الدور المهم الذي لعبه التوك توك في تذليل العقبات لأهالي وزوار المناطق المشار إليها مسبقًا، ورغم مرور ١٥ عامًا على ظهور وتواجد التوك توك بكل محافظات مصر، فإنه ما زال ظاهرة أثارت وما زالت تثير جدلًا واسعًا بالشارع المصري. كما أن مشاكله تزداد يومًا بعد الآخر، وتفاقمت بصورة واضحة وفاقت فائدته؛ حيث تاهت إيجابياته وسط زحام سلبياته.
عندما نستعرض أضرار وسلبيات التوك توك نجد مشاكل عديدة ومتنوعة منها على سبيل المثال لا الحصر.. قيادة الصغار دون السن القانوني للتوك توك وبصورة متهورة تعرض حياة الركاب للخطر، بالإضافة إلى سوء سلوك شريحة كبيرة من سائقيه ومعاملتهم الغير آدمية مع الركاب، واستغلالهم لإرتفاع سعر البنزين والمبالغة في الأجرة، وهناك من استعان بمركبة التوك توك في عمليات السرقة بالإكراه وترويج المخدرات، فضلًا عن حمل الأسلحة المختلفة واستخدامها في المشاحنات والمشاجرات مع الركاب أو مع بعضهم البعض.
ولعل من أهم السلبيات أيضًا استقطاب عمال المعمار بكل أشكاله إلى العمل على التكاتك، ويرجع ذلك إلى رفضهم العمل بالمشاريع القومية والاستثمارية بالمدن الجديدة بحجة البعد الجغرافي عن سكنهم أو بسبب أجرة اليومية، ما نتج عنه اختفاء وندرة الأيدي العاملة، وذلك نظرًا لتقنين عملية البناء داخل المدن والمحافظات، نظرًا للتأثير السيئ على البنية التحتية.
لم تتوقف مشاكل التوك توك عند هذا الحد من التردي بل ساهم أيضًا في تدمير المنظر الحضاري والجمالي بالمحافظات السياحية والساحلية، ومنها شوارع عروس البحر المتوسط؛ حيث انتقل التوك توك من شوارع وحواري المناطق العشوائية والشعبية إلى الشوارع الرئيسية والحيوية بمدينة الثغر، مثل شارع الكورنيش وجمال عبدالناصر وشارع أبوقير وشارع بورسعيد، وذلك بسبب عدم التزام سائقي التوك توك بقانون المرور.
على الرغم من القيام بتقنين أوضاعه من خلال وضع شروط ملزمة لسائقي التوك توك؛ منها تخصيص خط سير لمركبة التوك توك، وضرورة الالتزام بعدم خرق اي بند من بنود قانون المرور، فإن قام الكثير منهم بخرق قانون المرور بشكل يومي وفج.
وينبغي الإشارة إلى أن استعراض مشاكل وسلبيات التوك توك لا يعني المطالبة بإلغائه أو إيقافه أو أن المشكلة تكمن في وجوده، بل نحن نشير إلى السلبيات من أجل السعي في تحويلها إلى إيجابيات، فهناك نماذج جيدة من سائقيه يبحثون عن لقمة العيش بشرف وتعب وأمانة.
في النهاية أتمنى تقنين وضع التوك توك بالمناطق التي تحتاج إلى مواصفات تلك المركبة سهلة التنقل والمرور، من خلال الالتزام بقانون المرور بالإضافة إلى وضع ضوابط وشروط منها ألا يقل عمر السائق عن ٢٠ عامًا، على أن يتم إجراء تحليل مخدرات مفاجئ على السائقين، وأن تتم حملات فجائية لتفتيش المركبة والتأكد من خلوها من المخدرات والأسلحة، ووضع خط ساخن لتلقي الشكاوى والاقتراحات الخاصة بمركبة التوك توك.
حتى نستطيع أن نغير العالم الفوضوي الذي لا يعرف القانون التكاتك إلى عالم ينظمه القانون، ويلتزم ببنوده.