عاجل
الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

د.إيمان ضاهر تكتب: أحمد عبد العزيز.. دراما الضوء والابتسامة لا نهاية لها

د.إيمان ضاهر
د.إيمان ضاهر

يقول الشاعر: "إذا رأيت البصير بجواهر الكلام يستحسن فنا ويستجيد إبداعا، ثم يجعل الثناء عليه من حيث الإبداع السليم والجميل: حلو  ورشيق، وحسن أنيق، وعذب سائغ، رائع، فاعلم أنه لا ينبئك عن أجراس الحروف أو القيمة اللغوية، إنما إلى أمر يقع في المرء في فؤاده...."، ومن الابتسامة والضوء ولد بريق الوعي، هذه الإشراقة الداخلية التي تحتضن الضوء وتعانقه، ذهبي الشعاع، وميض النعمة  الروحية ينثر النور، لتكتمل الحياة. 



 

إنها وهج الروح للملك المرشد "إخناتون" يحكي لنا مشاعر خالدة زينتها رسالة التوحيد: "لا إله إلا الله". المصباح في وعاء بلوري، ويبدو الفنان متألقا كنجم بالصوت الهادئ، طارد الجهل والظلام في "الوزير الشاعر" موفي المقام، إنه الشاعر المعلم، يعلمنا ألا نخاف من المجهول. 

ونراه سعيدا وراضيا في رحلته الكبيرة، مع دراما الخير، نبع لنور الدين وانفتاحه الذي يظلل أقوال "الشيخ محمد عبده" في طموحه الديني ويكلل أفعاله الحميدة، الضوء في الانفتاح والابتسامة على حساب الصبر الشديد، فغزا  القلوب المؤمنة وأجاد التقوى والإيمان حتى في أحلك الظروف. 

إنه قادر على نبذ الظلم، وصون كرامته مدافعا عن حقوقه بكل قواه، لتحقيق رسالته في الحياة. إنه الإقدام لبطل "الوسية" بشجاعة وإخلاص وتضحية نادرة في مجتمع لا يرحم، وقد نجح في أعظم حكايات الزمان على الإطلاق، حيث تتمثل القيمة الجمالية أمامنا حتى اليوم، بقوة طاغية، للمثالية الصالحة، وكل عمل صالح أليس هو تجسيد للفن الصالح من أجل بناء المجتمع؟

قارئي المحب لفارس الدراما، استمع لصرخات حياتك وما يقوله قلبك ورنات صمته.. أصغى لدراما الوجود تحفة "المال والبنون" دراما الأمل لا تبحث عن ثروات أخرى، غير حب الخير وزرعه في مغزى الكلمات، وواقع المجتمع، حيث البطل يوسف الضو، يتجرأ، ويتجرأ، ببسالة وواقعية لا مثيل لها، ويتجرع ويلات الألم والتعذيب، حتى يرتشف المشاهد من قوت الشجاعة والتضحية، من أجل طعم الحرية. 

إنها دراما ضمير المرء في يقظته في كل أوان وحتى آخر الزمن.  وفي "سوق العصر" ، صراع الخير والشر في المجتمع المصري أثناء الثورة، منصور المغازي، يضحي بنفسه في سبيل النيل من الفساد الشديد والقاهر ويفلح في إيقافه.

خطاه عطرت بشذاها أحلام الناس المشتاقة، للدراما العائلية الحنونة، الصادقة لإخوتها. روعة وإخلاص في الأداء يميزه روح الإبداع الراقي والتلقائي.. ريادة فنية عظيمة، مازات وستبقى حية جدا.

قرائي الأحباء.. وأصحبكم في شهامة الدراما لأحب الفنانين إلى قلوبكم، في مشواره المتعدد البطولات، القاهرة والجبارة، التي أحيت القيم العربية التاريخية، حتى لا ننساها، وها هي كل يوم تتألق أمامنا، تاريخ العرب المنتصر، هازم أقوى الجيوش وأشرسها، في ملحمة "الفرسان" الإبداعية، عظمة إنسانية، وبرأيي كناقدة عربية وغربية، أشهد بأنها عالمية كالتحف الأدبية الفرنسية، من القرن السابع عشر، ومازالت حية وترزق، في اكبر المسارح الأوروبية. إنها التجلي في الفروسية النادرة لملك تاريخي، قاموسه في الحكم يحكي عن قيم إنسانية، هدفها الشجاعة والحكمة، الوداعة واللطف، وقلب معمر بالحب والمغفرة حتى "لقاتله". 

إنه الشرف الدرامي لأمة عربية، مازالت تفيض وتستعيد أوج مجدها وكأنها الأمس والحاضر والغد. إنه النادر أحمد عبد العزيز، في دراما السخاء وطيب الشمائل تأتينا بريح العنبر المتنفس، لفنان "إنسان" مازال يعبر الزمان بكل صدق وامتنان.  وأكشف لكم عن هوية الفنان في إحدى تحفه، شاد الأفق، فساق العقل في إبداعه، وخفة ظله الرائعة في "أبو زيد الهلالي"، وبطلها الأسود الجميل، العبد البطل الراقي والواعد، لنصبح بأجمعنا عبيد، لأجل إرساء العدالة والتسامح، لأجل الحرية ونبذ العنف، وزرع الخير.. ريادة عظيمةرفعتنا درجات في فك ألغاز الحياة، وربما لفهمها أكثر في المجتمع.  أين تكمن الذائقة الجمالية لدى الدرامي المبدع؟ إنها تذوق الروعة، صفة فوق الحواس، ودون مبالغة أو إسراف، إن الفن الجامع بعيد كل البعد عن القبح والرذيلة، القريب من نفوس البشر. 

كم من المتلقين بالملايين يلتقونه في طريقهم ليعترفوا له: "إحنا تربينا على أعمالك يا فنان..". 

وفي "جمهورية أفلاطون"، هذا النوع من الفن يقرب الناس من الفضيلة والحكمة والخير والحق، القوة الهائلة والمؤثرة للفن على الفرد ومجتمعه. ومن سمات الدراما الخالدة الكمال المزمن، فهو يولد ولا.ينقرض، يزيد ولاينقص. وهنا ديمومة اللقاء، لنذرف دموعا دافئة في حضن الجبل، دموع النجاة من  شجون الحياة. دموع الصفاء "وإنما بالوالدين إحسانا، في طاعتهم".. دراما ثقيلة بالرجاء العميق وعطر العاطفة يفوح منها، لنعثر على الصواب، في رسالة الفن الأخلاقية.. أليست دراما الإبداع الخاص والعام؟

نعيش هذا الإبداع المتأصل بروح الفنان في رائعة الدراما العاطفية "مين اللي مابيحبش فاطمة"، قصة الهوية الإنسانية للحب الصادق والتضحية لأجله، معاناة الحياة بالإحساس المرهف في التعبير عن الذات، وما نعجز عن وصفه في تفكيك التناقضات.. ومين اللي مايحبش أحمد عبد العزيز؟ دراما العزيز تنيرنا "مجد لا يتجعد" بسحره المتفاني في ملاحة أدواره ، تأسرنا في كل ثانية في "الأب الروحي" وكأن خشونة الدراما هي هندام النضارة والوسامة لإدراك المعنى الكل لفن الحياة. دراما الشعلة في الحوار والصوت، للبحث عن العدالة والقبض على الأشرار، في أداء تعدى الوصف، في مدرسته الإبداعية، وأذكر هنا "حق ميت" و"كلبش٢".

قارئي المخلص لدراما الوعي والإخلاص، إنه الفن المخلص الودود، الذي بعد تأمله يطول عمره، ونستمتع بجماله دون ملل أو ضجر، فهو ينمو ويتطور.. لقد رأيت "ذئاب الجبل"، عشرات المرات وأنا أدرسها، مضرب المثل في الرجولة والعنفوان، في الشجاعة والإقدام، في الوفاء للتقاليد وحب الأخ لأخته "وبكيت"، ومازال هذا الذئب العربي النقي، الثائر الأصيل، يتسلق القمم، حلمه الجبل، مغروس في كيان صعيده الأبي، ومازال يفتن الألباب ويسحر العقول، لدرجة أنه قلب الدنيا "رأسا على عقب" في حدوتة "أوضة وصالة"، الشمعة الإنسانية التي لا تذوب، فهي تحتضن البؤس والفقر، بقناعة سعيدة بالعمل الصالح، وطمأنينة الروح،  "إنه هادي" الضوء العزيز. 

ولن أقول أخيرا، ففي كل أوان، سيبقى الزمن حليف إبداعه المميز، بر الأمان، والذي قلده وسام الإيمان والحكمة والمشورة.. في "المداح أسطورة الوادي"، يتابع "الشيخ عبد الرحمن" الجليل والحليم، تأبط الشمعدان، وبمعية "النجم المرموق والواعد حمادة هلال"، ليدلل، جمهوره بعطر الرحمة والتقوى في أيام الصيام. 

ومن خلال هذا الدور الوقور، يردد الفنان القدوة للفن: "لأن الفن هو الإنسانية، شئنا أم أبينا،  فلا فن دون إنسان، ولا إنسان دون فن"، ومن هنا، قارئي العزيز، يشع الرائع، ليبكي السامع.. أحمد عبد العزبز القادر على الاستمرار في خلق وتكوين ألوان الإبداع، واستنباط الإنسان، المختبئ في عمقه،  لابد وأنه لم ولن يكشف عن كل أسرار إبداعه حتى اليوم.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز