عاجل
الإثنين 16 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
We
البنك الاهلي
أرقام القاهرة الصعبة!

أرقام القاهرة الصعبة!

بقلم : هاني عبدالله

بامتداد 7 أيامٍ تالية.. تُعيد «القاهرة» فى عديدٍ من المحافل الدولية ترسيخ ملامح أجندتي: «مصر 2030م»، و«إفريقيا 2063م» عبر أكثر من مستوى.. أسبوعٌ حافل يقينًا.. يُمثل – فى حد ذاته – نتاجًا لسياسات ممتدة منذ 5 سنوات خلت.. إذ نجحت خلالها «الدولة المصرية» فى أن تقود الدفة وسط أمواج من الاضطرابات (الدولية، والإقليمية، والمحلية) بتوازنٍ وهدوء، مكناها من إعادة ضبط عديد من معادلات (السياسة والاقتصاد) قاريًّا وشرق أوسطيًّا.


فمن قمة مجموعة السبع (G7) التى تبدأ فعالياتها اليوم (السبت) بـ«منتجع بياريتز» الفرنسى إلى (TICAD 7) التى تستضيفها مدينة «يوكوهاما» اليابانية، ابتداءً من (الأربعاء) 28 الجارى، سيتضح عديدٌ من «بصمات القاهرة» فى وضع القارة السمراء (ومصر) على خطوط تماس [حقيقية، وعادلة] مع عديدٍ من التكتلات العالمية.
 




إجمالاً.. تدور أهداف «قمة بياريتز» (فى ظل رئاسة فرنسا للمجموعة) حول محاور خمسة، هي: [تعزيز المساواة بين الجنسين والانتفاع بالتعليم وبالخدمات الصحية الجيدة/ الحماية البيئية لكوكب الأرض، وحماية التنوّع البيولوجى والمحيطات/ مكافحة التهديدات الأمنية والإرهابية/الاستفادة من الفرص التى يتيحها المجال الرقمى والذكاء الاصطناعى على نحو أخلاقى محوره الإنسان/ تجديد الشراكة مع القارة الإفريقية على نحو يتسم بقدر أكبر من الإنصاف].
.. وإن كانت الأهداف الأربعة الأُوَل تُمثل فى جوهرها أهدافًا «كوزموبوليتانية»، فإنَّ الهدف الأخير (أي: الشراكة الإفريقية المنصفة) يأتى فى سياق تزايد «الطلب العالمى» لعديدٍ من الأقطاب الدولية (واشنطن/ بريطانيا/ الاتحاد الأوروبي/ فرنسا/ ألمانيا/ إيطاليا/ كندا/ اليابان/ روسيا/ الصين) على الاستفادة من «الشراكات الإفريقية» فى ظل «أجندة 2063م» الطموحة، التى وضعها الاتحاد الإفريقى (بقيادة مصر)؛ لتحويل القارة إلى مركز نفوذ عالمى.
وفى ظل القيادة المصرية للاتحاد، تعيّن على «القاهرة» أن تُدير أجندتها الخاصة للتنمية المُستدامة (مصر 2030م)، والأجندة القارية (إفريقيا 2063م)، مع كل تلك الأطراف، عبر استراتيجية متكاملة، يُمكننا رصد جانبٍ منها، عبر الآتي:



1 - مُعادلات الصديق الصينى

فى سياق الاستراتيجية المتكاملة لأجندتي: (2030م/ 2063م)، حرصت القاهرة على الاستفادة المتبادلة لعديد من إمكانيات «التنين الصينى».. إذ وقعت بداية أغسطس الجارى «مذكرة تفاهم» مع شركة «موانئ هتشيسون» الصينية؛ لبناء محطة حاويات بالبحر المتوسط (بمنطقة أبى قير).. والشركة تمتلك – بالفعل – واحدة من الشبكات العالمية الرائدة فى مجال الموانئ.. فهى تدير محطات بـ 27 دولة تقريبًا.. كما من المنتظر أن تستوعب «المحطة» الجديدة ما يقرب من مليون حاوية (سنويًّا).. وهو ما يُمثل – فى حقيقته – ميزة نسبية لكلا الطرفين؛ ففيما يدعم الأمر المستهدفات اللوجستية للدولة المصرية، يفتح مجالاً جديدًا للرؤية الصينية (ثانى أكبر الاقتصاديات العالمية فى الوقت الراهن) عبر شواطئ المتوسط.


وفى الواقع.. كانت العلاقات المصرية- الصينية بامتداد 5 سنوات خلت، نشطة ومثمرة، إلى حدّ بعيد.. إذ شملت الاتفاقيات الموقعة بين الطرفين منذ العام 2014م عديدًا من النواحى اللوجستية (النقل)، ومجالات الطاقة، وتُوّجت فى النهاية بـ«مبادرة الحزام والطريق» بمختلف تأثيراتها وامتداداتها فى نحو 60 دولة (الاستثمار فى الطرق/ خطوط السكك الحديدية/ إنتاج الطاقة/ مشاريع البنية التحتية)


وفى سياق «أجندة 2063م»، شاركت القاهرة فى «منتدى التعاون الصينى- الأفريقى».. وأكد الرئيس «عبدالفتاح السيسى» خلال المنتدى على تقاطعات «مبادرة الحزام والطريق»، و«أجندة 2063م»، أيضًا.. إذ من شأن هذا التقاطع دعم تحول القارة السمراء إلى منطقة جاذبة لحركة التجارة الدولية بصورة أكبر مما هى عليه فى الوقت الحالى.


2 - مُعادلات التوازن الدولى


وسط تنافس [تقليدى] بين كُلٍ من «موسكو» و«واشنطن» (شريك قمة G7)، كان أن سعت «الدبلوماسية الروسية»، فى أوقات سابقة، لحشد كل طاقتها للاستفادة من حالات التململ التى قد تُبديها بعض الإدارات السياسية، جراء السياسات الأمريكية المختلفة [والمتصادمة مع بعض الأحيان مع المصالح الآنية لتلك الإدارات].


ومع ذلك.. استطاعت القاهرة، أن تُحافظ على عديدٍ من العلاقات الجيدة مع الكتلتين (فضلاً عن الجانب الصيني) بما يسمح بالاستفادة من نقاط القوة المختلفة، وبما يؤمن مزيدًا من حرية الحركة للدولة.. ففيما اعتاد «الجانب الأمريكى» على وصف علاقاته بمصر بأنها علاقات استراتيجية؛ يبقى الاقتراب «الروسى» من مصر (على وجه التحديد) بمثابة نقطة [مفصلية] تٌحدد شكل خريطة التحركات الروسية بمنطقة الشرق الأوسط.. إذ تظل «القاهرة» هى بوابة العبور إلى شمال إفريقيا (صاحبة أجندة 2063م)، ومفتاح العبور نحو سواحل المتوسط.


.. ولذلك.. اكتسبت القمم (المصرية/ الروسية) المتتابعة (على غرار نظيرتها الأمريكية) بُعدًا مُميزًا فى العلاقات بين الطرفين، من النواحي: [الاقتصادية، والسياسية، والعسكرية].. إذ يُمكننا ملاحظة أنَّ العلاقة بين «القاهرة» و«موسكو» باتت – فى الوقت الحالى - بأحسن أحوالها [منذ 45 عامًا تقريبًا].. كما باتت السياسات الاقتصادية والتنموية، التى تتبعها القاهرة [مُحفزًا] على استقطاب مزيد من الاستثمارات الروسية (إلى جانب الاستثمارات الأجنبية الأخرى).


3 - تيكاد 7.. وأجندة 2063م


فيما تستقبل مدينة «يوكوهاما» اليابانية، ابتداءً من (الأربعاء) 28 الجارى، مؤتمر «تيكاد 7»  (برئاسة مشتركة بين الرئيس السيسى و«شينزو آبى» رئيس وزراء اليابان) ابتداءً من (الأربعاء) 28 الجارى، تبرز أهمية أجندة «إفريقيا 2063م» بشكل ملحوظ.. إذ يُعد «تيكاد» منصة هامة تجمع عديدًا من الشركاء الدوليين؛ لدعم إفريقيا وتطلعاتها التنموية.. كما يُمثل شراكة هامة بين مصر واليابان؛ إذ تظل رئاسة مصر للاتحاد الإفريقى هذا العام، أحد أحجار الزاوية فى ضبط إيقاع معادلات القمة المرتقبة.


فعلى الإطار المصرى يُمثل الأمر تعميقًا للعلاقات المصرية - اليابانية، وعنصرًا جاذبًا للشركات اليابانية؛ لضخ المزيد من الاستثمارات فى مصر (تبلغ نحو 880 مليون دولار، فى الوقت الحالي)؛ تُمثل فى مجملها نشاط نحو 106 شركات يابانية.. كما تمثل مصر أحد أهم شركاء التنمية (بالنسبة لليابان) فى إفريقيا (خصوصًا فى مجال التدريب واستقبال المتدربين الأفارقة).. وينظر الجانب اليابانى لمصر باعتبارها تمتلك إمكانيات وقدرات هائلة؛ لاستقبال الاستثمارات اليابانية، وأن تحسُّن مناخ الاستثمار أدى إلى زيادة الاستثمارات اليابانية فى مصر، ما دفع رجال الأعمال اليابانيين للاهتمام – بشكل كبير – بضخ مزيد من الاستثمارات نحو القاهرة.


أما من الناحية الإفريقية.. فإن قمة «تيكاد 7» تسعى نحو ترسيخ تطوير التعاون التجارى والاقتصادى مع القارة السمراء.. خصوصًا بعد دخول اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية حيز التنفيذ فى 30 مايو 2019م.. كما تلك الاتفاقية – فى حد ذاتها – إحدى أدوات التكامل القارى فى ضوء أجندة «إفريقيا 2063م» للتنمية المستدامة.. إلى جانب تحقيق السلم والأمن فى إفريقيا، وتعزيز الحوار السياسى بين أفريقيا وشركائها للتنمية، وحشد الدعم لصالح مبادرات التنمية الأفريقية.. وهو من متطلبات الأجندة ذاتها، أيضًا.

 


ومع ذلك.. لم تكن نقاط الارتكاز السابقة هى كل ما يمكن أن يُقال فى ظل التكامل بين (2030م/ 2063م).. إذ ستبقى «القاهرة» لفترة معتبرة وممتدة (وفقًا للمؤشرات الدولية الراهنة)، هى كلمة السر  فى نجاح عديد من المعادلات الدولية، والقارية، والإقليمية.
 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز