عاجل
السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
بشر في حياتنا

بشر في حياتنا

بقلم : د. داليا مجدى عبدالغنى

كل إنسان يبدأ يومه، وعادة يكون هذا اليوم كسابقه، والاختلافات طفيفة، ولكن قطعًا الشيء الوحيد المُتجدد هو من حولنا، فنحن غالبًا ما نلتقي بأشخاص بناءً على مواعيد مرتبة، وهناك أشخاص لابد أن نراهم شبه يوميًا، وهناك أشخاص آخرون نلتقيهم صدفة، والغريب أيضا أن هناك أشخاصًا نعرفهم منذ زمن بعيد، ولكن في لحظة معينة نشعر وكأننا لأول مرة نلتقي بهم.



والفارق بين إنسان وآخر، هو أن أحدهما يجعلك تتغرب عن نفسك، والآخر لا تشعر بنفسك إلا وأنت بجواره، وهناك من يُحفز الدموع لتنزل على وجنتيك، وغيره يُخرج الضحك من صميم قلبك، وهناك من يجعلك تُغمض عينيك؛ حتى لا ترى قسوته، وآخر تتمنى أن تقف ساعة الزمن؛ حتى لا ترى غيره، من فرط حنانه، فهكذا البشر، أشكال وألوان، منها اللون الفاتح الذي يتأثر بأي شيء، ومنها الغامق الداكن، الذي يؤثر سلبًا وإيجابًا، ومنها الرمادي الذي لا تستطيع أن تقف على شخصيته، ومنها أيضا الشفاف الذي تستطيع أن تقرأ ما بداخله، دون أن يتكلم، ولكن من يفرق معك هو الذي يُظهر أشياء بداخلك، حاولت مرارًا وتكرارًا أن تُداريها.

فحقًا، بداخل كل منا أشياء كثيرة، لا يريد أن يعرفها أو يراها أحد غيره، وأيضا هناك أشياء بداخلنا، نُحاول كثيرًا أن نُظهرها، ولكن دائمًا ما تبوء محاولاتنا بالفشل الذريع، ولكن الشخص الذي ينجح في إظهار أجمل ما فيك، تظل مُتأثرًا به، ومُنتظر تواجده، ومُفتقده في غيابه، والشخص الذي يُظهر أسوأ ما فيك، رغم محاولاتك في إخفائه، فلن تنساه ما حييت؛ لأنه أظهر الوجه القبيح الذي لطالما حاولت ستره، حتى عن نفسك.

وبالمناسبة، أسوأ ما في الإنسان، ليس بالضرورة أن يكون سيئًا في المطلق، وإنما هو السيئ بالنسبة له، هو الشيء الذي لا يحبه في نفسه، أو الموقف الذي لا يجد نفسه فيه، ولكن يظل الإنسان هو الإنسان، مُعبأ بالمشاعر والأحاسيس، منها الإيجابي، ومنها كذلك السلبي، والاثنان لا يظهران إلا بالاختلاط مع البشر، فمنهم من تقول له ليتني ما قابلتك في يوم من الأيام، ومنهم من تقول له ليتني قابلتك من زمان، ولكن تأكد أنه لولا النوع الأول، ما كنت عرفت قيمة النوع الثاني، فمن يقسو عليك، هو الذي يجعلك تحتاج إلى صدر من يحنو عليك، ومن ينساك هو من يُعرفك قيمة من يتذكرك دائمًا، ومن يخذلك هو الذي يدفعك لتقدير من يرفعك ويسمو بك، ومن ضحى بك هو الذي أتاح لك رؤية من يُضحي من أجلك.

فالأشياء المُؤلمة هي التي تجعلنا نتذوق حلاوة الأشياء المُبهجة، وهكذا سنظل نقابل أشخاص وأشخاص، ولولا هؤلاء ما كنا عرفنا ولا شعرنا بهؤلاء. فأشكر من أبكاك، فهو الذي جمعك بمن احتواك.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز