عاجل
السبت 21 ديسمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي
مطالب ورسائل عمال العاصمة الإدارية

مطالب ورسائل عمال العاصمة الإدارية

بقلم : عيسى جاد الكريم

على رصيف محطة الجيزة يوم وقفة عيد الأضحى المبارك، كل عام أنتم بخير، وأنا انتظر القطار المكيف فى طريقى لقضاء إجازة العيد بالصعيد، ووسط زحام المسافرين التقيت ثلاثة شباب فى العشرينات من عمرهم، وقد توسدوا حقائبهم وافترشوا الرصيف، وقد بدا عليهم تعب الانتظار، تعارفنا، فهم ينتمون لمحافظتي "سوهاج"، أخبروني أنهم ينتظرون على الرصيف من الواحدة بعد منتصف الليل والساعة قد جاوزت الخامسة صباحًا، جميع القطارات العادية التى وقفت بالمحطة مقاعدها وأبوابها كاملة العدد، ولم يستطيعوا أن يجدوا لهم موضع قدم بها، فحتمًا ستكون معركتهم خاسرة إذا ما قرروا أن ينحشروا وسط زحام الأبواب المغلقة بأجساد المسافرين.



لم يستطيعوا الحصول على تذاكر لقطار مكيف يقلهم لسوهاج، حتى وإن كانوا يمتلكون ثمنها، فعملهم في العاصمة الإدارية الجديدة فى قلب الصحراء يجعل ذهابهم لمحطة مصر لحجز التذاكر رحلة سفر أخرى، كما أنهم لا يستطيعون تحديد ميعاد سفرهم، فهم فى انتظار الموعد الذى تحدده شركة المقاولات التى يعملون بها، والتى انتظرت حتى قبل يوم الوقفة لتعطيهم رواتبهم، الشباب الثلاثة الذين يعمل أحدهم "نجار مسلح"، والآخر "حداد مسلح"، وثالثهم "كهربائي"، هم خريجو دبلومات فنية صناعية، أكدوا أن الدراسة ساعدتهم في امتهان مهنتهم الحالية التي لا يخجلون منها، لأنها عمل شريف يكسبون منه أرزاقهم.

الشباب الثلاثة، كانوا يتحدثون عن العاصمة الإدارية التى ترتفع مبانيها أمام أعيونهم يومًا بعد يوم بكل فخر واعتزاز لأنهم يشاركون فى بناء هذه المدينة مع بقية الآلاف من الشباب والرجال، مهندسين وعمالًا يعملون على مدار الساعة، في مواقع كثيرة بالمدينة لتحقيق الحلم، مؤكدين أن 80% منهم من أبناء محافظات الصعيد، الذين لا يسافرون إلى محافظاتهم إلا كل شهرين أو أربعة أشهر.

الشباب فخورون بأنهم يعملون بالعاصمة الإدارية، مؤكدين أن هناك إنجازات كبيرة يتم تحقيقها فى عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، فإصرار الرئيس ومتابعته لهذه المشروعات هو الذي جعل هناك إنجازًا بها، مؤكدين أن حجم الإنجازات التي تمت كبيرة، وأكبر مما يعرفه أو يتوقعه الكثيرون، مستبشرين بأن هذه المشروعات ستجلب الخير للمصريين، فكما وفرت الآلاف من فرص العمل حاليًا فسوف تحقق الملايين من فرص العمل مستقبلًا.

عندما علم الشباب الثلاثة أننى صحفي حملوني أمانة أن أنقل مطالب لهم وللآلاف من العمال لآخرين  بالعاصمة الإدارية حتى يستطيعوا أن يعيشوا حياة آدمية توفر لهم أبسط متطلبات العيش والعمل بكرامة ، وأولى مطالبهم، هى توفير سيارات إسعاف مجهزة بمواقع العمل بالمدينة، فأقرب سيارة إسعاف على بعد كيلو مترات من العاصمة، وحدثت وقائع محزنة للعديد من العمال الذين فقدوا حياتهم نتيجة إصابتهم أثناء الإنشاءات نتيجة تأخر سيارات الإسعاف، التى أتت بعد فوات الأون، والإصابات التي تكون خطيرة تحدث نتيجة إهمال الأمن الصناعي، الذي لاتوفره كثير من الشركات التى تعمل بالإنشاءات توفيرًا للنفقات، وهو شيء يجب أن تنبه عليه الإدارة بالمدينة جيدًا على الشركات العاملة، كما أنهم يعانون من صعوبات فى الحصول على الماء الذي يأتي لهم فى خزانات بكميات قليلة في أيام كثيرة، ويحتاجون أن يتم توفير مياه  شرب نظيفة لهم، ومن توفير الماء للشرب  إلى توفير الغذاء بسعر معقول يتناسب مع رواتبهم ويطالب الشباب، بأن توفر لهم وزارة التموين سيارات متنقلة لبيع المواد الغذائية بأسعار معقولة، فهم يعانون أشد معاناة للحصول على الغذاء، فهم يضطرون يوميًا بتكليف عامل أو اثنين بالذهاب لإحضار الطعام لهم من خارج المدينة بأسعار مرتفعة ترهقهم ماديًا، علاوة على تعطيل قوة العمل يوميًا لعاملين  من مجموع عشرين عاملًا يعملون فى الموقع لشراء الاحتياجات بشكل يومي، لأنهم لا يستطيعون شراء احتياجاتهم بشكل أسبوعي، لأنه لا يوجد لديهم ثلاجات بالأماكن التي يبيتون فيها، وطالبوا بأن تقوم القوات المسلحة بعمل فرن خبز متنقل، يمكن آلاف العمال من الحصول على خبز طازج يوميًا، وهو شىء يمكن تنفيذه بين يوم وليلة، وسيوفر عليهم الكثير، وسيسعد به جميع العاملين، كما أنهم يطالبون بأن تتم تقوية شبكات المحمول حتى يستطيعوا الاطمئنان على أهاليهم بشكل جيد، فشبكات الاتصالات ضعيفة أغلب الأحيان، مما يضطرهم للسير لمسافات طويله حتى تلتقط هواتفهم إشارة للاتصال بأهلهم.

علا صوت القطار المميز القاهرة – سوهاج، معلنًا وصوله رصيف محطة الجيزة، وتحفز الشباب وودعوني بلطف، وما أن وقف القطار، ووجدوا أنه بإمكانهم إيجاد موضع قدم لهم وسط الكتل البشرية، انحشروا، غلّفهم الزحام وخفتت أصواتهم وتلاشت بين أصوات عجلات القطار، الذي تحرك وصوت نفيره يختلط بصوت البشر المكتظين داخل عرباته.

أتمنى أن أكون قد أوصلت رسالة الشباب لمن يستطيعون تحقيق مطالبهم، وأن يكون هؤلاء الشباب وأمثالهم ممن يعملون في بناء المدن الجديدة والمشروعات الكبرى حاضرين فى مؤتمر الشباب القادم، بدعوة كريمة من الرئيس السيسى، فإنهم يستحقون.. فهم خير مثال للشباب الذى يساهم بصدق فى بناء الوطن وتحقيق إنجازاته.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز