عاجل
الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
بناء الإنسان المصرى

بناء الإنسان المصرى

بقلم : طارق رضوان

وقفة مع النفس. هى واجبة علينا للنظر ناحية الإنسان المصرى. والتأمل فيه وفى سماته. فهو الذى بنى السد العالى فى العصر الحديث. وهو من عبر قناة السويس فى حرب أكتوبر المجيدة. وهو من قام بثورته ضد جماعة الإخوان الإرهابية ليزيل من على صدر الأمة المصرية حجرًا ثقيلًا. سنوات عديدة تعرض فيها الإنسان المصرى للتجرّيف والإهمال. تجعلنا نهتم بإعادة بنائه. فالأساس المتين الجيد موجود. ينقصه فقط الترميم.



من قبل. قامت دول بوقفة مع النفس. وقفة صدق. لتتقدم إلى الأمام. بعدما عانت طويلا من الانحدار والتخلف والرجعية. استعانوا بالخبرات الداخلية والخارجية للوصول لطريق التقدم. تلك الوقفة الصادقة نتج عنها النظر إلى الإنسان. القوة الحقيقية لبناء الحضارات. والذخيرة الحية للتقدم. وفى مصر التحدى الأكبر الذى تواجهه بلادنا اليوم. هو تحويل العنصر البشرى والسكانى فى مصر من عنصر يشكل عبئًا على التنمية وعلى الاقتصاد القومى. إلى عنصر يكون الدافع لعجلة التنمية. والوسيلة الرئيسية لعبورها نحو أهدافها القومية العاجلة والبعيدة المدى فى توفير الأمن والرخاء ودعم مركز مصر الحضارى فى عالم سريع الخطى نحو التقدم . فإذا لم تكن كل يد توضع فى البناء يد أمينة مخلصة وصادقة. فإننا لن نحصل على النتائج التى نخطط لها. ولن تؤتى الأموال التى ننفقها بثمارها. فدولار واحد يُنفق على التطوير الذهنى للناس. يرجع على الدخل القومى بزيادة أكبر من تلك التى تعود على ذلك الدخل من دولار يُنفق فى خطوط السكك الحديدية. وقد أصبح الاتجاه السائد حاليًا بين علماء الاقتصاد والاجتماع أن المصادر الطبيعية للثروة لدى دولة ما ليست هى التى تهم بالدرجة الأولى. وإنما الأهم هو إلى أى درجة تحسن هذه الدولة استخدام تلك المصادر. وأعلى مستويات المعيشة وأسرع نمو اقتصادى هو من نصيب تلك الدول التى تستغل بأفضل طريقة وتزيد من رأس المال ومن إمكانيتها فى تنظيم واستخدام وتعليم ومهارة وجهود أبنائها. فالمسئولية هنا فى المقام الأول هى مسئولية الإنسان المصرى. كل يحمل نصيبه منها حسب موقعه. ولذلك فإننا إذا كنا نبحث عن الطريق الأمثل للاستفادة بمواردنا البشرية لصالح الأهداف القومية فإن ذلك الطريق يتلخص فى عبارة واحدة. وهى (طريق بناء الإنسان المصرى وتهيئة المناخ المناسب لانطلاقه). ذلك وحده هو الطريق للوصول بمصر إلى أهدافها القومية. وفى حالة مصر الآن. وهى حالة بناء الدولة القوية. تعتمد بشكل أساسى على بناء مؤسساتها ومحاربة الفساد وتضع أولوية لبناء الإنسان المصرى. وقد اجتمع علماء السياسة والاقتصاد والاجتماع والنفس على وضع معايير ثابتة هى أساس بناء الإنسان. وقد كانت أهم سمات تلك القواعد هى ضرورة احترام الرأى العام. وتطوير العلاقات مع الدول الأجنبية. والبحث وراء المعرفة بعيدًا وعلى أوسع نطاق. وكذلك المحافظة على التراث. وعدم التفريط فيه. والمحافظة على الهوية. وكان الشغل الشاغل هو مهمة البناء الداخلى للدولة. وذلك عن طريق اتخاذ سلسلة من الإجراءات التنفيذية للسياسة العريضة التى تنطبق مع المبادئ الحديثة المعروفة حاليًا فى علم اقتصاد التنمية وهى.

• قوة التوجيه والتحكم فى النمو الاقتصادى بواسطة الحكومة المركزية (مبدأ التخطيط).

• تحسين وسائل المواصلات.. السكك الحديدية والطرق (مبدأ أولوية رأس المال الاجتماعى) وكذلك الصحف اليومية نظرًا لأهميتها فى نقل المعلومات والتوجيهات إلى كل أنحاء البلاد.

• الاعتراف لكل الطبقات بالحق فى العمل فى كل القطاعات (مبدأ مرونة انتقال الأيدى العاملة).

• إطلاق حرية الفلاحين فى زراعة الأرض بما يشاءون من محاصيل وحرية التصرف فيها بالبيع والشراء (مبدأ حرية الاستثمار الزراعى).

• التركيز على أهمية التعليم لتغيير صورة المواطن المصرى وحشد الطاقات الاجتماعية وتوفير طبقة عاملة متنورة التعليم الأولى على الأقل. أما الصعود للتعليم العالى فقد وضعت له شروط صعبة للتحقق من الكفاءة (مبدأ الاهتمام بالبعد الثقافى).

• الاعتماد على الزراعة أساسًا فى بناء الاقتصاد.

• الأخذ بالحرية الاقتصادية والحافز الفردى كأساس باعتبار أنهما الأساسان اللذان نهضا بالاقتصاد فى أوروبا.

• فتح الأبواب للخبرات الأجنبية فى جميع الفروع وإرسال البعثات المتعددة للخارج (مبدأ إدخال التكنولوجيا الحديثة) وعند عودة المبعوثين يولون مراكز القيادة (مبدأ الرجل المناسب فى المكان المناسب).

تلك هى السمات التى اتفق عليها العلماء فى بناء الإنسان. وقد كانت الدولة النموذج فى تطبيق تلك السمات هى اليابان. بعد هزيمتها النكراء فى الحرب العالمية الثانية. ومن يدقق النظر فى حالة مصر. يجد أن الدولة بدأت بالفعل فى اتخاذ الخطوات اللازمة لتنفيذ قواعد بناء الإنسان المصرى. لكن لخروج مصر من سنوات فوضى عارمة زاد من حدتها تولى الإخوان الفاشيست الحكم فى البلاد. كان على الدولة أن تلملم أطرافها من جديد وتستعيد هيبتها ومكانتها. كما كان لازما عليها أن تعيد الثقة فى نفوس الجماهير التى تعرضت لأهوال الفوضى والتشتت وفقدان الثقة واقتربت من فقدان هويتها. وهو ما جعل المهمة ثقيلة أمام الرئيس السيسى ليستعيد وسريعًا الدولة. وفى نفس الوقت يبدأ فى عملية بناء الدولة القوية. وفى المرحلة القادمة هناك خطط شاملة لبناء الإنسان المصرى واستغلال العنصر البشرى فى بناء الدولة القوية. وذلك لدفع عجلة التنمية التى كانت قد توقفت لسنوات جعلت الدولة بما يسمى شبه دولة. وقد كان هناك تجربة مماثلة إذا اعتبرنا أن التاريخ لا يتغير طالما أن الجغرافيا لا تتغير. فقد فعلها محمد على من قبل فى بناء دولة عصرية بعد سنوات عجاف عاشتها مصر تحت ظل حكم المماليك. وقد قام محمد على بالبحث والتجارب فى بناء جيش من الألبان ثم حاول بناء جيش من السودان. لكن تلك الجيوش التى حاول بناءها لم تحقق له حلمه فى بناء دولته الحديثة. إلى أن توصل لبناء الجيش من أبناء الشعب المصرى. ومن هنا كان عليه بناء الإنسان بما يتوافق مع العصر الحديث وقتذاك. وخلال سنوات قليلة كانت مصر من خلال أبنائها قوة عظمى فى المنطقة. وتطورت الصناعة والزراعة بقوانين كانت ملائمة لعصرها. نجح محمد علي فى بناء دولته الحديثة القوية من خلال بناء الإنسان المصرى. الدولة القوية التى تبنى الآن. وضعت قواعدها وبدأت فى التنفيذ لكن الطريق مازال طويلا لبناء إنسان مصرى عصرى. فى مناخ سريع التطور التكنولوجى. لكن بوجود النية والقدرة والمقدرة والرجال المخلصين الشرفاء ستصل مصر لمكانتها الطبيعية بين الأمم كدولة قوية حديثة. وسيبنى إنسان مصرى بعد ترميمه فهو عماد الدولة.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز