قالوا الناس أجناس

بقلم : د. نرمين الحوطي

قالوا الناس أجناس
جنس دواء لنفس وجنس للنفس علة
خفيف النفس كسب الناس
وثقيل النفس الناس تمله
من كان الطيب أساسه نحبه
ومن ساسه النذالة الله يبعدنا عنه
احذر يا خوي من ينتظر عليك زلة
وصادق كل من صدقك والصدق في قلبه محله
هي كلمات غير معروف من قام بكتابتها أرسلت إلي وقد تكون أرسلت للكثير عبر الوسائل التواصل الاجتماعي، قد يكون العديد لم يقرأها وتمعن في معانيها، وقد يكون البعض استوقفته تلك العبارات مثلما استوقفتني وأخذت بي في التأمل والتفكير بها فيمن نصادفهم ونصادقهم من أناس وأجناس.

عندما أقوم بمجالسة من يكبرني من العمر الكثير واستحضر في خيالي من ذكريات كل ما قص علي من جدتي واعمامي ووالدتي ووالدي ،رحمهم الله، يؤكد لي أن الخير والصدق والحب كان الماضي يحمل منها الكثير والعديد، أما اليوم أصبحنا نخشى ونخاف من أن نقترب من الشخوص لأننا فقدنا الصدق والطيبة في هذا الوقت، فأصبحنا لا نعرف الناس ولا الأجناس.

نعم، أصبح الصديق الصادق والرفيق الواعظ والخير والحب من العملات النادرة من الصعب وجودها في مجتمعاتنا، لن أكتب بحروف الظرف والمكان باسم الماضي بل كلماتنا تكتب بحروف الحاضر والمستقبل الذي صار لا نعرف فيه الناس ولا الأجناس.

إن بناء الإنسان في هذا الوقت يعاني من خلل في النشأة والتربية والتعليم والبيئة المحيطة به، ما يجعل اندثار الصفات الحميدة وندرة الصديق الصادق في الحاضر والمستقبل، ذلك هو الحاضر الذي أصبح يؤسس ويغرس في أغلبية أبنائنا الغيرة والحقد والانتهازية والكذب وغيرها من بذور وأسس فاسدة لحصيلة مستقبلية غير منتمية لتربتنا، تلك هي الحقيقة وهذا هو مستقبلنا وواقعنا، في الماضي كنا نقدر أن نفرق بين الناس والأجناس، أما اليوم فيصعب علينا ذلك، وكم من صدمه من أناس وأجناس كنا نظن وخاب الظن وغابت حقيقتهم، والسبب أنهم يمتلكون من المهارة التلوين والتلاعب بأن يكونوا أناسا وأجناسا تطمئن لهم النفوس ومن ثم تسقط أقنعتهم الملونة والزائفة التي لا تنتمي لترتبنا ولا مجتمعنا فهذا الزمن يصعب علينا بأن نعرف من هم الأناس والأجناس.

مسك الختام:
ليس البلية في أيامنا عجبا
بل السلامة فيها أعجب العجب
ليس الجمال بأثواب تزيننا
إن الجمال جمال العقل والأدب
ليس اليتيم الذي قد مات والده
إن اليتيم يتيم العلم والأدب
الإمام الشافعي
 

*كاتبة وأكاديمية كويتية