عاجل
الخميس 26 ديسمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي
كلمة ورد غطاها

كلمة ورد غطاها

بقلم : د. نرمين الحوطي

ما بين الأمس واليوم يحدث الكثير من التغيرات الكونية والجيولوجية وغيرها مما نسمع ونقرأ عنه من تغيرات طرأت على كوكب الأرض، ذلك ما يجعلنا لا نندهش عندما نجد لغتنا العربية أيضا اختلفت ما بين الأمس واليوم!



وما بين هذا وذاك نجد أن ما كنا نكتبه ونقرأه بالأمس أصبح اليوم من الممكن غير متواجد أو اختلفت سبل الاستخدام به، ومن هذا وذاك كانت إضاءتنا اليوم في جزئية مصغرة لما حدث من تغييرات لغوية وقواعدية، وهي «علامات الترقيم» وما طرأ عليها من تغيير!

بالأمس البعيد كانت «علامات الترقيم» تعرف بأنها رموز معينة وذات معنى اصطلاحي يتم وضعها بين الجمل والكلمات عند القيام بعملية الكتابة، وذلك من أجل التوضيح أماكن الابتداء أو الوقف أو الفصل وغيرها من الأمور الضرورية للغة العربية، وهذا لتسهيل عملية الاستيعاب عند القارئ والكاتب في وقت واحد، ذلك ما كان مفهوما عن علامات الترقيم بالأمس، وتلك هي رموزنا «الفاصلة.. الأقواس.. علامات التنصيص.. علامتا التعجب والاستفهام.. النقطة.. الفاصلة المنقوطة»، أما اليوم فتلك الرموز أصبحت كلمات وجملا تعبيرية يقوم باستخدامها البعض عبر وسائل التواصل المستحدثة والتكنولوجية للاستغناء عن التعبير من خلال الكتابة لكلمات وجمل تعبيرية مطولة فيقوم باستبدال تلك الجمل والكلمات باستخدام تلك الرمز لتصبح المعني المراد توصيله للآخر، تلك هي الحداثة، وهذا هو عصر السرعة، فعلى سبيل المثال لتوضيح ما نصبو إليه من كلمات مقالتنا:

٭ علامة التعجب بالأمس كانت توضع عادة بعد أنواع معينة من الجمل والتي أهمها التعجب والفرح وغيرهما من الجمل الأخرى، أما اليوم فأصبحت كلمة بحد ذاتها تكتب كما لو أنها ركن من أركان الجملة الاسمية أو الفعلية، وتعني ماذا بعد أو المزيد من المعرفة، ويقوم الشباب باستخدامها اليوم في بداية التعارف فيما بينهم بمعني مبسط: بالأمس عندما كنا نسأل نقول: غريب بأنك تفضل اللون الأسود! أما اليوم: الأسود!

٭ علامة الاستفهام بالأمس كانت رمزا يستخدم في الجمل التي تحتوي على أدوات الاستفهام أو الاستفسار عن صحة معلومة ما، أما اليوم ومع عصر السرعة فأصبح العديد يقوم بكتابها كجملة كاملة بحد ذاتها عندما يقوم الشخص الآخر بالسؤال أو الإجابة لموضوع معين، فما عليه إلا الرد بـ «؟» وعليك أن تقوم بالفهم والتفسير لما يصبو إليه الآخر.

٭ النقطة التي كانت في الماضي تستخدم في نهاية الجمل التامة المعنى ولا كلام بعدها أو في نهاية الفقرة، أما في حاضرنا الجميل فأصبح العديد يتعامل مع نقطة بعد كل كلمة تكتب للآخر كما لو أنه أصبح يعلم الكثير عن الآخر ولا يريد أن يقرأ المزيد عنه، فأصبحت المراسلة بينهم كلمة ومن بعدها نقطة، أي لا أريد أن أعرف أكثر أو لا أريد الحديث، أو كما يقول أهل مصر «كلمة ورد غطاها».

٭ مسك الختام: اللغة ليست وسيلة تخاطب فقط.. وإنما هي وسيلة تفكير.. فهي أحد أركان أمن الشعب ثقافيا وفكريا.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز