
بصمة إنسان
بقلم : د. داليا مجدى عبدالغنى
جميل أن يترك الإنسان بصمة فيمن حوله ، فهذه البصمة هي الأثر الذي يظل راسخًا بداخل كل من يتعامل مع هذا الإنسان ، فمن يظن أن التعاملات البشرية تقف عند مرحلة المواقف السريعة ، والضحكات ، وشتى أنواع المعاملات ، التي تبدأ وتنتهي وتمر مرور الكرام ، فهو مخطئ بلا شك .
فالإنسان الذي لم يترك بصمته في مواقفه مع الآخرين ، ولم يكن له لونه الخاص به ، وقدرته على بث روح جديدة فيمـن حوله ، والتغيير فيهم للأفضل ، ووضعهم أمام مرآتهم ، وقتل كل ما هو سلبي بداخلهم ، وبث الإيجابيات بمنتهى الحيادية ، فهو في الواقع سيكون مجرد روح مع إيقاف التنفيذ .
فأجمل شيء في الوجود ، أن يكون للإنسان دور مؤثر مع كل من يُعاملهم ، وأن يجعل من نفسه مرآة ، كل من ينظر فيها ، يجد نور الحقيقية يتلألأ أمام عينيه ، فالدور الحقيقي للبشر هو تأثيرهم في بعضهم البعض ، وقدرتهم على التواصل فيما بينهم ، سيما وأن الإنسان اجتماعي بطبيعته ، وله القدرة على التأثر والتأثير في البيئة المحيطة به ، لذا عليه أن يضع بصماته ، ويحفر آثاره في كل طريق يسير فيه ، فهذا هو عنوان النجاح ، ودليل التواجد ، ومعنى الحياة الحقيقي .
وصدق شكسبير ، عندما قال على لسان بطل مسرحيته الشهيرة "هاملت" : "أكون أو لا أكون" ، والمقصود بهذه المقولة "البصمة" ، أي أن الإنسان إما أن يفعل شيئًا مميزًا يجعل منه عنوانًا للنجاح ، ولابد أن يكون هذا الشيء مُفيدًا له وللبشرية ، وإما أن يُصبح في تعداد الأموات ، أو الذين لم يأتوا إلى الحياة من الأساس ؛ لأن الحياة لن نحياها سوى مرة واحدة ، ولابد لنا أن نُثبت وجودنا فيها ، ونترك بصمتنا المؤثرة ، ونجعل من أنفسنا سندًا لمن حولنا ، وقلب مفتوح يسع العالم بأكمله ، أو على الأقل العالم الصغير الذي ننتمي إليه ، فالإنسان بلا بصمة يُساوي إنسان بلا حياة .