سعاد عزيز
مأزق طهران الكبير
بقلم : سعاد عزيز
دأبت الجمهورية الاسلامية الايرانية طوال 37 عاما، من إطلاق تصريحات و مواقف مختلفة تشدد على أن دول المنطقة تتکفل بأمنها لوحدها ولاحاجة إطلاقا لإستقدام دول أجنبية لهذا الغرض، ولطالما واجهنا رفضا إيرانيا قويا لأية تدخلات خارجية في المسائل المتعلقة بأمن و إستقرار المنطقة و إعتبارها خطرا تهدد السلام و الامن و الاستقرار، کل هذه التأکيدات و المواقف"المبدأية" للجمهورية الاسلامية الايرانية تبددت بين ليلة و ضحاها وکإنها کانت قصور من رمال.
خلال فترة قصيرة نسبيا، طفق العالم يشهد"تقلبات"غير معهودة في المسار السياسي لطهران بصورة يعلم أبسط ملم بالشأن الايراني من إن هذه التقلبات تمس"مواقف مبدأية للنظام الديني في إيران، خصوصا وإن الامر قد تکرر لأکثر من مرة، فبعد الغزل الامريکي ـ الايراني و التنازلات التي قدمها المرشد الاعلى للجمهورية عن خطوطه الحمر و التوصل للإتفاق النووي، لم تمض سوى بضعة أشهر، وإذا بالجمهورية الاسلامية الايرانية تقوم بإستدعاء الروس للتدخل في سوريا و تتفاخر بذلك وکإنها حققت نصرا سياسيا ـ عسکريا مبينا!
إستدعاء الروس، هو موقف إيراني يتعارض 100% مع المواقف المعلنة للقادة و المسٶولين الايرانيين بشأن عدم إستقدام القوات الاجنبية للمنطقة، لکن ومع هذا الموقف و الاجراء المشبوه الذي أثار إمتعاضا و سخرية من جانب دول المنطقة، فإن الذي يثير التهکم کثيرا هو ماقد أکده قبل فترة علي أكبر ولايتي، مستشار المرشد الأعلى الايراني، علي خامنئي، من إن إيران ستتدخل في اليمن بدعم روسي "على غرار ما حدث من تعاون روسي – إيراني في سوريا والعراق"، وهو موقف منحرف عن مبادئ الجمهورية الاسلامية الايرانية و تعاليم مٶسسها الخميني بزاوية مقدارها 360 درجة، مما يدفع للشك أساسا بتلك التعاليم و المبادئ و کونها مجرد بالونات أو شعارات براقة کانت صالحة للإستهلاك لفترة محددة.
هذا التغيير غير العادي في مواقف الجمهورية الاسلامية الايرانية و هذا التحالف"الطارئ"مع الروس للإجهاز على دول المنطقة کما يحدث الان في سوريا و تحدث عن إحتمال حدوث نفس السيناريو في اليمن، فإنه لايدل على قوة إيران و نظامها السياسي إطلاقا بل إنه يٶکد تماما ماقد ذکرته المقاومة الايرانية من إن مخطط الجمهورية الاسلامية الايرانية في المنطقة قد ألحق به الهزيمة و إن إستدعاء الروس دليل واضح على ضعف إيران و عدم مقدرتها على مواجهة الاوضاع في المنطقة ولاسيما بعد الرفض العارم لتدخلاتها و لسياساتها في المنطقة، وإن هذا التحالف المشبوه لايمکنه أبدا أن يملي خياراته السقيمة و الخبيثة على المنطقة.
مايجب ملاحظته عن التحالف الايراني ـ الروسي و أخذه بنظر الاعتبار، هو إنه قد ثبت و بعد الاتفاق الروسي ـ الترکي، بأن للروس استراتيجيتهم الخاصة التي وکما يبدو لاتتطابق و تتوافق مع الاستراتيجية الايرانية، وهو مايمکن إعتباره بداية ظهور التقاطع بين الطرفين خصوصا وإن کل الاحداث و التطورات الجارية بعد التدخل الروسي وبالاخص عقب الاتفاق الروسي ـ الترکي، تدل على تراجع و تهميش الدور الايراني و جعله أمام مأزق کبير، کما إننا لايجب أن نتجاهل وفاة رفسنجاني الذي کان بمثابة صمام أمان و توازن هذا نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية و الذي يمکن إعتباره أيضا ضربة سياسية مٶثرة أخرى قد تقوده الى مفترق لارجعة منه أبدا.
*کاتبة مختصة في الشأن الايراني