عاجل
السبت 28 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
We
البنك الاهلي
وداعا عشقي .. رمضان المعظم

وداعا عشقي .. رمضان المعظم

بقلم : لواء أركان حرب/ جمال عمر

ساعات .. ونودع أجمل شهور السنة .. وأكرمها وأروعها .. لكل خلق الله على الأرض ، كما نقول وندعي نحن المسلمون وأحسبنا على حق ، ودون تجاوز أو تعدي لحدود الحقائق التاريخية عبر عصور حياة البشر على الأرض خاصة ما تلى منها عصور النهضة والحضارة الإسلامية والتي كانت قفزة حضارية غير مسبوقة أو مكررة حتى اليوم ، وفضلا عما يسود تلك الليالي من سلام وأمان ورعاية ربانية ، فيختتم دوما هذا الشهر الكريم بليلة ملكوتية إلاهية ربانية تضيء فيها السماء الدنيا وتشرف بنزول قدسي وتواجد ملائكي مكثف ، وما يستتبعه من سلام رباني مفروض بأمر خالق الكون وإلهه وربه الأعلى على المخلوقات وبينهم ، وهي ليلة عجيبة رصدتها كثير من مراصد الفلك في العالم وأسلم بخوارق ظواهرها الكونية العشرات من علماء الفلك ، حتى أن بعض الدول والوكالات أصبحت تفرض أجازات قسرية مدفوعة الأجر لكثير من علماءها خلال العشر الأواخر من رمضان خوفا من تفشي الأمر ، خاصة وأن كثيرا من دول العالم بدأت تعاني من ظواهر تفشي الحديث والدراسة والنقاش لما يعنيه حقيقة الإسلام كدين سماوي عانى بتعمد من الكثير وما يزال يعاني من العداء والتعنت بلا سبب منطقي ، خاصة وأنه لا يستطيع أشد البشر جحودا وحمقا إنكار أن المسلمين علموا الدنيا أصول الحضارة والمدنية الحديثة وما زالت أسس العلوم الحديثة وأهمها الحواسب والمصفوفات وتطبيقاتها كاملة تحمل الهوية العربية بخلاف علوم الطب والهندسة والعمارة والديكور والفيزياء والكيمياء والرياضيات البحتة وعلوم الفلك والأدب وإدارة الحكومات والأمم وحقوق الإنسان والمرأة والقانون الدولي والأخلاقيات وعلوم التجارة والاقتصاد .



إنها نفحات ولمسات وعبق من همسات رمضان الكريم والمعظم .. والذي ربما قد يكون هناك من لا يشعر لرمضان بهذا الجلال وتلك الروعة والسكينة وهذا الحنان الرباني ، وربما هناك بعض المسلمون يستشعرها في حركة البشر وتعظيمهم للشهر ولياليه وأيامه ، والبعض يلامس قلبه أحيانا بعضا من طاقات إيجابية عالية تغير كثيرا من قدراته وترفع مستويات الرضا والسعادة الذاتية ، ولكنها في النهاية هي الحقيقة بلا أدنى درجات المبالغة ، وبعيدا عن التخيلات والأوهام وأحلام اليقظة ، فرمضان كما أراه واستشعره بل والذي اعتدت أن أحياه داخلي ومن حولي .. هو بلسم الحنان الرباني والسكينة العلوية المسدلة بعناية إلهية على قلوب ومعطيات حياة البشر لشهر كامل من شهور السنة ، حتى أنني كنت منذ طفولتي وما زلت أوقن أن من خرج من رمضان ولم يتصالح مع نفسه والكون والبشر من حوله فقد خسر كثيرا ، بل ما ربما خسر ما لا يستطيع تعويضه مرة أخرى ، حتى وجدت هذا في حديث رسول الله (رغم أنف امرئ دخل رمضان وخرج ولم يغفر له الله) ، والرغم من الرغام أي التراب بمعنى دست أنفه من الخسارة والخزي والندامة من حضر رمضان وخرج منه دون أن يغفر الله له ، والمغفرة لا يمنحها الله إلا لمن تصالح مع نفسه والدنيا من حوله وسالم الناس والدنيا وصفت نفسه بالود والرحمة لغيره ، فيقبله الله ويعفو عنه ويتجاوز عن سيئاته ويسقط عنه ذنوبه فيستشعر السكينة والرحمة تلفه وتكلؤه ويذوب في حضرتها حبا ورحمة وسكينة وأمنا .

هذا هو رمضان في قلبي ونفسي وعقلي وحاضري وماضي عمري ، ولا أنكر أنني بشر وغارق في أخطاء وذنوب وخطايا ، فلسنا ملائكة ولا روبوتات مبرمجة ، وبالتالي فلا أنكر أنني عادة ما أتورط في مطلع رمضان في بعض الانفعالات النهارية الغاضبة والتي تنتهي غالبا بسلام ودون خسائر مادية أو نفسية يعقبها عتاب طويل لنفسي ووعود وعهود وتهذيب وتأديب حتى تستسلم النفس وتعود لحدود الأمان والسكينة في العشر الأواخر من رمضان ، فأدرك جليا معان السكينة والروعة والأمان الرباني في هذه الأيام المباركات ، ومنذ بدايات أدراكي لهذه المشاعر والأحاسيس الجميلة منذ سنوات الصبا ومطلع الشباب ورمضان عندي هو شهر أعياد متجددة في كل يوم مع مدفع الأفطار وصلاة القيام ، فرمضان هو الفرحة المتجددة والمتصلة التي يحزن قلبي كثيرا لفراقها ، وليس عجيبا إن يكون الشعور بخوار الجسد في نهار أيام الصيام الحارة وإجبار النفس على مواصلة العمل رغم التعب والإرهاق المتزايد هو شعور له متعته ورونقه العميق التأثير في النفس ، ورغم فرحتي الأكيدة باقتراب نهاية رمضان وانتهاء بعض المعاناة المؤكدة خلال الصيام ولكنني دوما في الأيام الأخيرة من رمضان أشعر أنني أودع جزءا من نفسي مضى ولن يعود ، إلا بتكرار رمضان الذي نتمنى عودته وإدراكه ، ولا حيلة لنا في قوانين الله وناموس كونه في حركة الحياة والتي نختصرها دوما بقولنا (سنة الحياة) .

وفي زخم هذا الفيض الرباني من رحمات الله وكرمه وسكينته على النفوس ، يفاجئنا شياطين البشر وكلاب إبليس المسعورة بجريمة خسيسة وشنعاء في الحرم النبوي الشريف في نهار رمضان ولا مبرر لها سوى أن هناك بشرا أكثر خسة ودناءة من الخنازير المسعورة فقدت كل معان الإنسانية والشرف والكرامة ، هم خوارج الزمان التي صنعتها متعمدة الأيدي النجسة لكلاب الماسونية الحقيرة في الغرب وأطلقتها بين المسلمين لتدمر بلادهم وتشتت شملهم وتقسمها وتشرد شعوبهم وباسم الدين بهتانا وزورا وضلالا ، وللأسف هم من فرط استهانتهم بالعرب والمسلمين لا يجدون حرجا في إعلان المخطط وتبادل الاتهامات علنا غير عابئين ولا مهتمين ولا مقدرين للمسلمين مشاعر أو مكانة ، ولهم كل الحق فما عاد للمسلمين شوكة ولا قيمة ولا قوة يخشى بأسها فهم زوروا دينهم فهانوا على الله ثم هانوا على البشر واستأسدت عليهم كلاب الماسونية البريطانية الأمريكية اليهودية فصنعوا لهم من قبل الوهابية والإخوان وتاريخيا صنعوا لهم الشيعة والسنة وأخيرا صنعوا لهم الدواعش ويدعمونهم علنا وسرا ، وما زال مخطط برنارد لويس قائما ولا يخفون نواياهم لاستكماله وكأنهم يتحدثون عن قتل الهوام والحشرات ويخططون لإبادتها ، وكثير من العرب والمسلمين ما زالوا عملاء وأذناب لذئاب لإبليس والماسونية ، بل والأخطر أن أزهرنا الشريف قد سقط في صراعات وخصامات واختلافات حمقاء وربما شخصية طائفية تزيد من سوء الأوضاع وتفاقم الأحوال ، وما زال منقسما لصوفية وسلفية وبعض أخونة وقليل من الشيعة وبعض الرافضة والمعتزلة ، نعم هذا هو الحال الحقيقي والذي يحاولون إنكار وجوده داخل أروقة دور الدين في مصر ومن تم تكليفهم بتصحيح وتنقيح وتقويم الخطاب الديني ، وهم في الحقيقة وفي الخفاء متفرغون لحروبهم الطائفية والمذهبية وتصفية الحسابات الشخصية ولا يوجد ذرة تقدم واحدة عبر سنوات تقترب من الثلاثة ، حتى أن بعض المراقبين يؤكدون أنه لا أمل في القائمين على الأزهر لأنهم لا يزيدون كثيرا عن كهنة وقساوسة الكنائس في أوروبا في العصور الوسطى ، فتنقيح وتقويم الخطاب الديني سوف يسقط سطوتهم وسيطرتهم وملكوتهم الديني أو هكذا يظنون ويتوهمون ، أو بمعنى أكثر دقة هم ليسوا أكثر من موظفين ، عمال يسترزقون بما يقولون ويفعلون ، فلا أمل في دين أصبح مصدر رزق لبعض البشر ، ولن يتنازل بشر عبر أي زمان ومكان عن رخاء رزقه وسعته وبحبوحة عيشه ولو حساب أي دين وأي بشر حتى ولو كانوا ملائكة منزلين .

نعم .. إن لله في خلقه شئون ، ولا راد لقضاء الله وقدره ، ولذلك ندعوه في خير أيام دهره .. أن يرحم ضعفنا ويلئم جروحنا ويفقه عقولنا وقلوبنا ويوحد صفوفنا ويؤلف قلوبنا ولا يجعل بأسنا بيننا ، ويهدينا سواء السبيل ، ولنصرة الحق المبين أن يستخدمنا ولا يتركنا ، ويكرمنا ولا يحرمنا ، وعلى أعدائه ينصرنا ، فهو نعم المولي ونعم النصير ، وأن يجعلنا من عتقائه من النار فهو الحليم الغفار ، وكفانا أنه سبحانه عفو غفور يحب العفو ، فنناجيه أن يعفو عنا .

أخيرا... وداعا عشقي الأ بدي .. لمسة الحنان الرباني للقلوب الرضية ... ونفحة الكرم الإلهي للنفوس الهنية ، فتودعك دموع القلب حنينا وشوقا لك قبل رحيلك ، وتتبعك أشواق النفس أمواجا تسابق العمر لعود جميلك ، فوداعا رمضان .. ودعاء لله أن يبلغنا إياك مرة ومرات .. برحمة وسعادة أبدية .. لو كان في العمر بقية..

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز