محمد نوار
العيد فرحة!
بقلم : محمد نوار
يأتي عيد الفطر بعد الانتهاء من صوم شهر رمضان، فالذي أدى العبادة وصام وقام رمضان إيماناً واحتساباً، ونوى أن يتابع الاستقامة في سلوكه طوال العام، الذي فعل هذا يحق له أن يفرح ويكون يوم فطره عيد.
ولكن بماذا يفرح الإنسان؟، هناك من يفرح بالطعام، وهناك من يفرح بالملابس، أو يفرح بالمال، وهناك من يفرح بعمل الخير، أو يفرح برضوان الله، فللفرح أنواع.
في العيد نفرح، لكن ما نوع هذا الفرح؟، هناك فرح بسيط عبارة عن طعام وملابس جديدة وزيارات، هذا فرح لكل الناس، أما المؤمن فيفرح بطاعة الله، يفرح برضا الله، يفرح بتقوى الله التي توصله إلى الجنة.
والإنسان عبارة عن جسد وروح ونفس، الجسد وعاء النفس، والروح قوة محركة، والنفس هى ذات الإنسان، هى التي تسعد أو تشقى: (أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) الرعد 28، فالبعيد عن الله يشقى لأنه يبحث عن اللذة ولذلك قلبه مملوء بالضيق والهم، والقريب من الله يسعد لأنه يبحث عن الاطمئنان ولذلك قلبه مملوء بالسعادة والهدوء.
واللذة إحساس مادي يأتي من طعام طيب، من بيت مريح، من سيارة فخمة، لكن اللذة مكلفة، كما أنها وقتية ومتناقصة، فالأشياء المادية لحكمة من الله لم يسمح لها أن تمدنا بشعور يستمر بل يتناقص، فإن كانت في معصية وعلى حساب الآخرين تكون نتيجتها احباط وكآبة، وإن كانت حلالاً فكل شيء بعد حين يصبح عادياً.
اللذة تحتاج إلى وقت وصحة ومال، ولحكمة دائماً ينقص الإنسان أحد هذه الاحتياجات، في بداية العمر الصحة والوقت موجودان، لكن لا يوجد مال، في منتصف العمر الصحة والمال موجودان، لكن لا يوجد وقت، في أخر العمر الوقت والمال موجودان، لكن لا توجد صحة، وعن النبي عليه الصلاة والسلام: "من أخذ من الدنيا فوق ما يكفيه أخذ من حتفه وهو لا يشعر"، كما قيل: "خذ من الدنيا ما شئت وخذ بقدرها هماً" .
ولذلك فالسعادة بيد الإنسان، الفقير والغني، الكبير والصغير، الكل يستطيع أن يكون سعيداً بمجرد أن يكون مع الله: (إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً) مريم 96.
هذا الذي عرف الله في شهر رمضان وتقرب إليه، وارتقى في سلوكه فأحس بأنه إنسان بعد أن كان ميتاً فأحياه الله، وكان ضالاً فهداه الله، وكان شقياً فأسعده الله.
العيد ليس فقط تقاليد وعادات وقلوبنا غافلة، العيد الحقيقي مناسبة للطاعات وليس مناسبة للمعاصي، العيد الحقيقي مناسبة نطيع الله فيها ونذكره ونشكره ونكبره، العيد الحقيقي في بداية جديدة لمن عاد إلى الله.