مصطفى عبيد
قدم استقالتك فوراً يا وزير الأوقاف
بقلم : مصطفى عبيد
أحب دستور بلادى وأحترمه واغضب كثيراً عندما يتعرض للانتهاك أو المُخالفة .
أكتب هذا وأنا قلق بشأن مُستقبل الحرية الدينية فى بلد كان دوماً مضرب الأمثال فى الوحدة الوطنية وفى احترام عقائد الغير ، فقرار الدكتور محمد مختار جمعة وزير الاوقاف فى الإسبوع الماضى باغلاق ضريح الحُسين لمنع طقوس الشيعة يوم عاشوراء لا يُمكن أن يمُر مرور الكرام. ذلك لأن الوزير ــ مُمثل الدولة المصرية ــ أقر حرمان مواطنين مصريين من ممارسة عقائدهم دون أى التفات لحظر الدستور التمييز بين المواطنين على أساس عقائدهم . القرار الغريب برمته يمثل تراجعا لفكرة القومية المصرية التى من المُفترض أن تذوب فيها كافة الأجناس والعقائد .
لو شئنا الدقة لقلنا أن قرار الوزير لا يختلف كثيرا عن ممارسات داعش وجماعات الكراهية التى تذبح وتُدمر باسم الإسلام الصحيح . ليس من حق الوزير أن يرفض طقوس طائفة مُعينة تُمثل الأقلية فى مصر ، وليس من اختصاصه اغلاق مساجد أو اضرحة ارضاء لزمرة المُتسلفنين هُنا أو هُناك ، فالرجل وزير بالحكومة المصرية وليس وزيرا لدى أهل السُنة أو جماعة أعداء الأضرحة . وما فعله وما برر به قراره يستدعى مساءلته ومحاسبته على انتهاك واضح وصريح لدستور البلاد .
إن الشيعة المصريين أقلية دينية ، وواجب المجتمع المصرى كله حماية الأقلية والدفاع عن حقها فى ممارسة طقوسها دون مساس بالأمن العام . لكن أن يتحول الشيعة إلى لوحة رماية يُلقى عليها كُل رام سهامه فإن ذلك أمر لا يتسق مع التحضر ولا يتفق مع السماحة ، ولا ينسجم مع الوحدة الوطنية التى نرفعها شعارا فى كل مُناسبة .
فى كُل عام فى ذكرى عاشوراء نستمع لسباب ولعائن واستهزاء من كلأ مُرتقى منبر من ضلال الشيعة وفسوق الشيعة ومروق الشيعة . الظلام الدامس والإنحراف العقدى وجهنم المُستعرة التى يجب أن تصطف ونتكاتف ونتعاضد لدحرهم وهزيمتهم .
هُم الشيطان الأعظم ، والخطر الدائم ، والعدو الغادر ، والفتنة الكُبرى وكأن سبهم وحظرهم وقهرهم هو سلالم التقدم لمصر التى قضت قروناً فى الوسطية والتمدن .
بهذا التصرف الإرهابى الذى تمارسه ومارسته من قبل المؤسسة الدينية احتشد الغوغاء حول حسن شحاتة أحد الدعاة الشيعة فى منزل بالجيزة قبل نحو عامين وقتلوه ضرباً لأنه مُختلف . يومها تبادلت رموز جماعة الأخوان الحاكمة مع بعض المُتسلفنين التهانى على قتل انسان أعزل دون جريرة سوى الإختلاف فى العقيدة ، وهلل المُتأسلمون جهلاً وزورا ً .
تصوروا أى انحطاط أخلاقى وأى تردى فكرى يُمكن أن ننزلق فيه ونحنُ نعتبر أى طقس مُخالف لما تعتقده الأغلبية خطرعلى صحيح الدين ؟
ليس للوزيرعُذر فيما جرى من انتهاك لدستور مِصر ، والأولى به والأولى بالدولة المصرية أن يُقدم استقالته .
والله أعلم .