عاجل
الخميس 28 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي
سيادة الرئيس .. امنح المصريين وطنهم كما منحوك ثقتهم !

سيادة الرئيس .. امنح المصريين وطنهم كما منحوك ثقتهم !

بقلم : إيهاب الشيمي
 
لا شك عزيزي القارئ أنك مثلي، و مثل ملايين المصريين، قد تابعت خلال الأيام القليلة الماضية طرح شهادات استثمار قناة السويس  الجديدة، و لا شك أيضا أنكً، و إن كنت تدعي عكس ذلك،  قد راودك الكثير من الشك حول إمكانية تحقيق الرقم المستهدف من هذه العملية، فكيف يمكن شراء ما قيمته ستين ملياراً من الجنيهات من شعب تكالبت عليه ضغوط الحياة  طوال السنوات السابقة لثورة يناير، و ضاقت به سبل العيش في السنوات التي تلتها و التي شهدت ما يشبه الشلل التام  لأي شكل من أشكال النمو الاقتصادي في مشهد استحوذت فيه العملية السياسية على الأضواء بالكامل بكل ما تضمنته من الصخب و العنف و الجلبة، و كل ما أججته لدى الجميع من أحاسيس الغضب و البهجة، و مشاعر اليأس و الرجاء.
 
و لا تستطيع أن تنكر أيضاً أن شكوكك سرعان ما بدات في الهروب أمام طوفان المليارات التي بدأت تتدفق على البنوك منذ اليوم الأول لطرح الشهادات و حتى إعلان البنك المركزي عن وقف بيعها بعد تحقيق الرقم المستهدف في أقل من ثمانية أيام عمل و بمتوسط يزيد على سبعة مليارات و نصف في اليوم الواحد.
 
و لن أخوض مع الخائضين في طرح أسباب إقبال المصريين على هذه الشهادات، و لن أقول أن ذلك يرجع فقط لحب المصريين لرئيسهم كما يحلو للعديد من "المطبلاتية" أن يبرروا، فلو أن الأمر كذلك لشهدنا نفس الإقبال على المشاركة في صندوق "تحيا مصر" ، و هو ما لم يحدث، و لن اقول أن ذلك يرجع فقط لسعر الفائدة العالي لتلك الشهادات، فهناك العديد من البنوك التي طرحت نفس سعر الفائدة، و بنسبة مخاطر أقل بكثير مما قد يشكله الاستثمار في مشروع لم يبدأ بعد!
السبب الحقيقي في رأيي، هو أن المصريين استشعروا هذه المرة ان هناك حلما حقيقياً يستطيعون الالتفاف حوله، و أن هناك بالفعل ما يستطيعون أن يثقوا أنه بداية حقيقية و جدية لاستعادة مصر لعافيتها، و ثقتهم في كيفية توظيف هذه الأموال و آلية متابعتها، و الأهم من ذلك كله و هو استعادتهم هم أنفسهم لثقتهم بقدراتهم كشعب على إعادة بناء ما دمرته عقود عديدة من الفساد و المحسوبية و كبت المشاعر الوطنية النبيلة، بل و قتل كل الأحلام في رؤية وطن قوي بأبناءه، قوي باقتصاده القائم على ثرواته المتعددة، و قوي بعدالة توزيع ثرواته على أبناءه تبعاً لنسبة مشاركتهم في البناء، و ليس استناداً لمدى قربهم من السلطة الحاكمة و حاشيتها.
 
و لا أستطيع هنا إلا أن أبدي دهشتي الشديدة ممن دأبوا طوال تلك الأيام على ترويج الشائعات حول فشل الحكومة في الوفاء بالتزاماتها تجاه سداد أموال المودعين في نهاية المدة، بل و فشلها حتى في تسديد الفوائد الربع سنوية، للدرجة التي وصل فيها حد التشكيك إلى تشبيه مشروع القناة بشركات توظيف الأموال.
 
ولا يعنيني هنا إطلاقاً الرد على هؤلاء المشككين في المشروع، لأن الرد الأكثر إيلاماً لهم كان من ملايين المصريين الذين اشتروا قيمة الشهادات بالكامل، و قرروا تحويل مدخراتهم من مجرد "فلوس في الحصالة" إلى رؤوس أموال تدر دخلاً ليس عليهم فقط، و لكن على الملايين من المصريين ممن سيعملون في المشروع، و ممن سيشتغلون بمحاور التنمية المزمع إقامتها على جانبيه، و ممن سيعملون في المشاريع الخدمية و الوسيطة التي سيخلق المشروع فرصاً كافية لإقامتها، و ممن سيجدون فرص عمل في اقاليم أخرى داخل مصر ستمتد إليها يد الاستثمار الأجنبي بعد أن يؤكد المشروع قوة الاقتصاد المصري.
 
و لكن ما يهمني حقاً، هو أن يعي سيادة الرئيس، أنه لم يمنح المصريين الفرصة للاستثمار، بقدر ما منحهم الفرصة للاستفتاء على ثقتهم في وطنهم و ثقتهم في قدراتهم و يقينهم من عزمهم على بناء مصر من جديد.
ما يهمني أن يدرك بحنكته المعهودة أنهم كما منحوه ثقتهم، فقد أثبتوا له أيضاً، و بالرغم من كل ما يعانونه من ضغوط إقتصادية و اجتماعية، أنهم على قدر المسئولية التي طالما طالبهم بتحملها لبناء مصر، و أنه عليه في المقابل أن يمنحهم مصر التي طالما حلموا بها ..
 
مصر التي تبني قرارها السياسي و الاقتصادي بناءاً على مصلحة أبناءها و ليس إرضاءاً لأطراف خارجية، او استجابة لضغوط المانحين ..
مصر التي يتم فيها تطبيق القانون على الجميع دون استثناء و دون تفرقة قائمة على المنصب و النسب و الثروة ..
مصر التي ترفع حكومتها الدعم عن عمالقة الصناعة قبل أن تفكر برفعه عن محدودي الدخل..
مصر التي يطمئن فيها الجميع أن سلاح الداخلية موجود لحمايتهم و تأمينهم و ليس لقمعهم و حماية النظام ..
مصر التي يدخل فيها المتقاضون إلى المحاكم و هم واثقون من سرعة و عدالة القضاء، لا متخوفون من الضياع في متاهات الإجراءات ..
مصر التي يتيقن فيها الطالب أن شهادته الدراسية التي طالما منحها الجهد و العرق للحصول عليها سيتم توظيفها لخدمة أهداف  التنمية و ليس ليزين بها جدران بيته ..
مصر التي يتم منح حقوق تخطيط و إدارة مستقبلها لمن يملك الخبرة و الإخلاص و ليس من يمتلك شبكة علاقات بذوي النفوذ ..
مصر التي يفخر ابناءها بحمل جنسيتها حين يبرزون جوازات سفرهم في الخارج ..
 
ببساطة سيادة الرئيس، اسمح لي أن أطالبك بمنح من أعطوك ثقتهم .. مصر التي يتمنونها.



تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز