كُلُنا غشاشون ...
بقلم : ا. د/ حسام محمود أحمد فهمي
موسمُ الثانويةِ العامةِ هو الموسمُ السنوي للكلامِ عن الغشِ والغشاشين والأخلاقِ وفسادِ الذممِ، نفسُ الكلامِ كل عام، وكأن ما قيلَ العام الماضي، وقبل الماضي ولأعوامٍ عديدةٍ للوراءِ، قد نُسِي. حاجة تضحك، نَرى ونتفرج ونْحَكَي، لكن دون حَلٍ، بالعكسِ، التكنولوجيا كالعادة تتخطانا وتتطور أساليب الغش، مثل فيسبوك، ولا نملك حلًا إلا بكلام فشنك من فصيلة كَلَمنا فيسبوك وتويتر!! طب وهما مالهم بالذمة؟!! الخيبة عندنا والغُربُ جَرَسونا.
الغشُ في الثانوية العامة ثقافة مجتمع، الغشُ هو أساس التعاملاتِ، في الشعبِ، في السياسيين، في الحكومة، كُلُه يغشُ ويكذبُ، وأولهم القائمون على التعليم. إذا تَصَوروا الامتحانَ صعبًا، أوعى تزعل ياحبيبي، سيُلغى السؤال، ستوزعُ الدرجاتُ، سيُحالُ واضعو الأسئلة للتحقيقِ، سنخرب لك بيوتهم وبيوت اللي جابهم. حتى الجامعات لم تسلم من هذا الفكرِ البائسِ، وكلياتُها تحصلُ على شهادةِ الجودةِ والاعتمادِ بالهَجصِ، بتكويمِ الورقِ والسلام، تمامًا مثل المجاميعِ الخرافية في الثانوية العامةِ بلا علمٍ ولا فهمٍ. كيف يتعلمُ الطالبُ ألا يغشُ وكل من حوله يغش؟!!
من منا يشتري سلعة، ولا َتركَبُه الوساوسُ عن ملاءمةِ سعرِها وجودتِها؟ كم سياسيًا صَدَقَ فيما قالَ؟ كم واعظًا وَعَظَ نفسَه قبل غيرِه؟ كم عاملًا عَمَلَ وكم موظفًا أدَى؟ كم وزيرًا اِستقالَ لعجزِه عن تنفيذِ ما كُلِفَ به؟ كم وزيرًا اعترَفَ أن الحالَ مالَ بما يفوقُ طاقَتَه وطاقةَ من يتشَدَدَ له؟ كم وزيرًا عَمَلَ بجدٍ ولم يدخرْ جَهدَه لفترةِ الإعلان عن تعديلٍ وزاري جديدٍ؟ كم من أهلِ الإعلامِ لم يجعلْه سَبوبةً وبُقين كلام والسلام؟ كم باحثًا قرأ وكَدَ وتعبَ ولم َيغِشْ وينسِب لنفسِه ما لغيرِه؟ كم فاشلًا أجوَفًا وُضِعَ على كرسي لمجردِ حركتين ومَنظَرين وتمثيليتين؟
الغشُ والتحرشُ والعشوائياتُ والباعةُ الجائلون ظواهرٌ طبيعيةٌ جدًا في مجتمعٍ يضحكُ على نَفْسِه في كلِ نَفَسٍ، يتكلمُ عن الأخلاقِ والإيمانِ وسيادةِ القانونِ دون أن يمارسَ أو يطبقُ أيًا منها، وكأن رئيسًا جديدًا سيعدلُ ما انكسَرَ نيابةً عن الشعبِ وبالأصالةِ عنه وعن الحكومةِ!!
السبكي يبوس يده وش وظهر الآن، لو كانَ فيلم حلاوة روح معروضٌ الآن لقبضوا عليه بتهمةِ التحريضِ على التحرشِ في ميدان التحرير،،