
قطر..اللي اختشوا ماتوا
بقلم : محمد صالح رجب
صفقة لتبادل الأسرى ، طرفاها حركة طالبان "أفغانستان"و أمريكا برعاية قطرية ، بموجب تلك الصفقة تفرج أمريكا عن خمسة أفغان محتجزين في معتقل جوانتانامو مقابل إفراج الحركة عن جندي أمريكي فر من الخدمة ومحتجز لديها منذ 5 سنوات، المعتقلون الخمسة بالفعل وصلوا إلى الدوحة وأعلن الرئيس الأمريكي باراك أوباما أن قطر أعطت ضمانات لأمريكا بشأن المعتقلين الخمسة وأن الحكومة القطرية ستتخذ إجراءات لحماية ألأمن القومي الأمريكي .
قد يندهش البعض من هذا الخبر والذي تناقلته وسائل الإعلام مؤخرا على لسان الرئيس الأمريكي ذاته ، فكيف لدولة بحجم قطر أن تحمي أمريكا ؟ ما هي الإجراءات التي يمكن أن تتخذها دولة مثل قطر لحماية الأمن القومي الأمريكي؟
وتكمن الإجابة على هذا السؤال في علاقة قطر بالطرف الآخر من الصفقة ، حركات طالبان ومن خلفها تنظيم القاعدة بل والتنظيمات المتشددة عموما ، وعلاقة قطر بتلك التنظيمات التي وإن تكشفت بعض خيوطها بعد ثورات الربيع العربي إلا أنها ليست وليدة اللحظة بل أنها بدأت مع تولي الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني سدة الحكم في قطر عندما قرر أن يكون لقطر دورا إقليميا ودخل تحت مظلة الحماية الأمريكية عندما جلب القوات الأمريكية إلى قطر ، وبما أن أمريكا هي العدو الأكبر لتلك الجماعات كما يرددون فهي إذن هدف مباشر لتلك الجماعات ، أرادت الحكومة القطرية أن توفر للأمريكان أقصى حماية ممكنة فعقدت صفقات غير معلنة مع تلك التنظيمات وعلى رأسها حركة طالبان ، لعدم ممارسة أي نشاط على الأراضي القطرية مقابل دعم مادي ومعنوي لتلك الحركات ، وقد كان ، فأصبحت الجزيرة وحدها منبرا للقاعدة وطالبان ،فهي القناة الوحيدة التي وافقت عليها طالبان ومنحتها ترخيصا بالعمل، كان ذلك في نوفمبر1999، شرائط بن لادن والظواهري وأخبار قادة تلك التنظيمات تبث حصريا على الجزيرة ، تيسير علوني تفتح له كل الأبواب الموصدة ، يسري فوده يتنقل ويعقد اللقاءات بحرية وأمان في بلد غير آمن ،الدوحة باتت المكان المفضل لحركة طالبان لعقد أي محادثات تكون الحركة طرفا فيها .
العلاقة القطرية مع تلك التنظيمات كانت تحت سمع وبصر الإدارة الأمريكية وبمباركة منها ، رغم محاولة قطر التملص من ذلك خشية انتقام تلك الجماعات ، فقناة الجزيرة وان كانت منبرا للقاعدة وطالبان فهي مصدرا للمعلومات لأمريكا ، ومراسلي الجزيرة سواء بعلم او بغير علم كانوا ايضا مصدرا للمعلومات التي ادت للقبض على العديد من قادة طالبان وعلى رأسهم رمزي بن الشيبة وخالد شيخ ،إنها خدمات جليلة قدمتها وتقدمها قطر للأمن القومي الأمريكي ، قطر كانت أداة أمريكا لاختراق تلك التنظيمات ، علاقتها مع القوى المتطرفة ودعمها لها هو في الإطار المحدد لها من قبل أمريكا ، حتى في سوريا عندما زجت بأولئك المتطرفين كان تحت سمع وبصر أمريكا لتفسد المشهد هناك وتخلط الأوراق لتتنصل أمريكا من دور مفترض ان تقوم به لصالح الشعب السوري ، مما آثار حفيظة دولا عدة من هذا الموقف .
لقد صدق الرئيس اوباما عندما قال أن قطر تتخذ إجراءات لحماية الأمن القومي الأمريكي، المدهش في الموضوع أن قطر من خلال بوقها الإعلامي "الجزيرة" لازالت تزايد ليلا ونهار على أطراف عربية فيما يتعلق بالعلاقة مع أمريكا , وقديما قالوا "اللي اختشوا ماتوا "..