عندما يعبث الصغار بمقدرات الأوطان
بقلم : محمد صالح رجب
يقذف المارة بالحجارة ، قد يصيب أحدهم ، وعندما تتجه النية لمعاقبته تتعالى صيحات منددة " مازال صغيرا " ويفلت من العقاب ، يعود ويعبث بأدوات المنزل يكسر ما يكسر ، وعندما يتجه رب الأسرة لمعاقبته يجد من يستنكر " هتعمل عقلك بعقل صغير " ويفلت مرة ثانية من العقاب ، وقبل السفر يلقي بمفتاح السيارة في مكان ما ، تنشغل الأسرة بالبحث عن المفتاح وتتأخر على التزامات خططت لها ، ينفد صبر رب الأسرة ، يتجه ليضع حدا لعبث الصغير ، يعاقبه ويقسو عليه ، لا يلقي بالا لصياحه ولا لمعارضة البعض و نظراتهم المستنكرة التي تتهمه بالغلظة..
ما يفعله الصغار يفعله الإخوان سواء في مصر أو في غزة ، ففي مصر ، صبر المجتمع والدولة على عبث الإخوان مرات عديدة وعندما استفحل هذا العبث وشغل الدولة عن تحقيق أهداف الثورة من عيش وحرية وعدالة اجتماعية، إلى تضميد وترميم آثار هذا العبث من قبيل استعادة الأمن الغائب وترميم النفوس والمباني التي طالتها تلك الأيادي العابثة ، اتجهت الدولة لوضع حد لهذا العبث ، وعقاب هؤلاء الصغار والقسوة عليهم من أجل التقويم ، رغم معارضة البعض ونظراتهم المستنكرة التي تتهم الدولة بالغلظة واستخدام القوة المفرطة ..
عبث الصغار كان أيضا حاضرا في فلسطين ، عندما عبثت حماس بالقضية الفلسطينية يوم شقت الصف الفلسطيني وسيطرت على غزة وانفصلت بها عن الضفة الغربية ، لتفقد القضية الفلسطينية جهود الدول الشقيقة والصديقة التي وجهت هذا المجهود لمحاولة إبرام المصالحة بين فتح وحماس بدلا من توجيهه صوب الهدف الرئيسي وهو درء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية ، وعندما اتجهت النية لمعاقبتها بعدم التعامل معها أو التضييق عليها بهدف عدم تكريس الانقسام والانفصال ، بدأ الصراخ وتعالت الصيحات المستنكرة ، لتفلت بشكل أو بآخر من العقاب ، فتتمادى وتعود وتعبث بالعلاقة مع مصرـ أكبر الداعمين للقضية الفلسطينية ـ بدءا من اقتحام السجون واختطاف عسكريين مصريين ،وتأييد جماعة يصفها القانون المصري بالإرهابية وانتهاء بتلك المظاهرات التي أقامتها مؤخرا مقابل معبر رفح في استعداء صريح للدولة المصرية .. فهل ستظل حماس بعيدا عن التقويم ؟ هل تمتلك الدول الداعمة لفلسطين مزيدا من الصبر ، أم أننا بصدد شئ من القسوة باتجاه حماس حتى ولو غضب واستنكر البعض؟