حصاد 2014 .. الماكينة الألمانية تتقدم بقوة بعد تردد

اعداد - محمد السيد درويش

 

شهد عام 2014 الاحتفال بمرور ربع قرن على هدم سور برلين وقيام الوحدة الألمانية، تكلفت ما يعادل 4 تريليون يورو حسب بعض التقديرات، وفوز المانشافت ببطولة كأس العالم لكرة القدم في إنجاز رياضي أعطى لاحتفال الوحدة بريق خاص. واحتلال ألمانيا المركز الثاني كأكثر بلد في العالم يقصده المهاجرون والأجانب. أثبتت الماكينة الألمانية، أكبر اقتصادات أوروبا، تفوقها على التقديرات المتشائمة والقراءات المتحفظة المحبطة لخبراء الاقتصاد منهية العام على معدل نمو 1.5% عكس كل تقديرات معاهد البحوث الاقتصادية منتصف العام نفسه.

 

ذكر وزير الاقتصاد والطاقة Siegmar Gabriel تسجيل الصناعة الألمانية ارتفاعاً مفاجئاً في  الطلب على منتجاتها بنسبة 2.5% شهر أكتوبر مقارنة بشهر سبتمبر السابق عليه، أعلى خمس مرات مما توقعه الخبراء الذين توقعوا زيادة في الطلب بمعدل 0.5% فقط.

يجمع الخبراء على أن تراجع سعر النفط وانخفاض قيمة اليورو أمام الدولار سيساعد الاقتصاد الألماني على خفض كلفة الإنتاج، وزيادة تنافسيته بالأسواق الدولية.

 

كشفت الوكالة الاتحادية للعمل BA في نورنبيرغ أواخر نوفمبر الماضي بأن البطالة واصلت انخفاض في البلاد فتراجعت بمقدار 16 ألف شخص عن شهر أكتوبر، كما أعلن المكتب الاتحادي للإحصاء في فيسبادن أن عدد الوظائف اخترق في أكتوبر للمرة الأولى حاجز الـ 43 مليون، بزيادة 408 ألف وظيفة، واحد في المائة أعلى عن نفس الشهر من عام 2013.

 

على الرغم من توقع الخبراء عودة البطالة للارتفاع بسبب قانون الحد الأدنى للأجور (8,5 يورو لساعة العمل الواحدة) إلا أن تطبيقه على مراحل ستفيد 3.7 مليون شخص في البداية على أن يصل لجميع القطاعات العمالية في نهاية 2017. في استطلاع أجراه معهد IFO في ميونيخ على مستوى 6300 شركة كشف أن 26% منها سترفع أسعار منتجاتها، و23% ستخفض مصاريف الإنتاج، و22% ستخفض عدد العاملين، و18% ستخفض ساعات العمل، و16% ستخفض استثماراتها. توقع اتحاد غرف التجارة والصناعة الألمانية DIHK أن تستثمر الشركات الصغيرة والمتوسطة في البلاد بدرجة أقل من المعتاد أي حوالي 100 ألف وظيفة بدلاً من 200 ألف حسبما نشرت أحدث تقارير غرفة التجارة والصناعة الألمانية Ghorfa.

 

إلا أن شهر نوفمبر الماضي سجل ثالث أعلى ارتفاع خلال الثلاث سنوات الماضية في الطلب على الأيدي العاملة، بحسب الوكالة الاتحادية للعمل BA علماً بأن ثلث عروض العمل المعروضة حالياً من الشركات للعاملين بالساعة.

 

حقق وزير المال عضو الحزب المسيحي Wolfgang Schäuble هدفه في تقديم موازنة للدولة عام 2015 بلا ديون لأول مرة منذ عام 1969. وافق البرلمان الاتحادي الألماني (البوندستاغ) على موازنة عامة للبلاد العام المقبل بلا ديون وبقيمة 300 مليار يورو بحجم مصاريف 299.1 مليار يورو بزيادة 3 مليار يورو عن مصاريف العام الجاري، مع دفع فوائد على ديون سابقة بقيمة 1.3 مليار يورو. في الوقت الذي ستوفر فيه الضرائب والرسوم للدولة 277.5 مليار يورو، سيضاف إليها 23.9 مليار يورو أرباح من حصص الدولة في شركة Telekom  وشركة القطارات الألمانية DB، مع استعادة اشتراكات زائدة دفعت لصندوق الاتحاد الأوروبي. وزير المال الطموح تعهد بأن تبقى الموازنات الألمانية حتى عام 2018 على الأقل خالية من الدين. حقق الائتلاف الحاكم هدفه على الرغم من انتقاد مجلس حكماء الاقتصاد لهدف تحقيق توازن في موازنة الدولة بأي ثمن كان مطالباً الائتلاف الحاكم بتنفيذ استثمارات هادفة في مجال البنية التحتية.

 

احتلت ألمانيا مطلع شهر ديسمبر الجاري المركز الثاني في أكثر بلاد العالم يقصدها المهاجرون والأجانب حسب دراسة للمنظمة الأوروبية للتعاون الاقتصادي والتنمية OECD. بلغ عدد الذين بقوا في ألمانيا عام 2013 عدد 465 ألف شخص أكثر من أي بلد أوروبي آخر، مع تحسن واضح في مسألة اندماجهم في سوق العمل. بعدما احتلت الولايات المتحدة المركز الأول من حيث عدد المهاجرين إليها بعدد 989 ألف شخص. نفس المنظمة أشارت إلى أن دعم الاندماج بالنسبة للمهاجرين استثمار في المستقبل وليس مشكلة، في حين قالت Angela Merkel المستشارة الألمانية في نهاية أعمال قمة الاندماج الأخيرة "الاندماج ليس طريق باتجاه واحد، فعلى المهاجرين الاندماج في المجتمع وعلى المجتمع الانفتاح عليهم".

 

كشفت دراسة لمعهد البحوث الأوروبية ZEW عن أن العاملين الأجانب في ألمانيا والبالغ عددهم 6.6 مليون عامل زادوا مدخرات الصناديق الاجتماعية بقيمة 22 مليار يورو، مع قيام كل واحد بدفع 3300 يورو ضرائب واشتراكات سنوية أعلى مما يحصل عليه من خدمات طبية واجتماعية. عكس الرأي السائد، المناهض للاندماج، من أن الاجانب عبء على الخدمات الاجتماعية.

 

 

صحفي متخصص في الشئون الألمانية