أحمد رجب .. وداعا فارس الكلمة
بقلم : محمد صالح رجب
تتساقط الأوراق تباعا ، في الأيام القليلة الماضية سقطت العديد من تلك الأوراق التي كانت تظللنا ، سقطت العديد من الأوراق التي كانت تدخل البهجة والسرور على قلوب متعبة ، أنهكتها الأزمات المتراكمة ، منذ أيام غيب الموت الرائع مصطفى حسين وبعدها بأيام لحق به رفيق دربه وتوأمه احمد رجب ، والذي وافته المنية فجر الجمعة 12 سبتمبر عن عمر ناهز 86 عامًا بعد صراع مع المرض.
أحمد رجب ، لم يكن مجرد صحفي كمئات الصحفيين الذين تعج بهم المهنة ، بل كان رائدا في مجاله ، كان احد أهم الكتاب في مجال الكتابة الساخرة ، ليس في مصر وحدها بل في عالمنا العربي ، لم يكن عميد الكتاب الساخرين ترزي كلمه ، يفصل كلماته تبعا لأهواء ورغبات هذا أو ذاك ، وإنما كان صاحب رسالة ، كان شجاعا ، فكانت كلماته تخرج حية تسعى تراها حية لاذعة على المسئولين وحية تنبض بآلام وآمال الكادحين والمهمشين .
ليس من السهل على أي كاتب أن يصل برسالته كما أرادها إلى المتلقي على اختلاف ثقافته بكلمات محدودة تعد على أصابع اليد ، لكن أحمد رجب فعلها ، لقد شفط دهون وأزال زوائد ليعرى حقائق وأشخاصا وسياسات بكلمات بسيطة مكثفة بالغة الدلالة ، بلغة يفهمها الجميع ، كان بإمكان أي شخص مهتم بالشأن المصري أن يعرف موضوع الساعة في مصر وما يشغل بال المصريين في ثوان معدودة بمجرد أن يطلع على "نصف كلمة " أحمد رجب والتي ظل يكتبها في أخبار اليوم لمدة تجاوزت الخمسين عاما ، فكانت نصف كلمته تغني عن آلاف الكلمات.
لقد رحل عن عالمنا وطني بامتياز ، عاشق لمصر وترابها ، انشغل بهمومها حتى آخر أنفاسه ، ترجل فارس الكلمة عن صهوة جواده ورحل عنا بجسده ، لكنه سيظل حتما حيا في قلوبنا بقدر ما قدم للوطن من عطاء ، رحم الله الفقيد وأسكنه فسيح جناته.