قطر .. وسياسة الباب الموارب
بقلم : محمد صالح رجب
مشاهد الدماء التي تأتي من غزة تدمي القلوب ، مظاهر الدمار والخراب تخجل المرء من ذاته ، لكن يبدوا أن تلك المشاهد لا تحرك قلوب البعض ، لا تدفعهم حتى إلى هدنة مع الأشقاء قبل أن يطالبوا بها مع الأعداء ، لا تدفعهم لتنحية المصالح الشخصية والخلافات البينية جانبا من اجل موقف عربي موحد في مواجهة هذا العدوان الغاشم ، لكن كيف لهم هذا وهذه الدماء مادة رخيصة لهم يزايدون بها ويستدرون بها عطف الناس ، خدمة لأهدافهم الخاصة وتصفية للحسابات مع الآخرين !.
القضية الفلسطينية كانت ولا زالت محل مزايدات وتجاذبات منذ نشأتها وحتى الآن ، آخر هذه المزايدات هو ما تفعله قطر للمتاجرة بدماء أحبتنا في غزة ، هذه الدماء التي تراق كل دقيقه وهذا الخراب والدمار الذي طال كل شيء هناك لم يرقق قلوب حكام قطر وجزيرتها الشيطانية ، فبدلا من تنحية الخلافات جانبا والتوحد خلف موقف عربي مشترك ، راحت تزايد وتتاجر بتلك الدماء لتصفية حسابات مع مصر وعلى استحياء مع بعض الدول التي ساندت النظام الجديد في مصر ، يتحدث مذيعو وضيوف الجزيرة عن الموقف العربي ويختزلونه في موقف مصر، فلا نسمع أحدا منهم تحدث عن مواقف باقي الدول العربية وما قدموه لأهلنا في غزة ، إدانة مصر لتلك المجازر من أول وهلة لم تظهر على شاشتهم ، المساعدات التي تقدمها مصر يدعون كذبا أنها منتهية الصلاحية ، المبادرة المصرية في نظرهم ذل وتواطؤ مصري على غزة ومشاركة في قتل الفلسطينيين ، بل هي مبادرة إسرائيلية بالأساس ، إدانة السعودية والإمارات لتلك المجازر والمساعدات المقدمة منهما لغزة إما أنها لا تظهر على شاشتهم من أساسه أو تشوه كما فعلوا للمساعدات الإماراتية ،بينما لم يتناول هؤلاء موقف القيادة القطرية مثلا،لم نسمع عن انجاز قطري في اجتماع وزراء خارجية أمريكا وفرنسا وتركيا إضافة لقطر والذي عقد مؤخرا في فرنسا ، لم نسمع عن دور قطري غير التقاط الصور والمساهمة في هدنة لعدة ساعات ، رغم أن قطر تستطيع أن تفعل الكثير من خلال ما تملكه من أوراق ضغط حقيقية على الموقف الأمريكي الداعم الرئيسي للعدو الإسرائيلي ، هذه الأوراق لا تملكها أي من الدول العربية ، قطر الوحيدة التي تستضيف اكبر القواعد الأمريكية في العالم ، تستضيفها استضافة مجانية ، وهي ولا شك ورقة ضغط كبيرة إن إرادات أن تسخرها لحقن دماء أهلنا في غزة ، ما تقدمه قطر للأمن القومي الأمريكي من خلال علاقتها القوية بالمنظمات والحركات الإرهابية مثل داعش والقاعدة وطالبان ، والذي عبر الرئيس أوباما صراحة عن جانب منه أبان صفقة تبادل الأسرى مع حركة طالبان برعاية قطرية، ورقة ضغط أخرى في يد قطر ، استثمارات قطر الضخمة في أمريكا ، والمال القطري الذي تنفقه قطر بسخاء و بتوجيهات وإيعاز من أمريكا على مناطق بعينها حول العالم خدمة لمصالح أمريكية هي ولا ريب ورقة ضغط أخرى ، لكن قطر وجزيرتها الشيطانية تتغاضى عن كل هذا وكل ما يشغلها كيفية الاستفادة من تلك الدماء في تصفية حساباتها مع النظام المصري الجديد ، كيف لها أن تركعه ؟ كيف لها أن تحي جماعة الإخوان من جديد سواء في مصر أو في غزة ، كيف لها أن تشتت الدولة المصرية وتستنزف قدراتها وتهدر طاقتها ؟ استهانة قطر بتلك الدماء الغالية والخراب الكبير الذي حل بغزة وأهلها واستغلالها بهذا الشكل يؤكد أن الحالة القطرية أصبحت مرضا ميئوسا منه وعلى القيادة المصرية أن تتخلى عن سياسة الباب الموارب التي لا زالت تتعامل بها مع قطر ، وأن تجد من الوسائل ما يمكنها من مجابهة هذا الصلف القطري ، لم يعد مقبولا هذا الخنوع في ظل حرب علنية شرسة تشنها قطر وجزيرتها الشيطانية على مصر مستغلة في ذلك كل شئ حتى الدماء ..