عاصم حنفى
صحفيون غلابة..!
بقلم : عاصم حنفى
عمنا وتاج راسنا.. الصحفى الكبير واللامع محمد العزبى.. الذى ضعف بصره كثيرا.. فلا يقرأ إلا الكتابة المكبرة على الواتس آب.. لكنه يحاول أن يكون عنده نظر.. وقد أصدر مؤخرا كتابه الجميل «صحفيون غلابة».. يكتب فيه بنظر ستة على ستين.. وبأسلوب ساحر وعين ناقدة وقلم يرصد.. ويكشف لنا الكاتب الصحفى الكبير كنوزا من أسرار وكواليس المهنة فنعرف لماذا أعجب حسنى مبارك بمقالات سمير رجب واعتبرها أفضل من مقالات هيكل.. ويحكى عن لغز جماعة طفى النور التى تصطاد الصحفيين عندما يزداد لمعانهم..
يحكى محمد العزبى عن تجاربه الصحفية الأولى فيقول: فرحت عندما أوفدتنى «آخر ساعة» أيام الأستاذ هيكل لعمل تحقيق صحفى.. وكنت تحت التمرين هاربًا من جنة الطب إلى جحيم صاحبة الجلالة.. كانت أول مرة تعترف المجلة بوجودى.. أبلغنى سكرتير التحرير الآمر الناهى.. أن سيارة أخبار اليوم فى انتظارى للسفر بصحبة الأستاذ صلاح منتصر واحد من شباب المجلة الواعدين.. سرعان ما انضم لكتيبة المحررين الأساسيين بالمجلة.. وكان منهم أكثر من صلاح.. هلال.. وجلال.. ومنتصر.. وجميل عارف ووجدى قنديل وفتحية بهيج.. يجلسون فى غرفة متميزة بعيدا عن دوشة صالة التحرير التى تضم طارق فودة ونهاد رجب وأحمد ماهر وفاطمة سعيد وحمدى قنديل وأنا.
ويحكى الساخر محمد العزبى عن أحلامه المؤجلة: من بين أحلامى كان رسم الكاريكاتير.. فصاحبت أحمد طوغان واقتربت من مصطفى حسين وأحببت عبدالسميع.. وفرحت بلقاء جورج البهجورى.. وأعجبت بمدرسة «روزاليوسف» حجازى والليثى وبهجت واللباد وجمعة.. وآخرين كل منهم أستاذ فى سخريته، ولكنى لم أعرف كيف أمسك بالريشة.. بالكاد أمسكت بالقلم.. وكله كاريكاتير!
ويكتب لنا محمد العزبى مندهشا عندما علم أن مصر تستورد من الخضر والفواكه ما قيمته سبعة مليارات جنيه.. فى أحدث ما أصدره الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء.. ولا عيب فى أن نستورد.. بشرط أن نكون أيضا من المصدرين.. والجريمة أننا نستورد سلعًا كنا فى مقدمة من ينتجها.. بل كنا نصدرها.. بطاطس، طماطم، ثوم، وحتى الكرات والبصل والخس والبنجر والبسلة واللوبيا والخرشوف.. ناهيك عن استيراد فول التدميس والسبانخ والبامية.. أما أن تصل الأمور إلى استيراد الملوخية التى هى مصرية 500 فى المائة فهذه هى الكارثة..!
يتناول أستاذنا محمد العزبى داء الزهايمر اللعين.. الذى يحزن المحيطين بما أصابه على كبر.. ومنهم عمر الشريف الذى لم يعد يسأل عنه سوى ابنه طارق وصديقه زاهى حواس.. ولكن الاثنين على سفر دائمًا.. وهو يعانى منذ ثلاث سنوات.. ويثير المشاكل فى الفندق الذى اختاره على النيل.. متخيلا أنهم سرقوه.. فيقيم ضجة تكررت لم يتحملها الفندق.. والحل بعد أن تمكن منه المرض.. أن يقيم فى مصحة متخصصة.. أو شقة بها ممرضون تحت إشراف طبى..!
وهكذا تتوالى حواديت الكتاب الجميل التى تصل إلى 35 حدوتة.. يكتبها بأسلوب عذب وساخر ومتفائل بامتياز.. حاول فيه كشف المستور فى غابة الصحافة.. أمد الله فى عمر أستاذنا محمد العزبى الذى هجر الدراسة فى كلية الطب ليحترف الصحافة منذ عام 1951 وحتى يومنا هذا.. لم يتوقف يومًا.. حتى وقد ضعف بصره تمامًا.. لكنه يواصل على اعتبار أنه يحاول أن يكون عنده نظر..!