عاجل
الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
أحمد أبو الغيط والمهمة الصعبة
بقلم
محمد نجم

أحمد أبو الغيط والمهمة الصعبة

بقلم : محمد نجم

ندعو الله أن تعود الروح إلى جامعة الدول العربية بعد ترشيح أحمد أبوالغيط أميناً عاماً جديداً لها..



فالرجل دبلوماسى مخضرم، مثل مصر فى العديد من الدول والهيئات الدولية.. كان آخرها مندوب مصر فى الأمم المتحدة.. حيث تولى بعدها مباشرة قيادة الدبلوماسية المصرية كوزير للخارجية ولسنوات عديدة شهد له الجميع فيها بالكفاءة والأداء الفعال العملى والراقى.

وهو يتولى منصبه خلفا لدبلوماسى مصرى مخضرم أيضا هو السفير نبيل العربى.. صاحب تاريخ ناصع ولكن يبدو أن ظروف الدول العربية بعد ما سمى بالربيع العربى قد خذلته كثيرا!!

 

فقد تحولت الجامعة العربية فى السنوات الأخيرة إلى ما يشبه «المنتدى» حيث اجتماعات دورية للمندوبين الدائمين بها، أو اجتماعات استثنائية لوزراء الخارجية يعقبها صدور بيان للشجب والاستنكار، أو للتأييد، هذا بينما غابت القضايا الأساسية عن جدول الأعمال والقرارات التى تجد طريقها للتنفيذ على أرض الواقع، ومنها- مثلا- إنشاء محكمة العدل العربية.. والذى يدور الحديث بشأنها منذ عشرات السنوات.. وأعد لها أكثر من مشروع لم ير أى منها النور، ومنها أيضا تحقيق التكامل الاقتصادى العربى أو حتى الاتحاد الجمركى الموحد.. والذى عقد لهما العديد من المؤتمرات والندوات التى يصعب حصرها، ومؤخرًا.. القوى العربية المشتركة.. التى تحمس لها الجميع وعقد رؤساء أركان الجيوش العربية أكثر من اجتماع لبلورة عملها.. وفجأة دخل مشروعها الأدراج وأغلق عليه بالضبة والمفتاح!

نعم.. قد تكون الظروف غير مهيأة بالقدر الكافى لتحقق الجامعة وأمينها العام إنجازات ملموسة على الأرض، ولكن من الذى يصنع الظروف.. أليس هم البشر ونحن منهم؟ ثم.. هل يجوز الاستسلام للظروف الجارية أم يجب السعى لتغيرها؟.. ولماذا تؤثر الظروف علينا نحن فقط ولم تؤثر على غيرنا؟.

أقول ذلك وأن أتابع محاولات «المبعوثين الدوليين» المكلفين من الأمم المتحدة إنهاء الصراعات المسلحة فى كل من سوريا وليبيا واليمن، ألم تكن الجامعة «بيت العرب» أولى بذلك؟.

والغريب فى الموضوع أن نزيف الدم والمال العربى مستمر.. بينما المبعوثون الدوليون يواصلون محاولاتهم فى لم الشمل والتقريب بين الفرقاء العرب!.. هل الأمر يحتاج إلى توضيح أما اللبيب بالإشارة يفهم؟!

بل حتى اللقاء الدورى والذى يعقد تحت شعار «القمة العربية» حيث تأمل الشعوب المحكومة من هؤلاء القادة من الرؤساء والملوك فى إنهاء خلافاتهم من خلاله.. تعذر انعقاده.. وقيل إن المغرب رفضت انعقاده على أرضها حتى لا يكون سببا فى انهيار البقية الباقية من التماسك العربى.. وحتى لا ينفرط العقد إلى آخره!

لقد قرأت تصريحا للأمين العام المساعد للجامعة يشير فيه إلى أن جدول أعمال اجتماع المندوبين الدائمين- والذى يعد تمهيدا لاجتماع وزراء الخارجية- يتضمن 25 بنداً تشمل العديد من القضايا السياسية، تأتى فى مقدمتها القضية الفلسطينية، والأزمة السورية، والأوضاع فى اليمن وليبيا والعراق ولبنان، بالإضافة إلى التصدى للمحاولات الخارجية فى الشئون الداخلية للدول العربية والعمل على تصويب العلاقة بين الدول العربية ومحيطها الجغرافى خاصة إيران، وجهود مكافحة الإرهاب.

انتهى التصريح.. وهو «كلام» دبلوماسى جميل مقدرش أقول حاجة عنه! غير أننا مازلنا على قديمه.. اجتماعات وبيانات.. وبقاء الحال على ما هو عليه حتى يقضى الله أمرا كان مفعولا.

طبعا مسئولى الجامعة معذورين.. فكل مندوب حريص على عرض قضية بلاده على الاجتماع، وإلا اتهم بالتقصير فى عمله أو اتهمت الجامعة بالتجاهل والمحاباه! والنتيجة تحول بعض القضايا العربية وخاصة المزمنة منها كالقضية الفلسطينية إلى ما يشبه «الطرشى» الذى يوضع على مائدة يجلس عليها مجموعة من أصحاب الضغط المرتفع المحرم عليهم تناول الحوادق!

بمعنى أن من يعد المائدة لا يستطيع تجاهل «الطرشى» ومن يأكلون.. ممنوع عليهم تناوله، ومن ثم يرفع كما وضع!

 

هذا هو حال الجامعة العربية التى سوف يتولى مسئوليتها فى السنوات المقبلة الوزير أحمد أبو الغيط الذى نتوقع منه أن يحرك المياه الراكدة.. وأن يعيد تدوير عجلة العمل العربى المشترك.. وأن يحقق إنجازات ملموسة على الأرض تشعر بها الشعوب العربية التى تئن من ويلات الحروب الأهلية المشتعلة على أرضها والتى لا يوجد فى الأفق القريب بصيص من نور.. لانتهائها.

وقد التقيت بالوزير أبو الغيط أكثر من مرة أثناء عمله فى نيويورك مندوبا لمصر بالأمم المتحدة.. وكنت ألاحظ أنه حول المكتب إلى ما يشبه خلية النحل.. حيث كل من يعمل معه مكلف بمهام محددة، فهو يعلم قيمة وأهمية البلد الذى يمثله فى المحيط الإقليمى والدولى، وكان كثيرا ما يختبر ذلك- حسب روايته- من خلال الضغط على «زر» معين قبل التوصيت الرسمى فى الجمعية العمومية أو مجلس الأمن.. ليرى كم من الدول سوف يجارى تصرفه، وكان يلاحظ أن عددا كبيرا من الدول العربية والأفريقية يحذو حذوه بمجرد الضغط على الزرار!

كما أنه ألتقى فى مكتبه عندما كان وزيرا للخارجية أحد المبعوثين الأمريكان جاءه ليبحث الإفراج عن الأخ أيمن نور عندما كان محبوسا بتهمة التزوير، وبعد أن استمع أبو الغيط لحديث المبعوث الذى تضمن تلميحات غير مقبولة، اصطحبه إلى نافذة مكتبه.. وأشار إلى نهر النيل ومياهه التى تجرى فيه منذ الأذل، وهى ما يعنى أن مصر لا تقبل تهديدا من أحد وأنها جارية فى حركتها مثل جريان الماء فى النهر الخالد!

 

مرة أخرى.. نأمل أن يكلل الله جهود الدبلوماسى المصرى المخضرم الوزير أحمد أبو الغيط بالنجاح وأن يعيد الحيوية لنشاط الجامعة العربية..

فلا بديل غير أن نحل مشاكلنا بأنفسنا وإن لم نفعل.. فعلينا السلام!

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز