عاجل
الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
الهروب إلي الإسفاف والانحطاط !

الهروب إلي الإسفاف والانحطاط !

بقلم : محمد يوسف العزيزى
 
قال شاعر إغريقي قديم ( هزمناهم.. ليس حين غزوناهم، ولكن حين أنسيناهم تاريخهم وحضارتهم ) .. هنا بيت القصيد، وهذا ما يعمل عليه أعداء اليوم في الخارج والداخل منذ عقود طويلة ، الدروس تقول يمكن أن ننكسر عسكريا .. لكننا نعود ونبني جيشنا قويا من جديد ، ويمكن أن تتحطم بنيتنا التحتية فننهض ونعيد البناء بالعمل والجهد وبذل العرق ، ويمكن أن نتراجع اقتصاديا ونعيش أزمات طاحنة فننكب علي حالنا وأنفسنا ، ويمكن أن نقترض من الخارج والداخل كما يحدث مع كل دول العالم التي تمر بأزمات شديدة ، ويمكن أن نحسن إدارة مواردنا ونمتلك القدرة علي السداد والنمو ، كل ما سبق يمكن علاجه والتغلب عليه
الذي يصعب معه العلاج و يحتاج عقود من الزمن حتى نعالجه هو السقوط الأخلاقي وضياع الهوية ، وفقدان الثقة في النفس .. هو نسيان التاريخ والخروج منه.. هو تآكل جذورك التي تربطك بالأرض فتفقد الجاذبية وتصبح ريشة في الهواء يذهب بك الريح حيث يريد  ويحطك متى يريد !
عندما تكون الأمة عصية علي السقوط والانكسار بالطرق التقليدية كالهزيمة العسكرية، والحصار الاقتصادي ، والتجويع والدق بقوة علي وتر الطائفية البغيضة .. لا يجد العدو غير التسلل كالشيطان فيجري داخلك كما يجري الدم في العروق لتركيعك والقضاء عليك ، وللشيطان أدوات كثيرة تعمل كلها علي نقاط الضعف الإنساني والرغبات البشرية من أهمها استخدام القوة الناعمة فتقع تحت تأثيرها كما تقع بتأثير عصير البرتقال المسموم .
ما يحدث الآن هو محاولات جادة ومدروسة حتى ننسي تاريخنا وحضارتنا ، ونفقد هويتنا فلا نعرف من نحن ولا إلي أين نسير ؟ ونعجز عن التمييز والمقاومة ، ونركن إلي الاسترخاء والكسل وتضييع الوقت والجهد فيما لا طائل منه !
عندما تكثر المشاكل والأزمات التي نصنع معظمها بأيدينا ونعجز عن مواجهتها .. نهرب إلي صناعة الإسفاف لتشكيل مجتمع الانحطاط الذي فيه كل شيء مباح من أكبر الكبائر حتى أصغرها ، وفيه تتلاشي القيم وتنطمس المثل وتتقزم القدوة ، وتطمر الأخلاق بركام الهدم المتواصل !
قد يندهش البعض من هذا الطرح .. لكن عندما نري نسبة لا بأس بها من العقل الجمعي تلتف حول التافه من القضايا ثم تنشطر أقساما وجماعات حول مصالح ضيقة ، وتفرض واقعا سيئا لنعيش فيه ظنا منها أنها تحاكي الغرب والمجتمعات المتطورة من خلال شعارات لا تؤمن بها وتريد تطبيقها من باب التقليد والشو والمنظرة !
وعندما نتابع ونشاهد برامج تفرد مساحات كبيرة من الهواء لقضايا تافهة تبدأ من وصف العلاقات الحميمة وتنتهي بالدجل والشعوذة في عالم يؤمن بالعلم والتجربة .. مرورا بتصفية حسابات شخصية بين من يسمون أنفسهم بالنخبة وهم أقرب إلي النكبة، والتشجيع علي كسر هيبة الدولة ودهس القانون وفرد العضلات من خلال ألفاظ ومصطلحات وتلميحات تتعارض بالكلية مع تقاليد وأعراف وتكوين الشخصية المصرية ، وعندما نشاهد برامج تافهة وسطحية بها من الإسفاف والانحطاط القيمي والأخلاقي بحجة حرية التعبير بأي شكل وبأي صيغة وعلي رؤوس الأشهاد حتى باتت تؤثر في النشء تقليدا وسلوكا واتجاها مثل وش السعد وأبو حفيظة أسعد الله مساءكم ، ونفسنه وعكننه ومسخرة وقلة ذوق وخروج علي المألوف !
عندما نتابع كل ذلك.. أليس هذا يعني أننا نهرب إلي الإسفاف والانحطاط ؟ أليس هذا مقصودا وهدف مطلوب تحقيقه ؟ أليس هذا الحال هو الهزيمة الحقيقة للأمة ؟ أسئلة إجاباتها فقط في أيدينا وعلينا أن ننتبه جيدا ، نحن في حرب بقاء حقيقية .
وبالمناسبة قال مواطن عراقي ومثله مواطنون سوريون وليبيون ويمنيون :( أدفع نصف ما أملك ونرجع شعب واحد وبلد واحد وتكون العراق مثل مصر الآن حتى بمشاكلها الاقتصادية والسياسية فكل ذلك له حل .. لكن كيف تبني دولة تم تدميرها  وتاريخ تم محوه ، وشعب تم تقسيمه ) .. هذا كلام ردا علي من يتندرون علي مبادرة ( صبح علي مصر بجنيه )



تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز