9 مارس

بقلم : غادة نوارة

إن مكان القادة الصحيح يكون وسط جنودهم وفي مقدمة الصفوف الأمامية ... لا تجعل جنودك في أحلك الظروف يرون عليك علامات القلق، وكن لهم قدوة حسنة واهتم بشئونهم ومشاعرهم... إن بترول أمريكا سيبدأ في النفاذ وستتوق إلى بترول العراق خلال 30 سنة تقريباً.

تلك هي مأثورات الشهيد الفريق أول عبد المنعم رياض رئيس أركان حرب القوات المسلحة وقت حرب الاستنزاف، والذي استشهد يوم 9 مارس سنة 1969 على الجبهة وسط جنوده،وتم اختيار يوم استشهاده ليكون يوماً للاحتفال بيوم الشهيد، أما مقولته الأخيرة فقد تحققت بالفعل عندما قامت أمريكا بغزو العراق سنة 2003 وهو موضوع لا علاقة له بهذا المقال.

وإن كنا جميعاً نعرف ميدان الشهيد عبد المنعم رياض في وسط البلد فهل كلنا يعرف من هو هذا الشهيد البطل؟؟

يُعتبر البطل عبد المنعم رياض أو الجنرال الذهبي من أشهر العسكريين العرب في النصف الثاني من القرن العشرين .. وُلد في 22 أكتوبر 1919 في طنطا محافظة الغربية التحق بكلية الطب بناء على رغبة والده وبعد إنهاء عامين دراسيين بها تركها ليحقق رغبته في الالتحاق بالكلية الحربية ونال شهادة الماجستير في العلوم العسكرية وكان أول دفعته، وأتم دراسته كمعلم مدفعية مضادة للطائرات بتقدير امتياز في انجلترا ..وفي عام 1958 سافر في بعثة تعليمية إلى الاتحاد السوفيتي، وأنهى دراسته بتقدير امتياز فلقبوه هناك بالجنرال الذهبي،وأتم دراسته بأكاديمية ناصر العسكرية وحصل على الزمالة عام 66.

إشترك في حرب 48 و56 و67 وحقق العديد من الانتصارات في المعارك التي خاضتها القوات المسلحة المصرية في حرب الاستنزاف مثل معركة رأس العش وتدمير المدمرة إيلات وإسقاط بعض الطائرات الحربية الإسرائيلية.

حصل على العديد من الميداليات والأوسمة المصرية والعربية وأطلق إسمه على بعض الشوارع والمدارس والميادين في مصر والكويت والأردن.

ولأنه كان يؤمن بأن القائد يجب أن يكون وسط جنوده فقد كان يتابع الفريق أول عبد المنعم رياض خطة تدمير خط بارليف ويتابع نتائج معارك حرب الاستنزاف ..

إنطلقت نيران القوات المصرية على طول خط الجبهة لتُكبد العدو الإسرائيلي أكبر خسائر في ساعات قليلة وتدمير أجزاء من خط بارليف، وإسكات بعض مواقع مدفعيته في أعنف اشتباك شهدته الجبهة قبل حرب 73 ... وكان رئيس الأركان على الجبهة شمال الإسماعيلية يتفقد نتائج معارك حرب الاستنزاف وكان يبعد 250 متر فقط عن مرمى النيران الإسرائيلية ... فجاءته إحدى الدانات بعد أن انهالت على الجبهة المصرية نيران العدو الصهيوني واستشهد وهو بالفعل وسط جنوده.

وقام البطل الشهيد الرفاعي وفرقته 39 بالثأر لمقتل البطل عبد المنعم رياض فقسم فرقته عدة مجموعات للهجوم على موقع للعدو الصهيوني مُحصن بالحديد تحت الأرض ليكون الهجوم من جميع الاتجاهات وتم تدمير جميع منشآت العدو وحرق الموقع وتدميره بالكامل.

وتم اختيار يوم استشهاد الفريق أول عبد المنعم رياض كيوم وفاء للشهيد ... 9 مارس الذي كان يوماً حاسماً في تاريخ العسكرية المصرية لنعلن للعالم أجمع أن مصر لا تُهزم أبداً وأن كل رجال القوات المسلحة المصرية .. قادة وضباط وجنود على استعداد للتضحية بأرواحهم فداءً للوطن ... مات الرجال ومازالوا يموتون لتحيا مصر، فمصر باقية بإذن الله.

ونحن اليوم في أشد الحاجة لاستلهام الإرادة والعزيمة والشجاعة والقوة والثقة بالنفس وروح الانتصار لنستطيع مجابهة التحديات الداخلية والخارجية التي نواجهها ... محتاجين أن يتواجد في كل مواقع العمل في الدولةكل رئيس مع مرؤسيه ( كل وزير ومحافظ ورئيس حي .. كل رئيس جامعة وكل مدير مستشفى وكل رئيس مصلحة حكومية وهكذا ) ليتابع سير العمل على أكمل وجه ويحفز ويشجع مرؤسيه ويكون قدوة حسنة لهم في الانضباط والتفاني والتضحية والعمل بإخلاص وضمير وإتقان.

وفي يوم الشهيد تحية لكل الرجال وكل الجنود المجهولين الذين يقدمون أرواحهم ودماءهم لتحيا مصر وأسكنكم الله فسيح جناته وفي اليوم العالمي للمرأة تحية للمرأة المصرية التي أنجبت هؤلاء الأبطال البواسل.