د. محمد فاروق
"ساعة الهَوَايل"
بقلم : د. محمد فاروق
المكان ... الأراضي الليبية " المتاخمة للحدود المصرية "
التاريخ .. في مثل هذا اليوم
الحدث .. مقتل أكثر من 20 مواطن مصري " مسيحي " ذبحاً بأيادي الشيطان الُملتحف بعباءة الإسلام !
هؤلاء الشياطين الذين تناسوا الحديث الشريف " الخَلق كلهم عيالُ الله وتحت كَنَفِه ، فأحبُ الخلق إلى الله مَن أحسن إلى عياله " .. ما أعظمك حديث من لسان أعظم البشر ، الخلق كلهم عيال الله ! كلهم ؟ أم المسلمين منهم يا رسول الله ؟! أجِبنا يا أبا الزهراء في كارثة الواقع الذي نعيشه ؟ كلهم أَم المسلمين منهم ؟! صل الله عليك يا مَن أرسلك الله رحمةً للعالمين ! أأنت رحمةُُ للعالمين أم للمسلمين فقط يا نورَ هذا الكَون؟! ولسان حاله صلّ الله عليم وسلم يقول " الكلمات واضحة ، والبيان لا يحتاج إلى تِبيان ، ولكن تَعمى القلوبُ التي في الصدور " !
من أجل ذلك كتبنا أن الحدث " مقتل 20 مواطن مصري مسيحي " ! لا يمكن أن نتغاضى عن ذكر ذلك لأن هؤلاء الشهداء " عيالُ الله " قُتلوا على أساس المرجعية الدينية ، فاللهم اكتب لعيالك الجنة ومجاورة السعداء .
المكان " الأراضي الليبية " وبالقرب من الحدود المصرية ، ساعات قليلة تفصل بين مصر وبين مخالب الشيطان ، كيلو مترات قليلة تفصل بين أم الدنيا و " خراب الدنيا والآخِرة " ! ثم لا يجد أصحاب الصَّلَف والتعالي على الواقع إلا أن يقولوا " كفاكم فزَّاعات " ؟!! والحق أقول " فإنها لا تَعمى الأبصار ، ولكن تعمى القلوبُ التي في الصدور "
في تمام العاشرة مساءاً من ليلة هذا اليوم اجتمع مجلس الدفاع الوطني بكامل هيئته ، وعلى رأسه عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية ، والذي خرج على العالم أجمع بعد منتصف الليل وفي الساعات الأولى من صباح " السادس " عَشر من فبراير ، ليُعلن على مسمع ومرأى من الجميع ، أن مصر تحتفظ لنفسها بحق الرد في الوقت وبالكيفية التي تراها .
كان آخر عهدنا بمفهوم الكرامة يوم " السادس " من اكتوبر ، أكثر من أربعة عقود لم نجد أو نشّتَم فيها رائحة الكرامة والثأر للدماء الطاهرة المصرية ، وجلسنا جميعاً بين جنَبات الانكسار نندب حظنا وننعي شهداءنا ، ولسان حالنا يقول أن لدينا ما يكفينا من مصائب ، والوقت والظرف والحالة السياسية والرأي العالمي ضد مصر لن يساعدنا على الرد و الثأر ، و آمَن بعضُنا بكلمات الرئيس على " حَرف " ! وكفر البعض الآخر بها ، وظننا بالدولة كل ظن !
في سُويعات قليلة بعد بيان الرئيس ، ونحن نُطيِّب جراحاتنا ونَربِت على أكتاف بعضنا ، ويأبى الدمع أن يفارق جفوناً تعرف معنى الوفاء لهذا البلد ، وتحفظ لمفهوم الإنسانية بقاءُه ، فوجئنا ببيان المتحدث العسكري يُعلن عن أن مصر في " السادس " عَشر من فبراير تعيش أجواء " السادس " من اكتوبر ، وأن النسر المصري " شَق السما ، وضرَب و كَتَب أعظم ملحمة ، والأرض اتزلزلت ، وسمانا جلجلت ، والدنيا بحالها قامت مـ الفرحة هللت .. الله أكبر " .
لم يخرج رئيس الجمهورية مرة أخرى ليُعلن أن مصر اقتصت لدماء أبنائها الشهداء ، ولم يبحث عن الـ Show كما لم يبحث عنه في كل مواقفه السابقة واللاحقة ، ولم يكن بخاطرنا أو وجداننا وقتها إلا دَويِّ كلمات العِزة قديمة الذِكر ، متجددة الملامح ، كانت رؤوسنا مرفوعة ، في الوقت الذي كانت فيه جباهُنا تنزفُ الدم ، والألم ، والمرارة .
كم عايشنا معك يا سيادة الرئيس في عامين فقط " ساعات من الهَوَايل " ! مواقف يشيبُ لها الوِلدان ، كنت فيها على قدر الثقة والمسئولية الوطنية ، كنت فيها رجلاً يتحدى أحقر وأوقح فترة في التاريخ تمر بمصر وبالمنطقة ، حقاً صدقت عندما قلت " أننا أحبطنا مخطط ومؤامرة ، وأننا في ذلك استثناء عن باقي دول المنطقة " المُتاخمة لحدودنا " .. وأكرر على مسامع القارئ " المُتاخمة لحدودنا " ! لعل أصحاب العَمَى أن يفقهون أو يُحدِثَ لهم ذكرا .
ساعة " الهوايل " في هذا اليوم والليلة كانت كاشفة وفاضحة ، فأصحاب العمى تأرجحوا بين أبشع مشاهد التجارة بالوطن وبالدماء ، وقالوا ابتداءً أننا دولة يُستباح أبناءها في الداخل والخارج ، وأننا نفتقد ونفتقر إلى الكرامة التي لا يُجسدها رجال هذا النظام ! ثم إذا ما سَمِعوا ونمى إلى علمهم أن مصر ضربت داخل حدود دولة أخرى ضربةً مُوجعة لأبناء الشيطان ، واقتصت لدماء أبنائها الأبرار ، ضاربةً بالرأي العالمي عرض الحائط ، غَيرَ عابئة إلا بشفاء صدور قومِِ مصريين ! قالوا " تلك عنترية فارغة " ! والحق أقول أنني دَرءً للوقوع في استخدام لفظ يُسئ لمسامع القارئ قبل أن يأخذ من رصيد احترامه لشخصي ، سأكتفي باستدعاء جملة من الزمن الجميل " دَوَّروا وِشُكوا عني شوية .. كفياني وشوش " ! فالمصري الإنسان الأصيل في " ساعة الهوايل يقوم قايل يا بلداااه " .