عاجل
الأحد 16 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
مختارات من الاصدارات
البنك الاهلي
السلام أو الفوضى

السلام أو الفوضى

صحيح. إما السلام أو الفوضى. 



والفوضى على اختلاف مراحلها، لا يمكن السيطرة عليها. الفوضى نار، ودمار، تلحق بالدول الكبرى، كما تلحق بالمنطقة.. وبدول المنطقة.

لا يمكن أن يظل الوضع فى غزة على ما هو عليه. لا يمكن لذلك الدمار أن يستمر، ولا يمكن لتلك الدائرة الجهنمية من القتل أن تمضى هكذا دون حساب.. ولا جواب. 

فى قمة المنامة، جدد رئيس الدولة عبدالفتاح السيسي الرسائل للعالم.. وللولايات المتحدة.. ولإسرائيل.. ولدول المنطقة.  الوضع برمته ليس إنسانيًا على الإطلاق. لا إرادة سياسية دولية للحلول العادلة، تتحسب الولايات المتحدة لأغراض انتخابية، بينما يتحصن مجلس الحرب فى إسرائيل وراء عنصرية لا حد لها، بينما يتحصن نتنياهو باستمرار الحرب حفاظًا على ما تبقى له من ماء المحاياة. 

لن تذر الفوضى ولن تترك. لن يترك التاريخ فى وجه كل هؤلاء إلا ندبات غائرة، لجروح فى جسد الإنسانية.. لا يمكن غفرانه ولا الصفح فيه. 

الوضع فى إسرائيل على المحك أيضًا، وفى الولايات المتحدة، كم هائل من الغضب على البيت الأبيض، فى سياسات تجاه إسرائيل، لا تكيل فقط بمكيالين، إنما تزن الأرواح بموازين الوحشية.. والتمرس فى القتل.

إسرائيل تتصدع من الداخل، والخلاف بين وزير الدفاع وبين حكومة الحرب، بدأ يظهر أنه لا حل له إلا إذا أعلن مجلس الحرب رؤيته نحو نتائج تلك الحرب.

إلى متى تستمر؟ ولماذا تستمر؟ وإلى أى مدى يتصور أنها سوف تستمر؟

هل لدى مجلس الحرب فى تل أبيب رؤية عن النهايات؟ هل لديه رؤية عن اليوم التالى؟ 

وزير الدفاع الإسرائيلى استغرب أنه لا إجابات لدى الحكومة الإسرائيلية عن تلك الأسئلة.. والنتيجة، أن إسرائيل يبدو أنها قد دخلت دوامة، لا خروج منها، فيما العالم من حولها يغلى ويفور.. وفيما تقف مصر صامدة فى مواجهة محاولات تصفية القضية.

(1)

صحيح.. مصر وبعدما وصلت الأزمة إلى نقطتها تلك، فإن القاهرة، لا ترى إرادة سياسية دولية حقيقية لإنهاء الصراع الفلسطينى الإسرائيلى.. لذلك فإن الحرب على غزة وصلت إلى منتهى يفرض على الجميع الاختيار بين مسارى السلام أو الفوضى. وفى المقابل، فإن سياسة حافة الهاوية لا يمكن أن تجلب السلام.. لا سلام دون إسكات البنادق، ودون إرجاع الحقوق لأصحابها، وإرجاع الأهالى إلى أراضيهم. 

 

الحرب فى غزة فى مراحلها الآن، تفرض اختبارًا على النظام الدولى.. ولكل اختبار تبعاته، ولكل تبعات قدرها ومقدارها. 

ليست هذه حربًا، إنما هى حملات إبادة جماعية، لم يسبق أن تعرضت لها المنطقة منذ عام 48.

تبعات تلك الحملات سوف تكون بالضخامة نفسها على السلم والأمن العالميين. 

جدد الرئيس عبدالفتاح السيسي التأكيد على الثوابت المصرية.. وعلى الحلول المصرية. 

لا حلول للقضية الفلسطينية، ولا وقفة لتك المأساة إلا فى خرائط الطريق التي وضعتها القاهرة بكل حرفية وشمول، وبقى أن يلتزم بها الجميع.

أعاد الرئيس التأكيد فى قمة المنامة، على أن القضية الفلسطينية لدى القاهرة خط أحمر، وتصفيتها مستحيلة. محاولات تهجير الفلسطينيين من أراضيهم خط أحمر مصري آخر.. وإخراج الشعب الفلسطينى من أراضيه مستحيل هو الآخر.

حتى الآن، فإن مصر تناضل وحدها. وفيما تنخرط مصر فى محاولات جادة ومستميتة لإنقاذ المنطقة من السقوط فى هاوية عميقة، فإنه فى المقابل لا بوادر لأية إرادة دولية حقيقية راغبة فى إنهاء الاحتلال. 

الحلول ليست فى إيقاف آلة القتل وحدها. ليست الحلول فى إيقاف التشريد الجماعى.. وطمس هوية البشر والأرض فى وقت واحد، إنما الحلول فى معالجة جذور الصراع وصولًا إلى حل الدولتين.

وبينما القاهرة لا تألو جهدًا، ولا تبقى محاولة إلا بدأتها، ولا ثغرة إلا سدتها، فإن إسرائيل على الجانب الآخر مستمرة فى التهرب من مسؤولياتها.

تراوغ إسرائيل، وتستمر فى المراوغة.. وفيما هى تراوغ، فإنها تمضى فى عملياتها العسكرية وصولًا إلى رفح.. الخط الأحمر المصري. 

تمضى إسرائيل فى عملياتها فى رفح الفلسطينية وتستخدم المعبر من جانبه الفلسطينى للسيطرة على القطاع. للصبر حدود.. صحيح تمارس القاهرة فى تلك الأزمة صبرًا من النوع الاستراتيجى.. لكن للصبر الاستراتيجى حدود هو الآخر.. فيما كل الاحتمالات واردة.  تعمل مصر فى إدارتها لتلك الأزمة من منطلقات الرشد.. والرغبة فى السلام. تمارس القاهرة بحرفيتها المعروفة كل الضغوط على جميع الأطراف رغبة فى التوصل إلى حلول جذرية للقضية. 

لن تستمر آلة القتل. لا يمكن أن تستمر.. ولن تسمح القاهرة لعجلة النار أن تدور، دون أن يوقفها أحد.

(2)

عودة للأزمة فى تل أبيب، بينما أصداء عمل المحكمة الدولية تتردد. انضمام القاهرة لدعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل الأيام الماضية، ضربة جديدة لحكومة إسرائيل، والخلافات داخل مجلس الحرب فى تل أبيب هو جانب آخر من جوانب التصدع فى تلك الزمرة الحالمة بالقتل المتغذية على دماء الأطفال. 

منذ أيام، رجح محققون دوليون ومحامون احتمالية أن تصدر المحكمة الجنائية الدولية أوامر اعتقال بحق سياسيين وعسكريين إسرائيليين وقيادات من حركة حماس فى غزة. 

الأمور تتصاعد من جانب المحكمة الدولية، فيما أثارت تلك المعلومات مزيدًا من التخوفات داخل الحكومة فى إسرائيل، وتخوفات أكبر بالبيت الأبيض.

بعض المراقبين أكدوا أن توجيه تهم مباشرة لعسكريين إسرائيليين وارد خلال الفترة المقبلة، وفى المقابل استبق مسؤولون أمريكيون قرارات المحكمة بالنقد مشيرين أنه فى حالة ما إذا استدعت المحكمة عسكريين إسرائيليين فإن هذا يشير إلى أن المحكمة تسعى لاكتساب سلطة غير مسبوقة. 

بصرف النظر عن الخلاف، بين هذا وذاك.. أو بين ذلك الرأى وتلك الرؤية، فإن المحكمة الدولية قالت إنها تعمل وفق ما هو محدد لها من نطاق اختصاصات.

وما يتردد من احتمالات، انعكس على مزيد من الخلاف داخل مجلس الحرب فى تل أبيب.

خروج الخلاف بين يوآف جالانت وزير الدفاع، وبين نتنياهو مثال على ما يحدث فى تل أبيب من تصدعات.. وصراعات. 

فاسم جالانت، من بين الأسماء التي يشير مراقبون إلى احتمالية أن تصدر بحقه لوائح اتهام من المحكمة، إلى جانب نتنياهو وهرتسى هاليفى رئيس أركان جيش الاحتلال. 

الأسبوع الماضى، سأل جالانت بصوت عال نتنياهو فى جلسة لمجلس الوزراء السؤال الأزمة: هل لدى الحكومة هدف فى غزة؟ هل لدى الحكومة رؤية لما بعد الحرب؟

والسؤال الأكثر أهمية: هل لدى حكومة تل أبيب رؤية عن النقطة التي يمكن أن تتوقف الحرب فيها؟

لم يجب نتنياهو فى تلك الجلسة، والأمر لما خرج للصحافة فى إسرائيل، زادت الأمور بلة، وزادت السهام الشعبية فى مواجهة نتنياهو. 

قال الشارع فى إسرائيل أن نتنياهو الذي قال إنه لن يوقف الحرب إلا بعد القضاء على حماس، لم يستطع لليوم لا القضاء على حماس ولا إيقاف الحرب. 

ونتنياهو الذي قال إن إعادة الأسرى الإسرائيليين أولوية له ولقواته، بدأت قواته تتمرد عليه، بينما لم يعد الأسرى ولا يحزنون.  هل تمرد الجيش فى إسرائيل؟

هجوم وزير الدفاع يكفى للإجابة، وخروج الخلاف بينه وبين نتنياهو إلى العلن إجابة مناسبة تشير إلى ما آلت إليه الأوضاع فى تلك الحكومة.

ليس لتلك الحكومة رؤية. وما يتخوف منه نتنياهو وقادة الحرب فى بلاده سوف يقع.. وربما يجد نتنياهو نفسه فجأة فى مواجهة واقع لا يستطيعه ولا يقدر عليه بعد توقف الحرب التي لا بد لها أن تقف. 

جالانت الأسبوع الماضى، طالب نتنياهو بإعلان واضح بخصوص مستقبل الحرب فى غزة، وصمت نتنياهو عن الإجابة كان أزمة فى حد ذاته. 

لم يجب نتنياهو حتى الآن، ويبدو أنه لن يستطيع الإجابة على ذلك السؤال الفترة المقبلة. 

لكن الخطورة، هى أن رأى جالانت هو رأى المؤسسة العسكرية والأمنية، التي حاولت منذ أشهر أن تتحدث عن مخاوفها من فقدان إسرائيل أى قدرة على تسوية الأمور بسبب الاعتبارات السياسية الداخلية.

قبل شهرين، كان رئيس الأركان الإسرائيلى قد أرسل رسالة واضحة لمجلس الحرب يحذر فيها من خطورة عدم مناقشة البديل السياسى مستقبلًا فى القطاع لو توقفت الحرب الآن. 

قال هاليفى فى رسالته أن الأمور لا تتوقف فقط على التوقيت الذي يجب أن تقف الحرب فيه، إنما على شكل الأوضاع من الناحية السياسية بعد أن تتوقف آلات الجيش الإسرائيلى ومجنزراته.

لكن نتنياهو للآن يرفع بيارق مكتوبًا عليها: «لا مناقشة لأى خطة قبل القضاء على حماس».

لكنه للآن.. لم يقض عليها، لأنه ببساطة لن يستطيع القضاء على المقاومة.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز