عاجل
الأحد 2 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
يوم الشهيد
البنك الاهلي

ماتوا ليحيا الوطن في ذكرى يوم الشهيد..

شهداء مصر من الثورة العرابية إلى الشهيد عبد المنعم رياض

يطل علينا يوم 9 مارس، والذي يعتبر من الأيام المميزة في تاريخ مصر الحديث والمعاصر، والذي شهد أحداثًا وعلامات فارقة ستظل خالدة أبد الدهر. فقد شهدت مصر في يوم 9 مارس 1919 اندلاع الثورة الشعبية الأهم في تاريخ مصر وهي ثورة 19 التي أكدت على الاختمار الوطني وتحالف كل قوى الشعب على هدف واحد وهو المسألة الوطنية.



 

وفي 9 مارس أيضا من كل عام تحتفل مصر بيوم الشهيد؛ فالشهادة هي أسمى درجات الفداء من أجل مصر، والشعور الوطني الذي يتولد داخل كل مواطن يجعله على أتم استعداد للتضحية بكل غال ونفيس من أجل عزة وكرامة الوطن ووحدة وسلامة أراضيه.

 

الشهيد عبد المنعم رياض
الشهيد عبد المنعم رياض

 

ويرجع اختيار هذا اليوم بالتحديد، لأنه يوافق استشهاد الفريق عبد المنعم رياض- رئيس أركان حرب القوات المسلحة - يوم 9- مارس 1969 حينما توجه للجبهة في اليوم الثاني لحرب الاستنزاف ليتابع بنفسه نتائج القتال وسير العمليات، وأثناء مروره على القوات في الخطوط الأمامية شمال الإسماعيلية، أصيب إصابة قاتلة بنيران مدفعية العدو، فارق على إثرها أثناء نقله إلى مستشفى الإسماعيلية، وخرج الشعب بجميع طوائفه مودعًا ومشيعا جثمانه في مشهد مهيب، وسيظل تمثال عبد المنعم رياض في ميدان التحرير رمزًا للتضحية والفداء الذي قدمه أبناء مصر عبر عصورها المختلفة للدفاع عن أرضها، إبان الحملة الفرنسية وطيلة الاحتلال الإنجليزي الذي استمر أكثر من 72 عام، وكان المصريون في مقدمة المدافعين عن فلسطين في حرب عام 1948، ولعلي أذكر البطل الشهيد أحمد عبد العزيز الذي وضع الأساس الذي قام عليه تنظيم الضباط الأحرار فيما بعد" أن ميدان الجهاد الحقيقي هو مصر"، وأثناء العدوان الثلاثي على بورسعيد تجلت أسمى صور الفداء والتضحية، وخلال حرب الاستنزاف وحرب أكتوبر المجيدة والتي ثأرت مصر فيها لكرامتها وقضت على الغطرسة الإسرائيلية.

 

وإذا تأملت الهتافات الوطنية لا سيما في فترات الاستعمار سنجد أشهرها هتاف (نموت... نموت، وتحيا مصر)، فالمصري لديه العقيدة والإيمان بالوطن وكرامته وحريته، حتى ولو كان الثمن حياته من أجل يحيا الوطن.

 

 

 

الشهيد محمد عبيد

الأميرلاي محمد عبيد أحد الضباط الذين شاركوا في الثورة العرابية، كما شارك في المعارك ضد الإنجليز في كفر الدوار والقصاصين، ثم معركة التل الكبير عام 1882 والتي أظهر فيها بسالة عالية؛ حتى الرمق الأخير واستشهاده، والذي قيل عنه أنه ظل على مدفعه حتى انصهر جسده وتناثرت أشلاء جثته وقد تحدث الشاعر فؤاد حداد عن بطولة محمد عبيد قائلًا:

 

والأمهات بحري البلاد تناديه             دهب الحريم عيط عشان يفديه لأجل الولاد خلي البطل يضرب            يكسر صفوف الإنجليزي يضرب يا بنايين نضرب معاه الطوب                الفجر لمحمد عبيد مكتوب في الجنة عرض السيف مع دراعه            الملحمة أخلد من التماثيل كان حي ماله في الشجاعة مثيل            كان جسم في تراب الوطن مثواه

 

 

 

الشهيد جواد حسني

جواد حسني اسم سيظل خالدًا في تاريخ البطولة والبذل والفداء، طالب كلية الحقوق الذي تطوع في الحرس الوطني بعد وقوع العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، واستشهد يوم 2 ديسمبر من العام نفسه على يد الجيش الفرنسي، بعد أن تم أسره وتعذيبه، وتحمل كل أنواع الإيذاء والتعذيب ورفض أن يبوح بأي كلمة، فأوهمه القائد الفرنسي أنه سيطلق سراحه، وأمره بالخروج من حجرة الأسرى، وأثناء سيره أطلق الجنود الفرنسيون رشاشاتهم على ظهره فسقط شهيدًا.

 

 

 

ومن أروع الصور التي خلفتها تلك الملحمة هي رسالة للتاريخ تركها جواد حسني على جدران زنزانته، كتبها بدمائه:

 

" اسمي جواد طالب بكلية الحقوق... فوجئت بالغرباء يقذفون أرضي بالقنابل فنهضت لنصرته، وتلبية نداؤه والحمد لله لقد شفيت غليلي في أعدء البشرية، وأنا الآن سجين وجرحي ينزف بالدماء..... أنا هنا في معسكر الأعداء أتحمل أقسى أنواع التعذيب... ولكن يا ترى هل سأعيش؟ هل سأرى مصر حرة مستقلة؟ ليس المهم أن أعيش... المهم أن تنتصر مصر..... عاشت مصر حرة".

 

وقد أقيمت في بورسعيد مسلة الشهداء تخليدًا لذكرى شهداء العدوان الثلاثي والتي أمر ببنائها الرئيس جمال عبد الناصر لتظل رمزًا وتعبيرًا عن الصمود والشموخ لشهداء مصر.

 

ومن ناحية أخرى؛ فقد أقامت مصر نصبًا تذكاريًا يليق بشهدائها عبر العصور، ومستوحى من الحضارة المصرية القديمة، صمم على شكل هرم خرساني مفرغ على مساحة 10,000 م2، وبارتفاع 32 م ص وتحتوي كل وجهة على 18 سطر من الكتابة البارزة سجل عليها أسماء رمزية لشهداء مصر في مختلف الحروب.

 

أيها الشهيد الغالي: لقد كان يوم وفاتك يوم فخر وعز لنا، فقد سطرت بشهادتك هذه أسمى درجات العز والفخر والشرف من أجل دفاعك عن تراب أرضك ووطنك، ليس هناك أطهر وأعظم من تقديم الروح في سبيل الله تعالى، وليس هناك أي قيمة تعادل قيمة الشهادة في سبيل الله تعالى، لقد خلدت اسمك في عقول وقلوب أبناء الوطن أجمعين، وستذكرك الأجيال الحالية، والأجيال القادمة، وستتذكر تضحياتك وموتك من أجل أمن واستقرار وطنك.

 

لقد أصبحت ذكرى استشهادك محطة نتزود بها القوة والعزم والإرادة ونستشعر بمسؤوليتنا للسير على هذا الطريق، ستبقى خالدًا في صفحات التاريخ، وحيًا عند الله، ولا نملك في يوم ذكراك إلا أن نقول رحمك الله وأسكنك جناته العلا.

 

 

 

 

 

 
 

 

أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر  جامعة هليوبوليس

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز